"القمة العالمية للكتاب": قفز عن الورق

09 نوفمبر 2015
تجهيز لـ ماتاي كرين/ تشيكيا
+ الخط -

كثيراً ما تتكرّر تلك المقولات التي تستشرف مستقبل الكتاب والقراءة، وغالباً ما يسيطر عليها التشاؤم الذي قد يكون واقعياً أحياناً. ولكن المشكل أن هذا الخطاب يظل يراوح مكانه، يشير إلى الداء ولا يقترح حلولاً، وهو ما يدفعه إلى استدعاء خبرات الاقتصاد والتصميم والتكنولوجيا. شيء من كل ذلك يمكننا أن نستقرئه من "القمة العالمية للكتاب" التي اختُتمت، منذ يومين، في "مكتبة الإسكندرية" في مصر.

انطلقت دورات هذه القمة في 2012، بمبادرة من "مكتبة الكونغرس" في واشنطن، وهي تهدف إلى جمع المتداخلين في قطاع صناعة الكتاب من ناشرين وعارضين ودارسي أسواق وغيرهم، من أجل تطوير هذه الصناعة من جهة، ووضع توقّعات موضوعية حولها من جهة أخرى.

كانت القمة قد حطّت خلال السنتين الماضيتين في سنغافورة وباريس. وإذا قرأنا في دلالة اختيار الإسكندرية ومكتبتها مكاناً لانعقاد دورتها الرابعة، فلن يخلو ذلك من مضامين اعترافية بدور المدينة في تاريخ الكتاب، خصوصاً مكتبتها الشهيرة في العصر البطلمي، لكن ماذا أكثر؟

ألا نتذكّر أن المنطقة التي تنتمي إليها الإسكندرية تعاني، اليوم، من ركود في القراءة وصناعة الكتاب، رغم حجم هذه المنطقة بشرياً ومالياً. تصوّروا أن حدث مجيء كبار صنّاع الكتاب في العالم لم يسترع اهتمام الإعلام ودور النشر، فيما هيمنت على المشاركة الرسمياتُ التي يمكن تلخيصها في بيان الافتتاح الذي نشرته "مكتبة الإسكندرية"، فلم تر في المناسبة سوى أن "مصر أول بلد أفريقي وعربي" يحتضن هذه القمة.

لا بد من الاعتراف بأن الكتاب العربي لم يدخل بعد في مجال الحديث عن المستقبل، فتأمين الحاضر لا زال معتمداً على جهود متفرّقة، لا على استراتيجيات، سواءً من الدول أو الشركات. وإذا كانت هذه الصناعة تحتاج إلى قدرات وتراكم خبرات، فإن التأخر في هذا المجال يمتد حتى على مستوى البحوث وتقديم الأرقام الدقيقة لمعرفة حجم السوق وإمكانيات تطويره، وهي عمليات لا تحتاج سوى إلى إرادة وصدق في تطوير هذا القطاع.

انعقدت القمة تحت شعار "الكتاب والقراءة والتكنولوجيا"، ومن أهم المحاور التي جرت مناقشتها "التكنولوجيا والمخطوطات" و"الكتب والتبادل الثقافي" و"الكتاب الإلكتروني مقابل الكتاب المطبوع" و"أزمة الكتاب في البلاد النامية".

من الواضح أن ثمة تركيز على دور التكنولوجيا في مستقبل الكتاب، غير أن مقاربتين تخترقان هذا القول، إذ إن البعض يجد في التكنولوجيا فرصة لتطوير صناعة الكتابة، وهو ما يسعى إليه المشتغلون في القطاع، فيما تحب فئة أخرى أن تظل تعزف على وتر تهديد التكنولوجي للورقي والنظر إلى التكنولوجيا كمعضلة، وهو غالباً وتر تظل تعزف عليه كل المقاربات العربية. أما السوق فيقول بأن كل شيء قابل للحياة.


اقرأ أيضاً: "فرانكفورت للكتاب": جيوبوليتيك النشر والقراءة

المساهمون