بصوت قادم من قرارة القلب وأداء تعبيري أخّاذ، أطلت مغنية "الفادو" البرتغالية آنا مورا على جمهورها الذي اكتظت به قاعة دار الأوبرا السلطانية بمسقط، حيث أحيت نهاية هذا الأسبوع حفلا قدّمت فيه مختارات من أغاني "الفادو" المترعة بالحنين والألم.
تعود جذور موسيقى "الفادو" التي أدرجت على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي غير المادي، الى بدايات القرن التاسع عشر في البرتغال، وتعني كلمة "فادو" القدر أو المصير، وتشير إلى نوع مميّز من الغناء الشعبي تحمل كلماته نفحة من الحزن وشعوراً دائماً بالتوق والخسارة المريرة.
الحفل الذي استمر خمس وسبعين دقيقة متواصلة، قدمت فيه الفنانة اثنتي عشرة أغنية على خلفية لوحات فنية معبرة عن مضمون كل أغنية، وذلك بصحبة فرقتها المكونة من كل من: انجيليو فريدي على الغيتار البرتغالي، وبيدرو سواريس على الغيتار، وأندريه موريرا على الباص، وجواو غوميز على آلة المفاتيح، وماريو كوستا على الطبول والإيقاع، حيث أتيح لكل منهم بدوره أن يقدم عزفا منفردا.
تحكي مورا عن بداياتها حيث أنشدت أولى أغنيات "الفادو" وهي في السادسة من العمر، أنها ذهبت ذات مرة الى أحد اندية "الفادو" وفي لحظة شجاعة مفاجئة، وقفت وبدأت تغني! انبهر الحضور -من مطربين وعازفين ومستمعين- بأدائها، ثم بدأت تقدم عروضها الناجحة في عدد من دور "الفادو".
وتضيف مورا التي تجرأت على تحويل تقاليد موسيقى الفادو البرتغالية الحزينة والكئيبة إلى احتفال نغمي يضجّ بالسعادة ويصوّر كل ما نعشقه في الحياة والموسيقى والحب بل والطبيعة بالقول: "تغيرت حياتي عندما بدأت أرتاد دور "الفادو" فليس هناك ميكرفون والجلسات خاصة جدا، هناك يتعلم المطربون الجدد أدق تفاصيل هذا الفن وأسراره من المطربين الكبار الأكثر حنكة وخبرة".
وليس من المبالغة القول بأن من حضر حفلها في مسقط ستجعله روعة صوت آنا مورا، بصوت مغنية الفادو الأشهر أماليا رودريغيز (1920 – 1999)، إذ يسافر صوت مورا بحرية ويتهادى في تقاليد الفادو وتبرز مهارتها في تحويل أي نغمٍ تغنيه إلى مقطوعة فادو: "أعلم أن روحي استسلمت/ وضعت صوتي على كفي وقدمته للعالم".