في مدارس غزّة، يشارك التلاميذ في انتخابات، يختارون من خلالها ممثلين عنهم في "برلمان طلابي" ارتأته وكالة "أونروا" لمواجهة بعض الأزمات الحالية
يُعَدّ العام الدراسي الذي انطلق أخيراً، الأسوأ على تلاميذ غزة، مع اشتداد الأزمات، لا سيّما أزمة وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وأزمة رواتب الموظفين، بالإضافة إلى انهيار الاقتصاد في القطاع المحاصر عموماً، وتأثير ذلك على تلبية احتياجات التلاميذ المدرسية. وسط كل ذلك، يبرز "البرلمان الطلابي" الذي يتألّف من تلاميذ من مدارس مختلفة في القطاع، يتناقشون كمجلس في سبيل البحث عن حلول لمشكلات التلاميذ وخلق حلقة وصل بين هؤلاء وبين إدارات المدارس ووكالة أونروا.
يُختار أعضاء هذا البرلمان من خلال عملية انتخابية يشارك فيها التلاميذ في مختلف المدارس، ليكونوا صوتهم في داخل المدرسة وخارجها. ومع اشتداد أزمات التلاميذ، ينشط أعضاء البرلمان بهدف تسليط الضوء على أبرز معوّقات التعليم التي تواجههم في مجتمعهم المحاصر، لا سيّما مع غياب المرشدين النفسيين في المدرسة. تجدر الإشارة إلى أنّه تمّ الاستغناء عنهم في بداية العام الدراسي الجاري، من ضمن سياسة تقليص عدد موظفي أونروا نتيجة أزمة التمويل الكبيرة.
تهاني اللوح، مدرّسة المواد الاجتماعية والقائمة على البرلمان الطلابي في مدرسة بنات الرمال الإعدادية "أ"، تصف البرلمان بأنّه "صوت التلاميذ الوحيد وسط الأزمات التي يعيشونها في بيوتهم وفي مدارسهم". وتؤكد أنّها تشجّع تلميذات المدرسة على انتخاب فتيات يمثّلنهنّ كوسيط بينهنّ وبين الإدارة ويساعدنهنّ في شؤون مختلفة بصفتهنّ هيئة صغرى.
وتتحدث اللوح، لـ"العربي الجديد"، عن "مشكلات كثيرة تتفاقم لدى التلميذات، ولعلّ أولاها المشكلات المادية التي تعانيها أسرهنّ. ثمّ يأتي تخوّف كبير من الإعلان فجأة عن توقّف عمل مدارس أونروا. كذلك، لا تجد من يلجأنَ إليه للشكوى وما إليها، مع الاستغناء عن المرشدات النفسيات، بالإضافة إلى تقليص عدد مدرّسات التربية الرياضية. يُذكر أنّ أونروا اضطرت إلى تكليف مدرّسات مواد أخرى بالتربية الرياضية". وتشير اللوح إلى أنّ "كثافة تلاميذ غزة في الفصول هي أبرز الأسباب التي دفعت أونروا إلى فكرة البرلمان الطلابي، إلى جانب مشكلة القرطاسية عند النسبة الأكبر من التلاميذ"، مضيفة أنّه "بناءً على ذلك، كثّفنا الجلسات التحفيزية لأعضاء البرلمان، لأنّنا نأمل أن يمثّل صوت التلاميذ أمام الأمم المتحدة في أيّ فرصة قريبة. وأن يتوجّه تلاميذ غزة إلى الأمم المتحدة أمر يجعل العالم يلتفت إلى غزة وإليهم".
اقــرأ أيضاً
نور علوان (12 عاماً) من الصف الثامن، هي رئيسة البرلمان الطلابي في مدرسة بنات الرمال الإعدادية "أ"، وتخبر أنّ زميلاتها التلميذات اللواتي يتوجّهنَ لها يشكينَ من أزمات مالية تواجهها عائلاتهنّ، مضيفة أنّ "كثيرات هنّ التلميذات اللواتي يطلبنَ منّي التوسّط لدى إدارة المدرسة للتخفيف من الطلبات المتعلقة بالمستلزمات المدرسية، وإلغاء لوازم الأنشطة التي تسجّل من ضمن الدرجات وتوفير قرطاسية للواتي يحتجنها، على أن تُسلّم لهنّ بطريقة غير علنية حفاظاً على مشاعرهنّ". وتقول علوان: "كلاجئة، تأثرت كثيراً من جرّاء أزمة أونروا، ولاحظت التدهور الكبير الذي طاول التلميذات في الفصول، في حين أنّهن يشعرنَ بالخجل من ظروفهنّ الصعبة، لا سيّما عندما يعجزنَ عن تأمين بعض المستلزمات المدرسية". وتشير إلى أنّه "عندما رشّحت في البداية، شعرت بمسؤولية كبيرة وصعوبة، لكنّني اليوم أحبّ دوري وأحبّ مدرستي، وقضيتي إنسانية وتعليمية ووطنية".
عيسى مزيد، مدرّس المواد الاجتماعية والقائم على البرلمان الطلابي في مدرسة الزيتون للذكور الإعدادية "أ"، يقول لـ"العربي الجديد" إنّ "البرلمان الطلابي مشروع من ضمن مشاريع حقوق الإنسان وحلّ النزاعات، وصار جزءاً أساسياً من منظومة المدارس في القطاع، وهو يخلق شخصيات قيادية طلابية، ويساعد التلاميذ في تنمية قدراتهم على فضّ النزاعات وحلها، مع خلق تواصل مع المجتمع المحلي من خلال زيارة مؤسسات المجتمع المدني الخاصة بحقوق الإنسان". ويشرح أنّ "عدداً من المدرّسين يشرف على تدريب التلاميذ في البرلمان على حقوق الإنسان والمهارات القيادية وكيفية التعامل تحت ضغط الأزمات، إلى جانب مهارة الوساطة الطلابية التي تساهم في إزالة عقبات عدّة. بالتالي، يعمد الأعضاء إلى جلسات نقاشية في داخل الفصول لتسليط الضوء على أبرز المشكلات التي يجمع عليها التلاميذ، وللتصويت ولانتداب الأعضاء للتواصل مع إدارة المدرسة وحمل المقترحات لمناقشتها معها".
ويلفت مزيد إلى "عدم توفّر ميزانية للبرلمان الطلابي تغطّي مصاريفه الكاملة، كما كانت برامج حقوق الإنسان السابقة التي تستهدف التلاميذ وتتكفل بنفقات سفرهم وأنشطة مختلفة أخرى. لذا، نحاول بقدر المستطاع الاعتماد على أنشطة غير مكلفة للميزانية، في حين يؤمّن جزء من تلك الميزانية ذاتياً، إلى جانب مساعدات خاصة من مؤسسات المجتمع المدني". ويؤكد مزيد أنّ "الظروف الاقتصادية تنعكس على واقع التلاميذ، والتقليصات أثّرت على احتياجاتهم والوضع الاقتصادي على أولياء أمورهم. فقد انخفض المصروف اليومي لمعظم التلاميذ، نظراً إلى أنّ أولياء أمورهم موظفون عموميون أو يعتمدون على الأعمال الحرة، في حين تعاني كل القطاعات أزمة اقتصادية".
محمد نشوان (12 عاماً)، من الصف الثامن، هو عضو في البرلمان الطلابي في مدرسة الزيتون للذكور الإعدادية "أ"، يقول لـ"العربي الجديد" إنّ البرلمان "من أهم الأجسام في المدرسة الهادفة إلى حلّ المشكلات الكثيرة وتعزيز الثقة في النفس والروح القيادية والعلاقات الاجتماعية بين التلاميذ". يضيف أنّ "في مدرستنا 1400 تلميذ، والإدارة لا تستطيع إدارة المدرسة وحل مشكلات كل واحد. ونحن في البرلمان موجودون لنوفّر الوقت والجهد". ويؤكد نشوان أنّ "أزمة أونروا أثّرت نفسياً على التلاميذ. نحن كنا في الإجازة الصيفية عندما سمعنا الأخبار التي تتحدث عن كارثة سوف تلحق بأونروا وتهدد المسيرة التعليمية، فقلقنا". ويشير إلى أنّهم أوجدوا في "البرلمان الطلابي صندوقاً، يستطيع من يشاء من التلاميذ المقتدرين وضع مبالغ رمزية فيه لمساعدة زملائهم أصحاب الظروف المادية الصعبة".
يُعَدّ العام الدراسي الذي انطلق أخيراً، الأسوأ على تلاميذ غزة، مع اشتداد الأزمات، لا سيّما أزمة وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وأزمة رواتب الموظفين، بالإضافة إلى انهيار الاقتصاد في القطاع المحاصر عموماً، وتأثير ذلك على تلبية احتياجات التلاميذ المدرسية. وسط كل ذلك، يبرز "البرلمان الطلابي" الذي يتألّف من تلاميذ من مدارس مختلفة في القطاع، يتناقشون كمجلس في سبيل البحث عن حلول لمشكلات التلاميذ وخلق حلقة وصل بين هؤلاء وبين إدارات المدارس ووكالة أونروا.
يُختار أعضاء هذا البرلمان من خلال عملية انتخابية يشارك فيها التلاميذ في مختلف المدارس، ليكونوا صوتهم في داخل المدرسة وخارجها. ومع اشتداد أزمات التلاميذ، ينشط أعضاء البرلمان بهدف تسليط الضوء على أبرز معوّقات التعليم التي تواجههم في مجتمعهم المحاصر، لا سيّما مع غياب المرشدين النفسيين في المدرسة. تجدر الإشارة إلى أنّه تمّ الاستغناء عنهم في بداية العام الدراسي الجاري، من ضمن سياسة تقليص عدد موظفي أونروا نتيجة أزمة التمويل الكبيرة.
تهاني اللوح، مدرّسة المواد الاجتماعية والقائمة على البرلمان الطلابي في مدرسة بنات الرمال الإعدادية "أ"، تصف البرلمان بأنّه "صوت التلاميذ الوحيد وسط الأزمات التي يعيشونها في بيوتهم وفي مدارسهم". وتؤكد أنّها تشجّع تلميذات المدرسة على انتخاب فتيات يمثّلنهنّ كوسيط بينهنّ وبين الإدارة ويساعدنهنّ في شؤون مختلفة بصفتهنّ هيئة صغرى.
وتتحدث اللوح، لـ"العربي الجديد"، عن "مشكلات كثيرة تتفاقم لدى التلميذات، ولعلّ أولاها المشكلات المادية التي تعانيها أسرهنّ. ثمّ يأتي تخوّف كبير من الإعلان فجأة عن توقّف عمل مدارس أونروا. كذلك، لا تجد من يلجأنَ إليه للشكوى وما إليها، مع الاستغناء عن المرشدات النفسيات، بالإضافة إلى تقليص عدد مدرّسات التربية الرياضية. يُذكر أنّ أونروا اضطرت إلى تكليف مدرّسات مواد أخرى بالتربية الرياضية". وتشير اللوح إلى أنّ "كثافة تلاميذ غزة في الفصول هي أبرز الأسباب التي دفعت أونروا إلى فكرة البرلمان الطلابي، إلى جانب مشكلة القرطاسية عند النسبة الأكبر من التلاميذ"، مضيفة أنّه "بناءً على ذلك، كثّفنا الجلسات التحفيزية لأعضاء البرلمان، لأنّنا نأمل أن يمثّل صوت التلاميذ أمام الأمم المتحدة في أيّ فرصة قريبة. وأن يتوجّه تلاميذ غزة إلى الأمم المتحدة أمر يجعل العالم يلتفت إلى غزة وإليهم".
نور علوان (12 عاماً) من الصف الثامن، هي رئيسة البرلمان الطلابي في مدرسة بنات الرمال الإعدادية "أ"، وتخبر أنّ زميلاتها التلميذات اللواتي يتوجّهنَ لها يشكينَ من أزمات مالية تواجهها عائلاتهنّ، مضيفة أنّ "كثيرات هنّ التلميذات اللواتي يطلبنَ منّي التوسّط لدى إدارة المدرسة للتخفيف من الطلبات المتعلقة بالمستلزمات المدرسية، وإلغاء لوازم الأنشطة التي تسجّل من ضمن الدرجات وتوفير قرطاسية للواتي يحتجنها، على أن تُسلّم لهنّ بطريقة غير علنية حفاظاً على مشاعرهنّ". وتقول علوان: "كلاجئة، تأثرت كثيراً من جرّاء أزمة أونروا، ولاحظت التدهور الكبير الذي طاول التلميذات في الفصول، في حين أنّهن يشعرنَ بالخجل من ظروفهنّ الصعبة، لا سيّما عندما يعجزنَ عن تأمين بعض المستلزمات المدرسية". وتشير إلى أنّه "عندما رشّحت في البداية، شعرت بمسؤولية كبيرة وصعوبة، لكنّني اليوم أحبّ دوري وأحبّ مدرستي، وقضيتي إنسانية وتعليمية ووطنية".
عيسى مزيد، مدرّس المواد الاجتماعية والقائم على البرلمان الطلابي في مدرسة الزيتون للذكور الإعدادية "أ"، يقول لـ"العربي الجديد" إنّ "البرلمان الطلابي مشروع من ضمن مشاريع حقوق الإنسان وحلّ النزاعات، وصار جزءاً أساسياً من منظومة المدارس في القطاع، وهو يخلق شخصيات قيادية طلابية، ويساعد التلاميذ في تنمية قدراتهم على فضّ النزاعات وحلها، مع خلق تواصل مع المجتمع المحلي من خلال زيارة مؤسسات المجتمع المدني الخاصة بحقوق الإنسان". ويشرح أنّ "عدداً من المدرّسين يشرف على تدريب التلاميذ في البرلمان على حقوق الإنسان والمهارات القيادية وكيفية التعامل تحت ضغط الأزمات، إلى جانب مهارة الوساطة الطلابية التي تساهم في إزالة عقبات عدّة. بالتالي، يعمد الأعضاء إلى جلسات نقاشية في داخل الفصول لتسليط الضوء على أبرز المشكلات التي يجمع عليها التلاميذ، وللتصويت ولانتداب الأعضاء للتواصل مع إدارة المدرسة وحمل المقترحات لمناقشتها معها".
ويلفت مزيد إلى "عدم توفّر ميزانية للبرلمان الطلابي تغطّي مصاريفه الكاملة، كما كانت برامج حقوق الإنسان السابقة التي تستهدف التلاميذ وتتكفل بنفقات سفرهم وأنشطة مختلفة أخرى. لذا، نحاول بقدر المستطاع الاعتماد على أنشطة غير مكلفة للميزانية، في حين يؤمّن جزء من تلك الميزانية ذاتياً، إلى جانب مساعدات خاصة من مؤسسات المجتمع المدني". ويؤكد مزيد أنّ "الظروف الاقتصادية تنعكس على واقع التلاميذ، والتقليصات أثّرت على احتياجاتهم والوضع الاقتصادي على أولياء أمورهم. فقد انخفض المصروف اليومي لمعظم التلاميذ، نظراً إلى أنّ أولياء أمورهم موظفون عموميون أو يعتمدون على الأعمال الحرة، في حين تعاني كل القطاعات أزمة اقتصادية".
محمد نشوان (12 عاماً)، من الصف الثامن، هو عضو في البرلمان الطلابي في مدرسة الزيتون للذكور الإعدادية "أ"، يقول لـ"العربي الجديد" إنّ البرلمان "من أهم الأجسام في المدرسة الهادفة إلى حلّ المشكلات الكثيرة وتعزيز الثقة في النفس والروح القيادية والعلاقات الاجتماعية بين التلاميذ". يضيف أنّ "في مدرستنا 1400 تلميذ، والإدارة لا تستطيع إدارة المدرسة وحل مشكلات كل واحد. ونحن في البرلمان موجودون لنوفّر الوقت والجهد". ويؤكد نشوان أنّ "أزمة أونروا أثّرت نفسياً على التلاميذ. نحن كنا في الإجازة الصيفية عندما سمعنا الأخبار التي تتحدث عن كارثة سوف تلحق بأونروا وتهدد المسيرة التعليمية، فقلقنا". ويشير إلى أنّهم أوجدوا في "البرلمان الطلابي صندوقاً، يستطيع من يشاء من التلاميذ المقتدرين وضع مبالغ رمزية فيه لمساعدة زملائهم أصحاب الظروف المادية الصعبة".