تستحقّ تجربة الكاتب والفنان اللبناني أمين الباشا (1932) الوقوف عندها بعد أكثر من ستّة عقود قضاها في رسم مدينته بيروت بالألوان المائية والزيتية والباستيل والغواش وكذلك على الخشب في رسومات وأعمالٍ نحتية عديدة شاركت في تظاهرات دولية منذ الستينيات.
"مقطوعات وألوان: تحيّة إلى أمين الباشا" عنوان المعرض الذي يحتضنه "متحف سرسق" البيروتي في 14 من الشهر الجاري، ويتواصل حتى 12 آذار/ مارس المقبل، ضمن سلسلة معارض يعتزم المتحف تنظيمها لعدد من روّاد الفن التشكيلي اللبناني.
يضم المعرضّ لوحات ومنحوتات خشبية أنجزها صاحب كتاب "زهراء الأندلس" (2014) ما بين الخمسينيات وصولاً إلى العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وهي التي ضمّنها في كتابه الضخم "بيروت أمين الباشا - مائيات ورسوم 1953- 2009"، الذي أصدره منذ ثماني سنوات.
تعكس الأعمال المعروضة علاقة الفنان بالتجريد واحتفائه باللون منذ العمل الأوّل، وهو الذي تخرّج من "الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة"، ثم أكمل دراسته في أكاديمية "دي لا غراند تشومبير" في باريس التي ظلّ يتنقّل بينها وبين بيروت حتى اليوم، رغم أن الأخيرة هي التي شكّلت تجربته وسكنت معظم أعماله.
تظهر المقاهي التي كانت تطّل على ساحة رياض الصلح في رسومات تلك المرحلة، التي تعدّ في احد أبعادها توثيقاً للعاصمة اللبنانية في حقبة معينة، حيث أغلق أكثر من مقهى وتغيّر شكل بعضها الآخر، وفي مراحل لاحقة تعكس اللوحات طول تأمّل وترقب للمكان وتحوّلات المعمار والتغيرات الاجتماعية فيه.
ورغم رسمه ليوميات الحرب الأهلية اللبنانية (1975 – 1990) إلا أنها لم تكن أكثر من خلفية "تعبّر عن الفوضى بالنسبة إلى فنان ينتمي إلى النظام ويعبّر عنه"، وفق ما قاله في إحدى المقابلات، وهي خلاصة تقود إلى تطوّر لوحته التي أخذت تنحو إلى البساطة مع امتداد التجربة، في تفكيك أوضح للواقع الذي تستوحيه.
يُذكر أن أمين الباشا أصدر عدّة كتب؛ من بينها: "دقات الساعة" (2010) و"شمس الليل" (2012)، و"زهراء الأندلس" (2014) وهي ثلاث مجموعات قصصية احتوى بعضها على رسوماته، إلى جانب مسرحيتين، هما: "المنتحر" (2009)، و"أليس: مسرحية من سبعة مشاهد" (2012).