"السيسي الإنسان"... دعاية رخيصة تمهد لتعديل الدستور المصري

24 فبراير 2019
فرض رفع لافتات ضخمة على المباني الحكومية(مجدي فتحي/نورفوتو)
+ الخط -
حالة من الاستياء سيطرت على جموع الشعب المصري، بعدما طالبت شركة "إعلانات مصر" المالكة لعدد من الصحف والمواقع الإلكترونية وعدد من القنوات التلفزيونية، بسرعة الانتهاء من تعديل مواد الدستور بما فيها زيادة مدة الرئاسة من 4 إلى 6 سنوات، فيما يتوقع البعض وجود حملات دعائية ضمنها اللافتات الضخمة أمام المصالح الحكومية والهيئات في المحافظات تؤيد تعديل مواد الدستور.

وكشف مراقبون عن التوجه نحو ممارسة ضغوط على عدد من الجهات الحكومية، خلال الأيام المقبلة، لتعليق عدد من اللافتات التي تحمل عبارات من نوع "نعم لتغيير الدستور"، إضافة إلى إقامة ندوات في النوادي ومراكز الشباب وفي الفضائيات الحكومية، تحُث على الموافقة على تعديل الدستور، وتشجيع الأهالي على النزول إلى الشوارع وصناديق الانتخابات للموافقة على تغيير دستور عام 2014 الذي زعمت الحكومة موافقة الشعب المصري عليه من خلال الاستفتاء. وتوقع المراقبون إلغاء الاستفتاء حال وجود تقارير تؤكد عزوف الشعب المصري عن التوجه إلى صناديق الانتخابات، والاكتفاء بموافقة أعضاء مجلس النواب على التغيير بأغلبية ساحقة، تحت ضغوط تمارَس من الآن من قِبل نواب "دعم مصر" داخل مجلس النواب.

وتساءل المراقبون عن سر حملة "الرئيس الإنسان" التي تقوم بها حالياً عدد من القنوات الفضائية الموالية للنظام، وعدد من المواقع الإلكترونية، إذ تستعرض من خلال صور وفيديوهات مواقف الرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي، في التضامن مع أسر الشهداء من ضحايا الإرهاب، والوقوف إلى جانب عدد من المحتاجين، وتحويل قصر الرئاسة إلى مقر لعقد مقابلات مع عدد من الأسر والفقراء، وزيارات قوات الجيش والشرطة، والوقوف إلى جانب ذوي الاحتياجات الخاصة، وتمكين المرأة المصرية.

وأكد مراقبون أنها دعاية مفضوحة لا أساس لها من الصحة، تأتي بالتزامن مع مناقشة البرلمان لتغيير مواد الدستور، وأشاروا إلى أن أي نظام في العالم مسؤول مسؤولية كاملة عن شعبه، وأن ما يحدث في مصر من دمار وخراب وغلاء للأسعار لم تشهده البلاد حتى أيام الحروب. وطالبوا برفض تلك التعديلات التي يطالب بها البعض ممن لهم مصالح خاصة بتغيير الدستور، مشددين على أن مصر ولّادة وبها الكثير من القيادات القادرة على تحمل مسؤوليات البلاد.


وسخر المصريون وتهكموا على تلك الدعاية التي تقوم بها وسائل الإعلام المصرية الموالية للنظام، لتفتح المجال أمام عبد الفتاح السيسي للبقاء في السلطة، بدلاً من المواد التي كانت تحتِّم عليه تركها بعد الولاية الثانية التي تنتهي في 2022.

إذ أكد محمد عبد الكريم، وهو موظف مصري، أنها دعاية مفضوحة، واصفاً إياها بـ "الكوميديا السوداء"، مشدداً على أن هناك حالة إحساس بالإحباط واليأس من أي تغيير في الأفق المنظور للدستور، في الوقت الذي كان ينظر فيه الجميع من أبناء الشعب المصري إلى تطلعات أفضل برفع تلك "الغُمّة" عن الشعب خلال عام 2022، متوقعاُ حدوث حالة من الغليان التي ربما تصل إلى ثورة شعبية تفوق ما حدث يوم 25 يناير/كانون الثاني عام 2011 وأسقطت نظام حسني مبارك بعد 30 عاماً من تسلمه الحكم.

وقال شريف عبد الله، وهو موظف، إن هناك حالة من الاحتقان داخل صفوف الشعب المصري، منذ الإعلان رسمياً من قبل النواب عن تغيير مواد الدستور، وهو ما دفع النظام إلى القيام بتلك الحملات الإعلامية المطالِبة بتعديل الدستور التي أهم ما فيها هو مدّ سلطات الرئيس والبقاء مدى الحياة، وإغلاق المجال العام أمام أي حراك سياسي أو معارضة للنظام، لافتاً إلى وجود "لافتات ضخمة" خلال الأيام المقبلة في الشوارع والميادين تؤكد بـ "نعم لتغيير الدستور"، وهي إعلانات مأجورة لا أساس لها على أرض الواقع، مشيرا إلى أن هناك الكثير من مواد الدستور المصري لم تطبق حتى الآن رغم مرور ما يقرب من 5 سنوات على تطبيقه، معتبراً أن هذا العبث الذي يتم الترويج له من شأنه تعميق أزمة الشرعية التي يعاني منها النظام الحالي، نتيجة الانتهاك المتواصل للكثير من مواد بنوده.

يذكر أن النظام المصري صعّد من وتيرة ملاحقة المعارضين، سواء بالتهديد أو المنع أو الاعتقال، أو بالتهديد والترغيب في إطار مساعيه لتمرير تعديلات الدستور المطروحة أمام مجلس النواب، والهادفة إلى منح الرئيس عبد الفتاح السيسي سلطة تعيين رئيس المحكمة الدستورية والنائب العام، واستمراره في الحكم بعد انتهاء ولايته الثانية في عام 2022، من خلال السماح بإعادة ترشحه مجدداً لولايتين رئاسيتين بمجموع 12 سنة.