يبدأ العرض، الذي قدّم الأسبوع الماضي في لندن، بالفتى ثائر الذي لم يتجاوز الثانية عشر من العمر، اللاجئ الفلسطيني في مخيّم اليرموك في سورية. يبدو ثائر متوتراً على متن مركب للمهاجرين. جلّ ما يذكره، وجه مدرّسته التي أبلغته بعد أن أخليت المدرسة نتيجة القصف، أنّ منزل ذويه دُمّر، قبل أن تتركه لمصيره وتهرع للاطمئنان على زوجها المصاب في المستشفى.
يسلّط العمل الضوء، على ما يدخل ضمن المسكوت عنه في مجتمعاتنا، وكيفية تأثيره على فتى يافع، بين جمع من الغرباء، وحالة الهلع والإحراج والغموض التي تنتابه. تبرز هنا حاجة ثائر، لوالده أو صديقه سلمان، الذي رافقه في طريق الهروب بعد أن تنكّرا بالأعشاب والأغصان خوفاً من جميع أطراف القتال التي انتشرت في البلاد. بيد أنّه، ما لبث أن تخلّى عن فكرة الرّحيل حين وطئت قدماه حدود تركيا.
يظهر العمل تكرار المأساة منذ أن هَجّرت "إسرائيل" أهالي كليهما من قرية صفد في 1948، حيث سار أجدادهما أميالاً للنجاة بأرواحهم هرباً من العصابات الصهيونية. واليوم يختبر وصديقه سلمان التجربة ذاتها لكن على بقعة جغرافية مختلفة.
في المشهد الثاني، تبدو نيبال، ابنة السبعة عشر عاماً، وقد ملّت ذلك الزواج التقليدي الذي يسعى إليه والدها. ترفض العريس تلو الآخر، حتى يتقدّم إليها من يعجز والدها عن رفضه خوفاً على وظيفته. ثم نرى نيبال تقع في غرام شاب مطارد من جيش الاحتلال الإسرائيلي بعد أن تسمح له بالاختباء بمنزلها.
يسرد مسعود، جانباً مما يتعرّض له الشعب الفلسطيني، وكيف حملت والدة نيبال بها، بينما والدها قابع في السجن، والتصميم والصمود الذي يتمتّع به هذا الشعب.
أمّا زيد، ابن العشرين عاماً، سائق التاكسي، فيبدو منهمكاً في البحث عن فتاة على أحد مواقع المواعدة، لأنّ مقابلة إحداهنّ على أرض الواقع تحمل مخاطر جمّة. وأخيراً يطلّ علينا سامي الذي يحلم أن يصبح ممثلاً، ويتجاهل السياسة وما تمرّ به البلاد من أزمات، لتحقيق هدفه بأن يصبح نجماً عالمياً.
في حديث لـ"العربي الجديد" يقول المخرج إنّ "عمله يحاول أن يروي واقع الشباب في فلسطين ومخيمات اللاجئين في سورية، وكيفية تعاملهم مع الظروف المحيطة بهم ومحاولتهم تجنّب الوضع السياسي". ومن خلال الفتى ثائر يبيّن كيف يمكن لأبسط الأمور أن تربكه حتى في جسده الخاص. ويتابع أنّنا لا نتحدّث عن التبدّلات التي تحدث في أجسامنا، بل نقمعها ونعاقب أطفالنا إن تساءلوا عنها.
يشير مسعود إلى أنّ تلك الأمور التي تعتبر من المحرّمات في مجتمعاتنا، كانت من أكثر المشاهد إثارة للضحك لدى الجمهور البريطاني الذي ينظر إليها بغاية البساطة. كما يعتبر أن الشاب جيمس شعراوي، أبدع في تمثيل جميع الشخصيات، بأسلوب كوميدي لا يخلو من النقد للمجتمع الفلسطيني.