"ذا كيتشن": فوضى كاملة

15 سبتمبر 2019
فشل الفيلم على كل المستويات الفنية (فيسبوك)
+ الخط -
المعطيات الأولية عن The Kitchen لأندريا برلوف، تُبشِّر بكونه فيلمًا جيّدًا، أو على الأقلّ مثيرًا للاهتمام. فهو مُقتبس عن قصّة مُصوّرة ناجحة، وبطولته قائمة على مُمثّلتين في أوجِ مسيرتهما، هما ميليسا مكارثي، المُرشّحة لـ"أوسكار" أفضل ممثلة، في النسخة الـ91 لعام 2019، عن دورها في Can You Ever Forgive Me? لمارييل هيلّر، أما الممثلة الثانية فهي إليزابيث موس، بطلة مسلسل The Handmaid's Tale، الفائزة عن دورها فيه بجوائز عدة. كما أنّه يسرد قصّة عصابة نسائية، في سبعينيات القرن الـ20، بشكلٍ يفتح الباب أمام تجربة سينمائية مختلفة.
إلّا أنّ هذه الأمور المبشّرة كلّها تحطّمت تمامًا، لكون الفيلم الإخراج الأول لبرلوف، التي عانت مشاكل عدم الخبرة، فتحوّل العمل فيه إلى كارثة سينمائية نادرة الحدوث.

الخطوط الأولى للقصّة تتشابه نسبيًا مع Widows، الذي أخرجه ستيف ماكوين العام الماضي. 3 رجال منتمون إلى عصابة، يُقبض عليهم، فتضطرّ زوجاتهم لإدارة الأعمال الإجرامية بدلاً منهم، في نيويورك عام 1978. ورغم أن "أرامل" ماكوين متواضعٌ للغاية، ومليء بمشاكل متعلّقة بمنطق حبكته والتواءاته الدرامية، إلا أنّه يعرف على الأقلّ عن ماذا يريد أن يحكي، حتى لو فشل في أن يحكيه، بينما تكمن أكبر مشكلة (من بين عشرات المشاكل الأخرى) في "كيتشن" (منطقة في ولاية نيويورك، تدور أحداث الفيلم فيها) في عدم إدراك برلوف حبكة فيلمها وخطوطه.

فالتصنيف الأساسي للفيلم هو "جريمة"، إذْ يتابع كيفية تولّي نساء قيادة عصابة، من دون أنْ يكون فيه مشهدٌ واحدٌ عن عملية ما تعبّر عن قوتهنّ، أو عن الصراع الذي ينتابهنّ. فيلمٌ عن قوّة النساء (كعادة أفلام هوليوودية كثيرة حاليًا)، من دون أن تفعل نساؤه أيّ شيء أكثر من الجلوس والتحدّث في غرفٍ مغلقة، أو التجوّل في شوارع المدينة. فيلم يحاول أن يكون دراميًا، وبشكل مأسويّ في ربعه الأخير، من دون أن نتعاطف، ولو للحظة واحدة، مع أيّ من بطلاته، أو أنْ نتفهّم تصرّفاتها أو دوافعها. فكلّ ما يحدث هو مَشَاهد عشوائية تتتابع في فوضى كاملة، وبقفزات غريبة على مستوى السرد والمونتاج.

إلى جانب فشل أندريا برلوف في خلق أيّ شيء جاذب، سينمائيًا على مستوى الصورة والمَشاهد، أو في كيفية سرد الأحداث ـ لتكون من المرّات المعدودة التي تظهر فيها قلّة خبرة، وربما قلّة موهبة أيضًا، لمخرج في السينما الأميركية إلى هذا الحدّ ـ فإن الكارثة الأكبر كامنة في الفشل، أيضًا، في إدارة ممثلات على هذا القدر من الموهبة، وفي تقديمهنّ أداءً تمثيليًا سطحيًا وفارغًا إلى هذا الحدّ، بحيث لم يصبح فقط فيلمًا حواريًا خاليًا من الأحداث أو الإثارة، لكنّ ممثلاته يُسمّعنَ السطور وجمل الحوار بالتتابع، إذْ تنتظر كلّ واحدة منهنّ انتهاء الأخرى لتقول جملتها، من دون انفعال أو مشاعر أو إضافة شيء للشخصيات.
ولولا أنّ مكارثي وموس، وشريكتهما الثالثة في البطولة تيفاني هاديش، أثبتن أنفسهنّ في الأعوام الأخيرة، بفضل أعمالٍ أخرى، فلربما قضى "كيتشن" على مسيرتهنّ السينمائية. أما برلوف، فربما تكون كاتبة سيناريو جيّدة، علمًا أنها رُشِّحت لـ"أوسكار" أفضل سيناريو أصلي عن عملها في Straight Outta Compton، الذي أخرجه أف. غاري غراي عام 2015. لكن، يصعب جدًا تصوّر وقوفها وراء الكاميرا مجدّدًا، بعد الفوضى التي قدّمتها في الـ"كيتشن" النيويوركي.
المساهمون