"بشمركة" هنري ليفي: المفاجأة غير السارة

17 مايو 2016
(من الفيلم)
+ الخط -

مفاجأة "غير سارّة" تصنعها إدارة مهرجان "كان" السينمائي الدولي، بعد أيام قليلة على بدء الدورة الـ69، في 11 مايو/ أيار الماضي. مفاجأة لا يُمكن تجاوزها، أو التغاضي عنها، لارتباط مضمونها بآلية عمل الإدارة هذه في اختيار الأفلام أولاً، ولتناقض المضمون هذا مع قرارٍ سابقٍ لها ثانياً، ولتزامنها مع تراجعٍ ملحوظٍ عن الرضوخ لمطلب اللوبي اليهودي في المدينة الساحلية الفرنسية هذه، بخصوص عرض مقتطفات من فيلم وثائقي فلسطيني جديد، ثالثاً.

ذلك أن إدارة المهرجان أعلنت، أمس الإثنين (16 مايو/ أيار الجاري)، موافقتها على عرض "بشمركة"، الفيلم الأخير لـ برنار ـ هنري ليفي، الفرنسي الصهيوني، في "حفلة خاصة" مساء 20 مايو/ أيار الجاري.

إعلانٌ يُشكّل نوعاً من صدمةٍ لدى العاملين في المجال السينمائي، إذ لم يتردّد البعض عن التعبير عن مفاجأته بمخالفة واضحة للنظام المعمول به في المهرجان، والقاضي بعدم قبول أي فيلم يُقدَّم لها خارج الفترة الزمنية الممتدة بين الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 و15 فبراير/ شباط 2016.

فهل تخضع إدارة مهرجان "كان"، المُصنَّف في الفئة الأولى دولياً، لابتزاز يهوديّ، يستعين به ليفي دائماً في سجالاته وطروحاته ومساراته المهنية؟ ألم "تُتَّهم" الإدارة نفسها بخضوعها للّوبي اليهودي في مدينة "كان"، لمنع عرض ربع ساعة من "ميونيخ: قصّة فلسطينية" للفلسطيني نصري حجّاج، ضمن "سوق دبي السينمائي"، المُقام بتنسيق مباشر مع المهرجان الدولي هذا؟

صحيح أن عرض ربع ساعة من الوثائقي الفلسطيني غير المكتمل لغاية الآن تمّ أمس الإثنين، في الموعد المحدَّد سابقاً، إذ أجازته إدارة المهرجان، بعد أكثر من إعلان ـ رسمي أو غير رسمي ـ برفضها العرض.

لكن، وبعد إدخال "بشمركة" لبرنار ـ هنري ليفي في خانة "الخيار الرسمي"، وعرضه خارج المسابقة الرسمية، يُطرح سؤالٌ: هل تمّت الموافقة على عرض ربع ساعة وثائقية، في مقابل عرض فيلم وثائقي كامل، يُصوّره مُخرجه ويُنهي تنفيذه في الأشهر الثلاثة السابقة؟

لن يُجيب أحدٌ على تساؤل كهذا. لكن إدخال "بشمركة" بعد أسابيع عديدة على انتهاء موعد قبول الأفلام الجديدة، وبعد أيام قليلة على بدء الدورة الجديدة، يضع علامة استفهام كبيرة حول "مصداقية" إدارة المهرجان الدولي، خصوصاً أن كلاماً كثيراً يتردّد الآن أيضاً، حول "رفض" الفيلم الأخير للصربيّ أمير كوستوريتزا، المعنون بـ"درب التبانة" بالفرنسية (أو "طريق الحليب" بالإنجليزية).

كلامٌ يقول إن السبب الرئيسيّ للرفض نابعٌ من المواقف المؤيدة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، التي يُعلنها المخرج الصربيّ دائماً، وهو الذي صرّح، في منتصف الشهر الماضي، بأنه غير متحمِّسٍ للمشاركة في الدورة الجديدة لـ"كان"، وبأنه لم يكن يعلم الموعد النهائي لتقديم الفيلم، وبأنه لا يزال يشتغل على تحقيق العمليات الفنية الأخيرة لمشروعه هذا.

لن تكون مشاركة ليفي في "كان" الأولى من نوعها. فضمن خانة "الخيار الرسميّ" أيضاً، تمّ عرض "البوسنة" في دورة العام 1994، المتوغّل في أحوال الحرب في يوغوسلافيا السابقة (1992 ـ 1995)، قبل ثمانية أعوام على عرض "قَسَم طبرق" (2012)، الذي ينقل وجهة نظره في الحرب الأهلية الليبية (2011). أما الصربي أمير كوستوريتزا، فحاصلٌ على سعفتين ذهبيّتين من "كان"، أولى في العام 1985 عن "أبي في رحلة عمل"، وثانية في العام 1995 عن "أندرغراوند".

في المقابل، يثير عرض ربع ساعة من "ميونيخ، قصة فلسطينية" ارتياحاً لدى بعض مشاهديه، ومنهم السينمائي البريطاني كن لوتش، الذي يُشارك فيلمه الأخير "أنا، دانيال بلايك" في المسابقة الرسمية للدورة الحالية، التي تختتم مساء الأحد المقبل.

الفيلم الوثائقي الجديد للفلسطيني نصري حجاج يسرد الرواية الفلسطينية للعملية الفدائية التي يُنفّذها مناضلون فلسطينيون منتمون إلى "منظمة أيلول الأسود"، أثناء الألعاب الأولمبية 1972 في ميونيخ. رواية يسردها آخر الفلسطينيين الناجين الأحياء من العملية، التي يُقتل فيها 11 لاعباً إسرائيلياً وشرطياً ألمانياً "غربياً" وخمسة من الفدائيين الثمانية، منفّذي العملية.



دلالات
المساهمون