"المندوب" في ليبيا لتسهيل سحب الأموال

08 مايو 2019
مواطنون ينتظرون أمام أحد البنوك سحب أموالهم (فرانس برس)
+ الخط -
دفعت أزمة السيولة التي تشهدها العديد من المناطق الليبية، إلى بروز ظاهرة المندوب، الذي لم يكن متعارفا عليه من قبل، حيث تتوافق مجموعات من المواطنين على توكيل شخص واحد نيابة عنهم، لسحب أموالهم من البنوك، تخفيفاً للمعاناة، بعد أن كان الكثيرون يضطرون لتعطيل أعمالهم والانتظار لساعات طويلة انتظاراً لصرف الأموال.

وتزداد أزمة السيولة في الدولة النفطية، مع استمرار المعارك الناجمة عن هجمات مليشيات خليفة حفتر على العاصمة طرابلس منذ مطلع إبرايل/نيسان الجاري، ما تسبب في أضرار لمختلف الخدمات وفاقم الأزمات المعيشية للمواطنين.

ولا يتمكن البنك المركزي من توفير السيولة الكافية للبنوك بسبب الطرق غير الآمنة في بعض المناطق، وفقا لبيانات لجنة الأزمة التي شكلتها مؤخرا حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا.

وفي بلدة مزدة الواقعة على بعد 187 كيلومترا جنوب العاصمة طرابلس، قال مواطنون إن كل عائلة ترشح شخصاً منها ليقوم بجمع الصكوك المصرفية وسحب الأموال نيابة عنهم، مشيرين إلى أن المندوب، في الغالب، يقوم بجمع الصكوك من نحو 150 شخصا، حيث يصرف لكل صك 250 ديناراً (179.8 دولارا).

والتقت "العربي الجديد" أبوالقاسم بالحسن، أحد المندوبين في تلك المنطقة، حيث قال إن طريقة تجميع الصكوك من الناس، جاءت لعدة أسباب أولها غياب الأمن أمام المصارف، وكذلك لتسهيل الأمور على المواطنين.

وأشار بالحسن إلى أن سكان المناطق النائية عبارة عن قبائل، وكل قبيلة ترشح المندوب من بين عائلاتها، لكي يتم إعطاؤه الصكوك المصرفية ممهمورة بتوقيعات كل صاحب حساب، وعقب ذلك يتم التنسيق مع المصرف لكي يجري صرف المبلغ.

ويتعقّد الوضع المعيشي لليبيين، بينما تسود المخاوف من إطالة أمد المعارك، منذ بدء هجمات مليشيات حفتر على طرابلس، التي تصدّها قوات حكومة الوفاق الوطني.

وقال كمال محمد، مصرفي في بنك الجمهورية لـ"العربي الجديد" إن طريقة المندوب يتحمل مسؤوليتها السكان المحليون، ولم تشهد حتى الآن عملية سرقة من قبل من يجري ترشيحه لسحب الأموال.

وأدت الصراعات المسلحة والسياسية المستمرة في ليبيا منذ 8 سنوات إلى تقلص كتلة النقود في البنوك، حيث فضل أغلب المواطنين الاحتفاظ بالأموال.

وتشير البيانات المصرفية إلى أن السيولة المتداولة خارج القطاع المصرفي تقدر بنحو 34 مليار دينار (24.4 مليار دولار)، بينما المعدلات الطبيعية في السابق لم تكن تتعدى خمسة مليارات دينار.

وأضحت الخدمات الرئيسية في مرمى هجمات حفتر، الأمر الذي دفع حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج إلى الإعلان خلال الأيام الأولى من اندلاع المعارك جنوب طرابلس، أن بعض المدن الليبية تشهد، بجانب الهجمات المسلحة "عدواناً على الجانب الاقتصادي والمالي".

وخصص المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق ملياري دينار (1.43 مليار دولار) لتغطية تكاليف طارئة للحرب المستمرة، مثل علاج المصابين وتوفير السلع.

كما أعلنت وزارة المالية نهاية الشهر الماضي، عن صرف مرتبات شهري مارس/آذار وإبريل/نيسان، لكافة الجهات قبل حلول شهر رمضان، في خطوة من شأنها الحد من الصعوبات المعيشية، لا سيما في طرابلس.

وكشف مسؤول بارز في الوزارة لـ"العربي الجديد" آنذاك، عن أن قيمة صرف مرتبات الشهرين تقدر بنحو 4.2 مليارات دينار (ثلاثة مليارات دولار) لصالح نحو 1.85 مليون موظف حكومي في مختلف أنحاء البلاد.

وارتفعت أسعار السلع الرئيسية في الأسواق الليبية بشكل كبير خلال الأيام الماضية، الأمر الذي أرجعه مواطنون ومسؤولون في جمعيات حماية المستهلك، إلى سماسرة الحروب، الذين يستغلون المناسبات في رفع الأسعار لتحقيق مكاسب مالية أكبر، في ظل تراجع الرقابة الحكومية والقدرة على ضبط الأسواق.


المساهمون