"ثور: راغناروك": مارفيل تُجدد دماءها برهانات ناجحة

09 نوفمبر 2017
المخرج النيوزلندي تايكا واتيتي (Getty)
+ الخط -
بين 16 فيلماً سابقاً في عالم "مارفيل" السينما، كان جزئي Thor من أقلها نجاحاً وشعبية مع الجمهور، صحيح أن الشخصية تظلُّ مهمة ضمن مجموعة الأبطال الخارقين، وتصنعُ شراكات مميزة مع الآخرين، وتحديداً "هالك"، إلا أن هناك فتوراً حين يكون البطل الأساسي للفيلم، ربما بسبب طبيعة الشخصية كإله في كوكب آخر، أو بسبب حسِّه الكوميدي الضعيف، والطبيعة الكلاسيكيّة للعملين اللذين حملا اسمه. ولكن المهم في كل هذا أن شركة "مارفيل" كانت تدرك المشكلة، ولأن هذا الجزء هو الأخير قبل Avengers: Infinity War (والصراع الضخم بين كل أبطال السلسلة الخارقين)، فقد قامت بعدة رهانات مغامرة وناجحة ومختلفة، جعلت من فيلمها السابع عشر ليس فقط الجزء الأفضل لـ"ثور"، ولكنه أيضاً من أفضل أفلام عالمها السينما بشكل عام. 

دماء جديدة


القصة في ذاتها لم تكن المعنية بالتجديد، فهي تقليدية وبسيطة، عن إلهة الموت "هيلا" التي تقرر التخلص من "ثور" ونفيه في كوكب آخر بعيداً عن "آزغارد" من أجل تنفيذ مخططاتها الاستعمارية للكون. وفي سبيل الاستعداد مرة أخرى لمواجهة "هيلا"، يبدأ "ثور" في تكوين فريق من الأبطال الخارقين للعودة لموطنه، وعلى رأس مساعديه يكون الدكتور "بروس بانر" أو "هالك". 

أول وأهم ملامح التجديد في هذا الجزء هو قرار "مارفيل" الجريء في الاستعانة بالمخرج النيوزلندي، تايكا واتيتي، ليقف وراء الفيلم، على الرغم من أن مسيرته لا تحتوي على أكثر من فيلمين مستقلين بحس كوميدي وسينمائي مختلف. إلا أن ذلك كان كافياً للشركة كي تراهن وتضع في يده 180 مليون دولار، ليخرج الجزء الختامي لأحد شخصياتها الرئيسية، وهو أمر موفق إلى أبعد حد. فلا شك في أن 16 فيلماً سابقاً في العالم السينمائي، جعلت بعض التفاصيل والصراعات ومشاهد الحركة متوقعة، بل أن انفعالات الشخصيات وتحولات الحبكة تكون كذلك أحياناً. واتيتي في المقابل كان الدماء الجديدة التي غيرت من كل هذا، حيث حول "ثور: راغناروك" إلى فيلم طازج ومختلف تماماً عن كل ما سبق تقديمه.

تغيّر بتفاصيل "ثور"


ثاني الرهانات، وهو أمر حدث بناء على رهان واتيتي، هو التخفف من الملامح الحاكمة لشخصية "ثور" ودفعها للأمام نحو صورة أكثر تطوراً. أهم النقاط في ذلك على سبيل المثال هي خسارته للمطرقة العملاقة التي تميز شخصيته في بداية الفيلم، ومن وراء ذلك تفاصيل أخرى مثل نفيه، وكونه الطرف الأضعف، والسخرية منه في أكثر من موضع، حتى مبادئه ورؤيته الصارمة للصواب والخطأ تصبح موضعاً للضحك واللحظات الساخرة، وهو أمر أفاد روح الفيلم. وأتى منه الرهان الثالث وهو أن تزيد جرعة الكوميديا في هذا الجزء، أكثر ربما من أي عمل آخر لـ"مارفيل"، استغلالاً، وبالأساس، للكيمياء المدهشة بين "ثور" و"هالك" منذ جزء Avengers الأول، وأيضاً للجوانب المضحكة في شخصية "لوكي". ورغم تلك الجوانب الكوميدية جداً طوال الأحداث، إلا أن ذلك لم يفقد الفيلم جديته في اللحظات الدرامية المضبوطة.



تقريب عوالم "مارفيل" المختلفة
رابعاً، كان من المهم للشركة تقريب العوالم والأكوان الخارقة المختلفة، استعداداً للصراع المنتظر في Infinity War، ليبدأ هذا الدمج والتقريب من هنا في "راغناروك"، وتحديداً مع عالم Guardians of the Galax، وبعيداً عن الاستفادة المنطقية على المدى البعيد في ربط العوالم، فإن هذا الفيلم تحديداً استفاد بشدة من اختلاف الألوان وشكل الموسيقى لبث روح مختلفة. فبدلاً من الصورة الكلاسيكية السابقة، والـ"بالية" القاتمة التي تميل للذهبي والأصفر، فجأة أصبح كل شيء ملوناً كـ"حراس المجرة"، وباستخدام ثوري وجنوني للموسيقى التصويرية والأغاني، مما جعل شريط الصوت شديد الغِنى والذكاء والخصوصية. ومرة أخرى ساهم في طزاجة هذا الفيلم عن أي عمل آخر في السلسلة.

رهان ناجح على بلانشيت


وأخيراً، كان الرهان على الممثلة كيت بلانشيت بارعاً، صحيح أن أداءها جاء عادياً، وأدت الدور بالخبرة أكثر مما هو بالاجتهاد، إلا أن ثقلها كممثلة جعل كفة الشر أكثر قوة، ولها من الجاذبية ما يمكن أن يوازي جانب الخير، خصوصاً إذا وضعنا في الاعتبار أن كريس هيسمورث في دور "ثور" يظهر هنا في أفضل أحواله، وأن مارك رافالو يَلمع بـ"هالك" كالعادة، ويجعله من شخصيات المتفرج المفضلة. ولهذا، كان وجود بلانشيت على الجانب الآخر مهماً، وحضورها مفيداً للفيلم، تماماً مثلما كان حضور الممثل الكبير، مادس ميكلسين، مفيداً لـ Doctor Strange في العام الماضي.


كل تلك الرهانات الناجحة جعلت هذا الفيلم مختلفاً، وأخفت حتى عيوبه المتمثلة في تقليدية تنفيذ وتصميم مشاهد الحركة، وعدم وجود شيء مميز في تتابعات "الأكشن" الطويلة قياساً على ما شاهدناه سابقاً في السلسلة، إلا أن كل مميزات الفيلم المتمثلة في طبيعة الشخصيات، وشكل التصوير وألوان العالم، والاستخدام الممتع للموسيقى، ودرجة الكوميديا وحس التجديد العالي في المشاهد، والأداءات التمثيلية الأكثر من جيدة، كل هذا حوله لعمل ممتاز، وختام رائع للشخصية قبل الوصول للحرب الكبرى.




المساهمون