يتضمن المعرض أعمالاً تختبر تمثيلات الفنون البصرية في هذه المنطقة، وتضع فكرة المتوسط كبناء ثقافي -أكثر من واقع جغرافي- في مركز فهم الثقافة البصرية الحديثة.
يأتي "المتوسط والفن الحديث" في تسعة أقسام تتضمن ثمانين عملاً فنياً، في القسم الأول أعمال تمتد ما بين 1900 وحتى 1914، وقد صنفت تحت عنوان "ولادة منظر حديث"، وفيها نجد جورج براك، أحد مؤسسي التكعيبية، وأندريه دوران متعدد المدارس والذي يعتبر أحد مؤسسي التوحشية في الفن، إلى جانب ما بعد الانطباعي والمستشرق ألبير ماركي.
في قسم آخر معنون بـ "الغرائبيون" يمتد تاريخ الأعمال المعروضة بين 1900 و1930، وتضم لوحات رسمها الروسي فاسيلي كاندينسكي في تونس، والفرنسي هنري ماتيس في الجزائر، إلى جانب لوحات للهولندي كيس فان دونغن رسمها في مصر، وتعرض أيضاً بعض أعمال الفرنسي راؤول دوفي، أحد أهم فناني الجداريات.
يعطي معرض "المتوسط والفن الحديث" الفرصة أيضا لإعادة اكتشاف "مهرجان الفن الطليعي في مارسيليا" عام 1956 وكان أول مهرجان يقام من نوعه بعد الحرب العالمية الثانية، وشارك فيه كل من لوكوربوزييه وضمّ طلائعيين وواقعين جدد وتجريديين من بينهم هانز هارتنغ وبيار سولاج وجاكبسون وآخرين؛ من الأسماء التي حملت تأثيرات كبيرة على مسار الفن الغربي الحديث في النصف الثاني من القرن العشرين.
وفي جناح آخر ضمّ "البهو الكاتالوني" نجد لوحات خوان ميرو وأنطوني تابييس وسلفادور دالي. كما يخصص المعرض قسماً تحت عنوان "ورشة الزوال" وفيه أعمال لببير بونار، وهنري ماتيس، وبابلو بيكاسو وقد رسمت ما بين عامي 1920 و1970.
ثمة جزء مخصّص لـ "الشواطئ التصويرية"، ويضمّ صوراً فوتوغرافية التقطت بين 1930 و1945، للمصوّرين الفرنسي بيير بوشيه والمجري أندريه كيرتيز والهنغاري أندريه شتاينر. كما أن هناك جزء آخر حول الصورة منذ عام 1950 وحتى 2000 ويضم أعمال برونو باربي وويليام كالين وجوزيف كوديلكا.
وفي جناح بعنوان "عن نيس ما بين 1960 و1980"، نعثر على ثمانية أعمال بوب آرت للفنان الأميركي مارسيل رايز ونحتية وتركيبية للأميركي الفرنسي أرمان.
رغم أهمية المعرض وتنوعه، إلا أن الأمر لا يخلو من بعض الملاحظات حول الميل إلى تقديم التجربتين الفرنسية والإسبانية أكثر من غيرهما، لا سيما وأن ثمة تجارب ألمانية وهولندية وإنكليزية مؤثرة في الفن الحديث لكنها غير حاضرة هنا.
من جهة أخرى يبدو الفن الحديث وفقاً لأقسام المعرض كما لو أنه يحدث فقط على الضفة الشمالية من المتوسط، رغم أن العنوان عريض أي يمكنه أن يشمل أيضاً التجارب المشرقية والمغاربية التي ظهرت في القرن العشرين، ليظهر موزاييك الثقافات المتنوعة التي أثرت الفن في منطقة حوض المتوسط، كما كان من الممكن الالتفات إلى تخصيص جناح لأثر الفن الإسلامي والفن الأفريقي على أبرز الأسماء الأوروبية في تاريخ الفن الحديث.