"خريف" الرئيس الفرنسي "العادي": هل يغيب اليسار في 2017؟

22 ابريل 2014
يحل "الاشتراكي" ثالثاً في استطلاعات الانتخابات الأوروبية (getty)
+ الخط -

لا تبدو أحوال الحزب الاشتراكي الفرنسي الحاكم بخير هذه الأيام. فالحكومة تتعرض لِصدّ ونفور من قِبَل قوى وأحزاب ومنظمات اليسار المتعدد، ومن داخل يسار الحزب الاشتراكي الحاكم نفسه، على خلفية شروع توفير 50 مليار يورو في ثلات سنوات، وإجراءات التقشف المرافقة له، والذي يرى فيها اليسار، ضربةً مؤلمة للفقراء وأصحاب الدخل المحدود في فرنسا، على الرغم من تقبّل نصف الفرنسيين لفكرة تجميد المساعدات الاجتماعية.

فرنسا مدعوّة لتضحيات قاسية، وقد عبّرت عنها قرارات سابقة لحكومة فرانسوا هولاند، تُلزِم أصحابَ الثروات بدفع ضرائب تصل إلى 75 في المئة من ثرواتهم، وهو ما دفع بكثيرين من النجوم الفنانين والرياضيين إلى هجرة فرنسا والاستقرار في دول مجاورة، وحتى في روسيا، كما فعل عملاق السينما الفرنسية جيرار ديبارديو.

ولا تساعد الفضائح التي تخرج من البيت الاشتراكي الفرنسي، ولعلّ آخرها فضيحة مستشار الرئيس هولاند وأقرب معاونيه، أكيلينو موريل، وصاحب فكرة فرض ضريبة الـ75 في المئة على الدخل، والذي يُطالب اليمين باستجوابه في البرلمان من قبل لجنة الشؤون الاجتماعية، على تسهيل مهمة هولاند الذي أراد فترة حكمة فترة "عادية" باعتباره "رئيساً عادياً" كما يحب أن يصف نفسه. ولكن الفرنسيين لم يعودوا يرون هذه "العادية" في شيء؛ فلا رئيسهم يركب القطار بدل الطائرة، ولا شؤون حكمهم تُدار بالشفافية التي تعلو على كل شبهة، بل عادت أجواء الدسائس التي طبعت فترةَ فرانسوا ميتران (الذي يُجاهد هولاند ليتشبه به)، كذلك الفضائح تعود بقوة، مُثيرة شغف صحف الإثارة.

لقد أصبح الحزب الاشتراكي في وضع يُربِك حتى الأصدقاء والمحسوبين عليه، فحتى ماثيو بيغاس، رجل الأعمال المقرّب من اليسار، مالك مجلة "ليزانروكوبتيبل" les Inrockuptibles‎، وأحد المساهمين في رأس مال صحيفة "لوموند" ومجلة "لو نوفيل أوبسرفاتور"، سمح لنفسه بانتقاد جمود الحكومة وخرج بكتاب فيه نقد مُبطَّنٌ للرئيس "العادي" يحمل عنوان: "مديح الانحراف".

ولكن، ماذا لو تكررت "مأساة" الاشتراكيين سنة 2002، حين فشل مرشحهم ليونيل جوسبان في الوصول إلى الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، وصعد مكانه جان ماري لوبين، اليميني المتطرف؟ يتكرر هذا التهديد مع استطلاعات الرأي التي تمنح الحزب الاشتراكي الدرجة الثالثة (19,5 في المئة)، بعد اليمين المتطرف (23 في المئة) واليمين (22,5 في المائة) في الانتخابات الأوروبية المقبلة.

ما الذي تستطيع أن تفعله، حقاً، حكومة امانويل فالس قبل انتخابات الأوروبية في 25 مايو/أيار 2014، حتى تقلب هذه المعادلة، وتجعل قلوب الفرنسيين تهتز يساراً؟

قال ميتران مرة، لروائية فرنسية صديقة، إن فرنسا بلد يميني وإن انتصاره في الرئاسة "ليس سوى حدثٍ تاريخي عابر". قد يقول قائل إن هولاند أعاد الكرّة وفاز اليسار، وهنا يعلق كاتب فرنسي كبير في صحيفة "لوفيغارو" بالقول إن "الفرنسيين انخدعوا بكلمة الرئيس العادي"، وها هُم نادمون على انتخابه.

استطلاعات الرأي، اليوم، تتنبّأ بغياب أي مرشح يساري في الانتخابات الرئاسية للعام 2017، وتشير إلى أن مارين لوبين ستكون حاضرة في مواجهة أي مرشح يميني آخر، سواء كان نيكولا ساركوزي أو ألان جوبي.

ألا يدل هذا على أن فرنسا بلد يميني، بامتياز؟