"العربي الجديد" في الموصل... هذه أسباب تأجيل إعلان التحرير رسميّاً

10 يوليو 2017
القوات العراقية تقاتل منْ تبقى من "داعش" (مارتن آيم/Getty)
+ الخط -

لا بقعة في الموصل، مع تطورات اليوم الإثنين، لم تدخلها القوات العراقية المشتركة التي ما زالت تحظى بغطاء مروحي وجوي أميركي، مع وجود ما يمكن اعتباره جيوباً مسلحة لتنظيم "داعش" في المدينة القديمة وقرب ضفاف دجلة، تعيق تأخير الإعلان الرسمي عن تحرير المدينة.

نحو 150 مسلحاً من "داعش"، غالبيتهم من جنسيات عربية وآسيوية، يتحصنون داخل المباني القديمة وفي الأنفاق والحفر، خاصة في الجزء المعروف تاريخياً بـ"سكن يهود العراق"، حيث تتميز المنازل القديمة التي ما زالت قائمة، بكثرة السراديب فيها.

هدوء نسبي في الموصل، تخرقه بشكل مفاجئ أصوات الاشتباكات والمعارك أو الانفجارات الناتجة عن قصف المروحيات أو الأحزمة الناسفة.

وتستخدم القوات العراقية، قوة مفرطة وسلاحاً ثقيلاً، في مواجهة مصادر النيران التي تخرج باتجاهها، فهي لا تريد خسارة أرواح أفرادها، وفقاً لما يؤكده جندي فقد شقيقه وابن عمه في المعركة، متحدثاً لـ"العربي الجديد".

بضعة أمتار بين مراسل "العربي الجديد" وجسد انتحاري مفخخ، فجر نفسه، بقوات الجيش اللواء الثالث، بعد اقتحام منزل في حي النجيفي، أسفر التفجير عن مقتل ضابط برتبة نقيب وثلاثة من مرافقيه، جميعهم جنود، فضلاً عن إصابة آخرين.

طلب الجيش من كل الصحافيين الانسحاب، ولم يسمح لهم بالتجوال بمفردهم في أزقة الموصل، بسبب أعداد الجثث الهائلة للمدنيين من أطفال ونساء وكبار سن، بعضهم ما زال تحت الأنقاض، تدل عليه يد ممدودة من تحت الركام، أو ساق مقطوعة بالقرب من ثلاث جثث.

يقول العقيد أحمد كاظم، وهو ضابط سابق بالجيش العراقي، وعاد للخدمة قبل عامين، لـ"العربي الجديد"، إنّ "القتال حالياً مع أشباح. الموصل حررت لكنّ عناصر داعش يختبئون بين المنازل وتحت السراديب، وهم لا يريدون الاستسلام، بل الموت، وأغلبهم يرتدي حزاماً ناسفاً أو يحمل قنبلة يفجرها متى ما تمت محاصرته".

ويشير كاظم إلى احتياج القوات العراقية لمزيد من الوقت، موضحاً أنّ سبب تأخير إعلان تحرير الموصل، يعود إلى ضرورة تنظيف المدينة بالكامل من الجيوب المسلحة.


وتبدو آثار الحرب واضحة في الموصل، خصوصاً في الجانب الأيمن منها، فأغلب المنازل مدمرة وبعضها سيحتاج إلى سنوات لإعماره، في حال توفير الحكومة تعويضات للمواطنين.

هنا، يمكن ملاحظة القبور المنتشرة على الأرصفة، أو داخل حدائق المنازل، قبور متفرقة وأخرى متجاورة. قال الجيش إنّها قبور مدنيين قتلوا ودفنهم ذووهم هنا، بسبب عدم قدرتهم على الوصول إلى مقبرة المدينة.

ويقدر عدد الضحايا بأكثر من 16 ألف مدني سقطوا قتلى، ونحو 32 ألف جريح، يشكّل النساء والأطفال منهم ما نسبته 62% بالوقت الذي سُجّل فيه اختفاء نحو 4 آلاف آخرين، يُرجّح أنّهم ما زالوا تحت الأنقاض في المنازل المدمرة بفعل القصف الجوي.

ما يثير الانتباه أنه لا أسرى من مسلحي "داعش"، كما لا يوجد جرحى منهم، وما تم جمعه من الجثث، حتى الآن، لمقاتلي التنظيم لا يتجاوز 700 جثة، بينما يُرجح وجود نحو ألف آخرين دفنهم التنظيم في مقبرة قرب دجلة مخصصة لقتلاه تُعرف باسم "مقبرة الشهداء".

وتقول بغداد، إنّ عدد عناصر "داعش" عند الهجوم على الموصل، بلغ 6 آلاف مسلح، ما يعني اختفاء نحو أربعة آلاف من عناصر التنظيم، يُعتقد أنّهم نجحوا في الإفلات من المدينة، إما على هيئة مواطنين نازحين أو عبر سراديب وأنفاق حفرها التنظيم، أو سباحة عبر نهر دجلة إلى المحور الغربي للمدينة.

وفي هذا الإطار، يقول الباحث بالشأن العراقي، إياد العناز، لـ"العربي الجديد"، إنّ "أسلوب المعركة في الجانب الأيمن من مدينة الموصل، اعتمد بشكل كبير على القصف العشوائي، وركّز على الأهداف العامة، دون أن يعالج المواقع التي يتمركز فيها عناصر التنظيم أو مخازن أسلحته، الأمر الذي يؤكد أنّ كثيراً من عناصر التنظيم فرّوا إلى خارج مناطق القتال، وقد يعيدون تشكيل صفوفهم من جديد لشن هجمات".

ويشير العناز، إلى أنّ "صور الجثث من المدنيين ملأت وسائل الإعلام المحلية والعالمية طيلة فترة المعارك، إلا أنّ تداول صور قتلى التنظيم كان محدوداً جداً، ويقتصر على القتلى الذين يسقطون خلال الضربات الجوية"، متسائلاً عن الجهة التي تسلل إليها عناصر "داعش".

ورصد "العربي الجديد" جانباً من عمليات إجلاء من تبقى من سكان الموصل، وتقديم القوات العراقية مساعدات عاجلة لهم، فضلاً عن معالجة عدد من جيوب التنظيم المتبقية بالمدينة القديمة.