"بلطجة" في صفوف المغرب

29 مارس 2016
ضروة إصدار قانون يجرّم استهداف الكوادر التربوية (فرانس برس)
+ الخط -

تتعدّد أساليب العنف و"البلطجة" في المؤسسات التعليمية في المغرب. ولا يتردد بعض التلاميذ في تعنيف مدرسيهم، أو العكس. من جهة أخرى، قد يدخل الغرباء على الخط، من خلال التهجم على مؤسسات تعليمية في البلاد لأسباب عدة.

في هذا الإطار، يحذّر متخصّصون تربويون مغاربة من تفشي البلطجة في مدارس البلاد، والذي قد يؤثر على العملية التعليمية، ويفرز ظواهر تربوية سلبية تقلل من قيمة الأستاذ والتلميذ على السواء. ويطالبون بإعادة النظر في العلاقات التي تربط مختلف مكونات المدرسة.

قبل فترة، تعرّض التلميذ معاذ ب. للتعنيف من قبل أستاذه في إحدى المؤسسات التعليمية في مدينة الرباط. يقول لـ "العربي الجديد" إنه لطالما رفض طريقة استهزاء مدرسه به. ولمّا احتج، صفعه حتى سقط أرضاً، قبل أن يطلب منه الصفح حتى لا تتطور الأمور. يضيف أنه لم يخبر عائلته بما تعرض له، خشية تعقد الأمور. في الحصة التالية، تصالح مع أستاذه بحضور التلاميذ والطاقم التربوي في المدرسة.

يتابع التلميذ، أن السبب الرئيسي للعنف والبلطجة يكمن في أن "الأستاذ يتصرف أحياناً بعنجهية وتكبّر مع التلميذ، ويشعر بأنه كائن لا يمكن أن يُناقش أو يُنتقَد، ما يؤدي إلى وقوع صدامات". وفي حالة أخرى، يقول أستاذ في إحدى المدارس في ضواحي الرباط لـ "العربي الجديد"، إنه سبق وأن تعرض أكثر من مرة لبلطجة من قبل تلاميذه، وذلك طوال ربع قرن من مسيرته التعليمية، قبل أن يُحال إلى التقاعد العام الماضي. ويلفت إلى أن "حالات بلطجة التلاميذ ضد المدرسين كثيرة"، فخلال السنة الأخيرة التي مارس فيها عمله، تعرّض لبلطجة بعض التلاميذ خارج المدرسة، وقد فاجأوه وهو في طريقه إلى بيته، وأحاطوه من كل جانب قبل أن يتناوبوا على لكمه وجره من ثيابه بطريقة مهينة. ولم يفلت منهم إلا بعد مرور والد أحد المعتدين صدفة.

يعزو المدرس سبب بلطجة تلاميذه إلى رفضهم صرامته في التدريس، وأسلوبه في ضبط الصف، ومعاقبة المتغيبين من دون عذر مقبول. ويشير إلى أن حالات بلطجة التلاميذ كثيرة، ولا تصل في كثير من الأحيان إلى القضاء بسبب الضغوط التي يتعرض لها من إدارة المدرسة أو عائلة التلميذ المعتدي.

إلى ذلك، فإن حالات البلطجة، بحسب وسائل الإعلام المحلية، قد تمتد إلى اعتداء غرباء على المؤسسة التعليمية بغرض التخريب أو السرقة، أو الاعتداء على الطاقم التعليمي والتربوي لتصفية حسابات أو ما شابه ذلك. وقد تعرضت مدرسة في مدينة سلا قبل فترة لهجوم من قبل أشخاص مدججين بعصي وأسلحة بيضاء.

وفي بعض الأحيان، لا يتردد عدد من أولياء الأمور في تعنيف المدرسين. وفي هذا السياق، يقول المدرس في إحدى المدارس الحكومية في الرباط، عبد الله بن مسعود، لـ "العربي الجديد"، إنه "في أحيان كثيرة، يتأثر الوالد بسبب شكوى ابنه وبكائه، فيصب جام غضبه على المدرس. وقد يتطور الأمر إلى حد تعنيفه أو ضربه، والتصرف كأي بلطجي داخل المدرسة".

ويرى المدرس أنه يجب على الآباء التريث خلال التعاطي مع مشاكل أبنائهم، وأن ينصفوا المدرس ولا يعتبروه عدواً، بل مشاركا رئيسياً للأسرة في التربية، علماً أن التلاميذ يمضون وقتاً طويلاً في المدرسة"، مضيفاً أن الخاسر في أعمال البلطجة والعنف، سواء كانت من الأب أو التلميذ أو المدرس، هو المدرسة في المغرب.

وبهدف الحد من حالات الاعتداء والبلطجة في محيط المدارس المغربية، طالب الكاتب العام للنقابة العامة للتعليم الثانوي، فخري السميطي، السلطات المسؤولة، بالإسراع في إصدار قانون يجرم تلك التصرفات التي تستهدف الكوادر التربوية في المدارس، بالإضافة إلى التلاميذ في محيط المؤسسات التعليمية.

بدورها، ترى الباحثة في علم الاجتماع، ابتسام العوفير، أن "العامل الاجتماعي والنفسي حاضر بقوة في سلوكيات البلطجة المدرسية، سواء لناحية تعنيف التلميذ من قبل مدرسه، أو تعنيف الأستاذ من قبل تلميذه، أو تعرض الطرفين للعنف من قبل آخرين داخل المدرسة أو خارجها". تضيف أن "الضغوط الاجتماعية التي يتعرض لها التلميذ من قبل أسرته أو زملائه أو محيطه المدرسي قد تلعب دوراً سلبياً في كيفية التصرف مع الأستاذ. كما أن الدور الرمزي الذي كان للمعلم تضاءل بسبب تغير قيم المجتمع، ولم يعد ذلك الرسول الذي يبجله الناس، بل أضحى مجرد موظف ينال من الانتقاد أكثر من الإشادة".

اقرأ أيضاً: توائم مغاربة قاوموا الفقر والمرض
المساهمون