"القطع" فيلم افتتاح مهرجان القاهرة: رسالة مصرية ضدّ تركيا

12 نوفمبر 2014
عضو لجنة تحكيم "مهرجان القاهرة" ليلى علوي خلال الافتتاح
+ الخط -
أثار اختيار إدارة مهرجان القاهرة السينمائي للفيلم الألماني "القطع" جدالاً فنيّاً سياسيّاً بين النقّاد السينمائيين. لأنّ الفيلم يتحدّث عمّا سماه صنّاع الفيلم "مذابح الأرمن إبان الإمبراطورية العثمانية"، وهو ما تنفيه تركيا جملة وتفصيلاً.

فمن النقّاد من اعتبر أنّ إدارة المهرجان اختارت عرض الفيلم المثير للجدل في القاهرة لأسباب سياسية ترتبط بالعلاقة المتوتّرة بين مصر وتركيا، فيما أكّدت إدارة المهرجان، أنّ اختيار الفيلم وعرضه "لا علاقة له بخلافات سياسية".

الناقد الفني، طارق الشناوي، قال لـ"الأناضول" إنّ "إدارة المهرجان اختارت الفيلم إرضاء للحكومة المصرية التي تربطها علاقات متوتّرة بالنظام التركي، فمن المناسب سياسيّاً جدّاً أن يكون افتتاح المهرجان بفيلم يتحدّث عن مذبحة ارتكبتها الدولة العثمانية في حقّ الأرمن".

إذ أنّ الأرمن يطلقون باستمرار نداءات تدعو إلى تجريم تركيا وتحميلها مسؤولية مزاعم تعرّض أرمن الأناضول إلى إبادة وتهجير على يد الدولة العثمانية أثناء الحرب العالمية الأولى، أو ما يعرف بأحداث عام 1915.

في المقابل تدعو تركيا مراراً إلى تشكيل لجنة من المؤرّخين الأتراك والأرمن، لتقوم بدراسة الأرشيف المتعلّق بأحداث 1915، الموجود لدى تركيا وأرمينيا والدول الأخرى ذات العلاقة بالأحداث، لتعرض نتائجها بشكل حيادي على الرأي العام العالمي.

وأضاف الشناوي: "إذا كان اختيار فيلم القطع موفقاً على المستوى السياسي فإنّه ليس كذلك على المستوى الفني، فالفيلم رغم ثقل اسم مخرجه، فاتح أكين، إلا أنّه متوسّط فنيّاً، ويرتقي عن الفيلم الرديء بدرجة بسيطة، بدليل أنّه لم يحصل على أيّ جائزة من مهرجان فينيسيا الذي عرضه أخيراً في نهاية أغسطس/آب الماضي".

من جانبه، نفى الناقد الفني، رامي عبدالرازق، عضو لجنة المشاهدة في المهرجان ومدير البرنامج اليوناني، الاتهامات الموجهة إلى إدارة المهرجان بأنّها اختارت الفيلم لأسباب سياسية. وقال لـ"الأناضول" إنّ "السينما لا تعرف لغة الكيد السياسي التي يحاول البعض استدراجنا إليها.. اخترنا الفيلم لأنه جيّد جدّاً على المستوى الفني ولم يُعرَض من قبل في أفريقيا والوطن العربي".

وأضاف عبد الرازق: "دُور العرض السينمائي في مصر لا تتحمّس سوى لعرض الأفلام الأميركية ومن المستحيل أن يشاهد الجمهور المصري فيلماً ألمانيّاً كهذا إلا من خلال المهرجان".

وبرّر عبد الرازق عدم سعي إدارة المهرجان لأن يكون فيلم الافتتاح غير معروض في العالم أبداً بأنّ هذا الأمر "يتطلّب ميزانية ضخمة جدّاً قد لا تتحمّلها ميزانية المهرجان كلّها".

وفي مؤتمر صحافي لرئيس المهرجان، سمير فريد، في نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، قال، إنّ سبب اختيار "القطع" ليكون فيلم الافتتاح "أنّه فيلم تاريخي ملحمي ضخم الإنتاج استغرق إعداده وتصويره عشر سنوات، ويتناول الفترة من 1915 وحتّى 1923، أي فترة الحرب العالمية الأولى وانهيار الإمبراطورية العثمانية".

وأضاف فريد: "الفيلم يتطرّق إلى هذه الفترة من منظور إنساني منح الفيلم رونقاً خاصاً".

من جهته، نفى المخرج التركي، فاتح أكين، اختيار فيلمه "القطع" لأسباب غير فنية ترجع إلى الخلاف السياسي الناشب بين مصر وتركيا منذ عزل الرئيس الأسبق، محمد مرسي، في الثالث من يوليو/تموز عام 2013.

وقال المخرج الشاب لـ"الأناضول"، على هامش المهرجان: "رغم أنّه يتناول مذابح الأرمن التي تنكرها الدولة التركية إلا أنّني لم أصادف أيّ مشكلات رقابية مع الحكومة التركية فيما يتعلّق باستخراج التصاريح اللازمة لتصوير الفيلم".

وأشار أكين إلى أنّ "الفيلم سيُعرَض في دور العرض التركية مطلع شهر ديسمبر/كانون الأوّل المقبل، ما يؤكّد أنّ الحكومة التركية لا تتّخذ موقفاً معاديّاً من الفيلم أو صناعه. ولا أخشى ردّة فعل الحكومة التركية عقب عرض الفيلم في تركيا قدر خشيتي من ردّة فعل الجمهور نفسه، فمن الوارد جدّاً أن يُقابَل الفيلم بموجة استنكار جماهيري قد تدفع البعض إلى أن يحتدّ عليّ في النقاش أو حتّى يقوم بتكسير دور العرض التي تعرض الفيلم، بل ربما يذهب الأمر إلى أبعد من ذلك ويرفض مالكو بعض دور السينما عرضه".

وأرجع أكين طول مدّة الفيلم (138 دقيقة) إلى أنّ "ثقافة السينما التركية مبنية على الأفلام الطويلة تماماً كما هو حال المسلسلات، والفيلم في المقام الأوّل يستهدف شريحة الشباب التركي، فكان لا بدّ أن يأتي في القالب الفني الذى اعتادوا عليه".

وأكين ألماني (41 عاماً) لأبوين تركيين هاجرا إلى ألمانيا. درس في جامعة الفنون، وأخرج العديد من الأفلام القصيرة والتسجيلية والروائية. وقد بلغت ميزانية إنتاج "القطع" 15 مليون دولار وفّرتها سبع شركات إنتاج سينمائي من سبع دول، هي تركيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وروسيا وبولندا وكندا.

المساهمون