"الحمائم البيض" عند الخامسة والثلاثين

21 فبراير 2015
+ الخط -

"الحمائم البيض" هي واحدة من عشرات الفرق الموسيقية الملتزمة التي سطع نجمها في تونس بداية الثمانينيات. وقد نشطت في الأوساط الطلابية وتمسّكت بالعروض الركحية رافضة تسجيل أغانيها. أما اسمها، فقد اشتقّته من قصيدة "أحزان الحمائم البيض" للشاعر التونسي مختار اللغماني، التي أدّتها تحت عنوان "أقسمت على انتصار الشمس".

وتمثلاً بانتصار دائم لشمس الحرية، وتحت شعار "حب.. نضال.. أمل"، احتفلت الفرقة بين الخامس والسابع من هذا الشهر بالذكرى الـ35 لتأسيسها عبر سلسلة أمسيات موسيقية، لعل أبرزها الحفل الذي خصص لروح الشهيد شكري بلعيد الذي أقيم في شارع الحبيب بورقيبة.

وقبل ثورة 14 يناير، تعرّضت الفرقة لتضييق من قبل نظام بن علي، ما حوّلها إلى فرقة مناضلة لاقت تشجيعاً من الطبقة المثقفة وشرائح واسعة من المجتمع المدني.

رئيس الفرقة، عمار القاسمي، يُرجع توجّه "الحمائم البيض" نحو الموسيقى البديلة إلى التأثر بغناء الشيخ إمام عيسى والاستفادة من تجربة الفرقتين المغربيتين "ناس الغيوان" و"جيل جيلالة"، ومن سائر التعبيرات الموسيقية التي جاءت بعد نكسة 1967.

وبعد عرضها الأول في مدينة منزل بورقيبة سنة 1980، حظيت الفرقة بترحيب كبير، ووفّرت لها مجموعة من الفضاءات الثقافية في العاصمة قاعات للتدريب. في رصيد "الحمائم البيض" ما يزيد عن 50 قطعة موسيقية، أشهرها "وكر النسور" و"موسيقى العركة"، كما أدّت عشرات الأغاني، منها "الشيخ الضغير" و"أوكاموتو" و"لذة القلق" و"الخمسة اللي لحقوا بالجرة" و"صرخة عطش". وقد كتب القصائد المغناة شعراء تونسيون مثل مختار اللغماني ومنور صمادح وآدم فتحي. كما غنّت الفرقة لبابلو نيرودا ومعين بسيسو ومحمود درويش.

مرّت وجوه كثيرة في هذه الفرقة، مثل الشاذلي الخمسي وإبراهيم بهلول وعادل بوعلاق وناجي الفلاح وطارق مرزوق وعائدة بن شعبان وآمنة معارف ورجاء الخمسي. أما الذين بقوا فيها فهم حشاد القبي (عود) وزكرياء القبي (كمنجة) وعمار القاسمي (ناي) والياس القبي (كولمبي).

المميز في حفلات "الحمائم البيض" هو الأداء الركحي الراقص الذي يؤديه الثنائي زكرياء وحشاد القبي، إضافةً إلى استخدام أدوات لا تستعمل عادة في العزف بل في الطبخ مثل "المهراس"، أو في الفلاحة مثل "المنجل". ونظراً إلى تفرّدها في فنّي العزف والأداء الغنائي، دعيت الفرقة للاشتراك في مسرحية "وكر النسور" التي أخرجها المنجي بن إبراهيم عن المسرح الوطني سنة 1987، وساهمت في افتتاح "أيام قرطاج المسرحية" في السنة نفسها.

دلالات
المساهمون