ظروف العيش الصعبة تدفع بعض النساء إلى العمل في القطاف حتّى يستطعن العيش، وإن كان ما يتقاضينه لقاء عملهن قليلاً
الموت هو السبب الوحيد الذي سيجعل أم علي تتوقّف عن العمل. وإلى أن تحين ساعتها، ستُواصل العمل حتى لا "تموت جوعاً". منذ أكثر من ثلاثين عاماً، تعمل هذه المرأة الستّينية في قِطاف الخضار. وتسمّى النساء العاملات "اللقاطات" في اللغة العامية.
أم علي، التي تسكن في بلدة "غور المزرعة" التابعة لمحافظة الكرك الجنوبية، تبدأ عملها عند الخامسة فجراً وحتى الثانية عشرة ظهراً. تقول: "قبل أن تشرق الشمس، أتوجه إلى المزرعة. لا أستطيع الانتظار أكثر بسبب ارتفاع درجات الحرارة. كما أن صاحب المزرعة يحتاج إلى إرسال الخضار إلى السوق".
تتقاضى مقابل عملها الشاق، الذي يضطرها إلى إبقاء ظهرها منحنياً، خمسة دنانير يومياً (نحو 7 دولارات)، وهو مبلغ لا يكفيها لتلبية كل احتياجاتها اليومية، لكنّه يكفي لإبقائها على قيد الحياة، وإن كانت تكابد الحرمان والجوع. إضافة إلى الأجر، يسمح "للقاطات" بالحصول على كميات قليلة من الخضار، لكنها لا تلبي كافة احتياجاتهن، إذ غالباً ما يعملن في مزارع تزرع صنفاً أو أصنافاً محدّدة.
تقول الأرملة التي كانت ترتدي ملابس سوداء، وتشبك يديها الخشنتين على صدرها: "لا أعرف سوى جمع الخضار. عملت بالتلقيط وأنا صغيرة. وبعدما تزوجت، كنت أعمل بحسب الحاجة. لكن بعد وفاة زوجي، عملت وأولادي حتى نستطيع العيش".
اقــرأ أيضاً
وعلى الرغم من أن أبناءها الخمسة كبروا، وتزوج ثلاثة منهم، إلا أن أم علي لم تتوقف عن العمل. وتبرّر لهم عدم إنفاقهم عليها بالقول: "الله يعين كل واحد على حمله. لديهم عائلات وبدل إيجار بيت، وبالكاد يستطيعون تأمين معيشتهم". تُدرك أن من حقها أن ترتاح قليلاً من عناء العمل، خصوصاً بعدما باتت تُعاني من أوجاع في المفاصل والظهر نتيجة انحنائها ساعات طويلة خلال العمل. تضيف: "في مثل عمري، يجب أن ترتاح المرأة في بيتها. لكنني أقول الحمد لله على كل شيء".
يبلغ عدد سكان بلدة غور المزرعة، بحسب أحدث الإحصائيات، 26 ألف نسمة، تعمل غالبيتهم في الزراعة، فيما يلتحق بعضهم في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والوظائف الحكومية. وتقع البلدة ضمن مناطق جيوب الفقر، حيث الخدمات شحيحة، في وقت تغيب المشاريع وتنعدم التنمية. تقول أم علي: "لا يوجد عمل إلا في المزارع". تضيف: "في كل بيت يعمل شخص ما في المزارع. وفي حال لم يعملوا فيها، لن يجدوا ما يأكلونه".
الثلاثينية فوزية تعمل أيضاً في قطف الخضار. تقول: "بدأت العمل منذ زمن طويل، حين كبرت قليلاً". تعيل أم أحمد ابنها الوحيد البالغ من العمر خمسة أعوام، وقد اختارت عدم الزواج مجدداً بعد وفاة زوجها قبل أربع سنوات، وتقضي وقتها في الاهتمام بوحيدها. تطمح أن يتابع ابنها دراسته، ويعمل في وظيفة محترمة، إذ لا تريد أن ينتهي به الحال ليرث العمل في المزارع. تضيف أن "العمل في المزارع يقصف العمر، والأجر لا يكفي ليعيش الإنسان بشكل جيد".
اقــرأ أيضاً
يظهر التعب على ملامح أم أحمد، حتى لتبدو أكبر من عمرها الحقيقي. باتت ملامحها قاسية ووجهها شاحب ويداها خشنتان. تقول، وهي تضم ابنها إلى صدرها: "في حال أكمل أحمد تعليمه وعمل في وظيفة محترمة، أرتاح من العمل في المزارع". أم أحمد في وضع أحسن من أم علي، فالأولى تسكن في بيت عائلتها التي تساهم في إعالتها وابنها عند انتهاء موسم القطاف. تقول: "لولا المساعدة التي أحصل عليها، لكانت الأوضاع أصعب". أما أم علي، فتضطر إلى الانخراط في أعمال أخرى غير القطاف، كتجهيز الأرض للزراعة وغيرها من الأعمال الصعبة، لضمان أطول فترة عمل خلال العام. مع ذلك، تجد نفسها عاجزة أحياناً عن تسديد بدل إيجار بيتها البالغ 120 ديناراً (نحو 169 دولاراً). تقول: "لم أدفع بدل إيجار البيت منذ 6 أشهر. لكن عندما تتحسن الأمور، سأسددها بالتقسيط. حين لا أعمل، لا أستطيع دفع بدل إيجار البيت حتى أتمكن من شراء احتياجاتي الأساسية".
وترى الستينية أنّ مشكلتها جزء من مشكلة القطاع الزراعي، "لو كان هناك اهتمام بالزراعة، لكان حالي أفضل. أصحاب المزارع يخسرون. وفي بعض الأحيان، لا يستطيعون دفع بدل الإيجار".
أم علي، التي تسكن في بلدة "غور المزرعة" التابعة لمحافظة الكرك الجنوبية، تبدأ عملها عند الخامسة فجراً وحتى الثانية عشرة ظهراً. تقول: "قبل أن تشرق الشمس، أتوجه إلى المزرعة. لا أستطيع الانتظار أكثر بسبب ارتفاع درجات الحرارة. كما أن صاحب المزرعة يحتاج إلى إرسال الخضار إلى السوق".
تتقاضى مقابل عملها الشاق، الذي يضطرها إلى إبقاء ظهرها منحنياً، خمسة دنانير يومياً (نحو 7 دولارات)، وهو مبلغ لا يكفيها لتلبية كل احتياجاتها اليومية، لكنّه يكفي لإبقائها على قيد الحياة، وإن كانت تكابد الحرمان والجوع. إضافة إلى الأجر، يسمح "للقاطات" بالحصول على كميات قليلة من الخضار، لكنها لا تلبي كافة احتياجاتهن، إذ غالباً ما يعملن في مزارع تزرع صنفاً أو أصنافاً محدّدة.
تقول الأرملة التي كانت ترتدي ملابس سوداء، وتشبك يديها الخشنتين على صدرها: "لا أعرف سوى جمع الخضار. عملت بالتلقيط وأنا صغيرة. وبعدما تزوجت، كنت أعمل بحسب الحاجة. لكن بعد وفاة زوجي، عملت وأولادي حتى نستطيع العيش".
وعلى الرغم من أن أبناءها الخمسة كبروا، وتزوج ثلاثة منهم، إلا أن أم علي لم تتوقف عن العمل. وتبرّر لهم عدم إنفاقهم عليها بالقول: "الله يعين كل واحد على حمله. لديهم عائلات وبدل إيجار بيت، وبالكاد يستطيعون تأمين معيشتهم". تُدرك أن من حقها أن ترتاح قليلاً من عناء العمل، خصوصاً بعدما باتت تُعاني من أوجاع في المفاصل والظهر نتيجة انحنائها ساعات طويلة خلال العمل. تضيف: "في مثل عمري، يجب أن ترتاح المرأة في بيتها. لكنني أقول الحمد لله على كل شيء".
يبلغ عدد سكان بلدة غور المزرعة، بحسب أحدث الإحصائيات، 26 ألف نسمة، تعمل غالبيتهم في الزراعة، فيما يلتحق بعضهم في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والوظائف الحكومية. وتقع البلدة ضمن مناطق جيوب الفقر، حيث الخدمات شحيحة، في وقت تغيب المشاريع وتنعدم التنمية. تقول أم علي: "لا يوجد عمل إلا في المزارع". تضيف: "في كل بيت يعمل شخص ما في المزارع. وفي حال لم يعملوا فيها، لن يجدوا ما يأكلونه".
الثلاثينية فوزية تعمل أيضاً في قطف الخضار. تقول: "بدأت العمل منذ زمن طويل، حين كبرت قليلاً". تعيل أم أحمد ابنها الوحيد البالغ من العمر خمسة أعوام، وقد اختارت عدم الزواج مجدداً بعد وفاة زوجها قبل أربع سنوات، وتقضي وقتها في الاهتمام بوحيدها. تطمح أن يتابع ابنها دراسته، ويعمل في وظيفة محترمة، إذ لا تريد أن ينتهي به الحال ليرث العمل في المزارع. تضيف أن "العمل في المزارع يقصف العمر، والأجر لا يكفي ليعيش الإنسان بشكل جيد".
يظهر التعب على ملامح أم أحمد، حتى لتبدو أكبر من عمرها الحقيقي. باتت ملامحها قاسية ووجهها شاحب ويداها خشنتان. تقول، وهي تضم ابنها إلى صدرها: "في حال أكمل أحمد تعليمه وعمل في وظيفة محترمة، أرتاح من العمل في المزارع". أم أحمد في وضع أحسن من أم علي، فالأولى تسكن في بيت عائلتها التي تساهم في إعالتها وابنها عند انتهاء موسم القطاف. تقول: "لولا المساعدة التي أحصل عليها، لكانت الأوضاع أصعب". أما أم علي، فتضطر إلى الانخراط في أعمال أخرى غير القطاف، كتجهيز الأرض للزراعة وغيرها من الأعمال الصعبة، لضمان أطول فترة عمل خلال العام. مع ذلك، تجد نفسها عاجزة أحياناً عن تسديد بدل إيجار بيتها البالغ 120 ديناراً (نحو 169 دولاراً). تقول: "لم أدفع بدل إيجار البيت منذ 6 أشهر. لكن عندما تتحسن الأمور، سأسددها بالتقسيط. حين لا أعمل، لا أستطيع دفع بدل إيجار البيت حتى أتمكن من شراء احتياجاتي الأساسية".
وترى الستينية أنّ مشكلتها جزء من مشكلة القطاع الزراعي، "لو كان هناك اهتمام بالزراعة، لكان حالي أفضل. أصحاب المزارع يخسرون. وفي بعض الأحيان، لا يستطيعون دفع بدل الإيجار".