"القوقعة": سجون سورية بالألبانية

25 ديسمبر 2019
(رسم من تقرير لـ "الشبكة السورية لحقوق الإنسان")
+ الخط -

حتى مطلع الألفية الثالثة، حضرت تجربة السجن في نصوص معدودة لكتّاب سوريّين كانت في أغلبها أشبه بيوميات أو توثيق شهادات كما هو الحال بالنسبة إلى "الشرنقة" (1998) لحسيبة عبد الرحمن، و"دوار الحرية" (2012) لمالك داغستاني، مع تضمّن أعمال أدبية أسبق تفاصيل ذات صلة بالاعتقال السياسي.

حين صدرت "القوقعة" لمصطفى خليفة عام 2008 بعد خروجه من سجون النظام، شكّلت محطّة بارزة في تطوّر كتابة روائية سورية تستمّد أحداثها من واقع شخصيات من لحم ودم وسلوك أجهزة الأمن، انطلاقاً من تجربة طالب خُطف فور وصوله إلى المطار، وبقي في سجن النظام ثلاثة عشر عاماً من دون تهمة واضحة.

الرواية التي ساهمت بإنضاج أعمال أخرى ظهرت بعدها، صدرت منذ أيام بنسخة ألبانية عن دار نشر "بوزوكو"، بالتعاون مع "معهد الدراسات الشرقية"في كوسوفو وبترجمة عيسى ميميشي، لتكون بذلك تاسع لغة أوروبية تترجم إليها.

استطاع خليفة، الذي اقترب في عمله من السيرة الذاتية، أن يمسّ حيوات عاشها كثير من السوريّين الذين تعرّضوا إلى الاعتقال بتهم مختلفة، العديد منها كان مختلقاً ولم يستند إلى أدلة أو أسباب واقعية، على مدار خمسين عاماً، وكان ذلك سبباً في انتشارها على نحو أوسع بعد اندلاع الاحتجاجات الشعبية في بلاده عام 2011.

قضى بطل العمل سنوات طويلة وصعبة في سجن تدمر الشهير، وهناك ستتغيّر حياته كلياً، بعد أن ينجو من الموت أكثر من مرّة، ليكتشف في مهجع السجن ثقباً صغيراً في الحائط، استطاع من خلاله أن يتلصّص على الخارج، ويراقب الإعدامات وعمليات التعذيب، ليختزنها في ذاكرته ويسجلّها بعد أعوام.

حظيت الرواية بالعديد من الدراسات بعدّة لغات ضمن محاولة قراءة وقائعها ومدى ارتباطها بالواقع السوري الذي قاد إلى قيام الثورة، بعدما تصوّر الكاتب أن لا أحد في داخل بلده أو خارجه يكترث بما يحصل في أقبية السجون، والذي عبّر عنه على لسان بطله حين يقول "هل يعرف هؤلاء حقاً ما الذي يحدث في سورية؟". طبعاً العالم كلّه سيعرف كلّ هذه الحقائق، ولكنه لن يقوم بتغييرها.

يُذكر أن مترجم العمل عيسى ميميشي هو رئيس قسم اللغات الشرقية في "جامعة بريشتينا"، وصدرت له العديد من المؤلّفات والدراسات، منها "القاموس العربي الألباني"، و"بناء اللغة العربية"، و"ثيودور نولدكه (1836- 1931)".

المساهمون