واصطف الرئيس الأميركي باراك أوباما وكبار مساعديه مجدداً، مع وجهة نظر وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر، المعارضة لمقترح "منطقة حظر جويّ"، التي أعاد وزير الخارجية جون كيري طرحها يوم الاثنين، في اجتماعٍ لأعضاء مجلس الأمن القومي، برئاسة مستشارة الأمن القومي سوزان رايس، وذلك وفقاً لما ذكره تقرير أوردته صحيفة "نيويورك تايمز"، يوم الخميس، نقلاً عن مصادر مطلعة في البيت الأبيض. ويرى بعض المراقبين، بحسب الصحيفة، بأن "الرئيس الأميركي قد أضاع فرصة إقامة حظر جوي في سورية، قبل التدخّل الروسي"، ويضيفون بأن "هذا التدخّل جعل تنفيذ المشروع أكثر صعوبة من ذي قبل".
وكان كيري قد تكبّد، يوم الاثنين، عناء قطع المسافة بين ضفّتي المحيط الأطلسي ذهاباً وإياباً، خلال الساعات الفاصلة بين اختتام زيارته الرسمية لإسبانيا وبدء جولته الأوروبية الأخيرة، ليتمكن من حضور الاجتماع في البيت الأبيض بغياب أوباما، غير أنه لم يتمّ اتخاذ أي قرار "مصيري" في اللقاء.
اقرأ أيضاً: تدخل عسكري روسي لملء "الفراغ"
ويذكر تقرير "نيويورك تايمز"، أن "كيري أعاد خلال الاجتماع المطالبة بإقرار إقامة منطقة حظر جوي في الأجواء السورية، وإقامة مناطق آمنة على الأرض، مبرراً تجديده لهذا الطلب، بتفاقم مشكلة اللاجئين السوريين، وازدياد أعداد الضحايا المدنيين عقب التدخل الروسي في سورية، فضلاً عن الحاجة إلى إعادة فرض هيبة الولايات المتحدة أمام الدب الروسي".
لكن حماسة كيري، وفقاً للصحيفة، قوبلت بفتور من جانب أوباما ومعارضة شديدة من قبل كارتر، استناداً إلى آراء جنرالات سابقين وحاليين، حذّروا من أن "إقامة منطقة حظر جوي، تحتاج إلى إرسال قوات برية لفرض منطقة آمنة على الأرض". وهو أمر لا يبدي الرئيس الأميركي أي حماسة له.
مع العلم أن كيري وكبار مساعديه في الخارجية الأميركية، يعتبرون أن "الوجود الروسي في سورية مبرر إضافي لفرض الحظر الجوي"، لكن كارتر وكبار مساعديه في البنتاغون، ينظرون إلى التدخل الروسي في سورية من زاوية السؤال عمّا يُمكن أن تفعله القوات الجوية الأميركية فيما لو اخترقت الطائرات الروسية منطقة الحظر. وينمّ هذا التساؤل عن خوف، أو عدم رغبة، بالتورّط في مواجهة مع القوات الروسية، بما قد يؤدي إلى عواقب لا تحمد عقباها.
وتُقدّم حماسة كيري لإقامة منطقة "حظر جويّ" تفسيراّ لاندفاعه سابقاً نحو توقيع مذكرة تفاهم وإنشاء خط اتصال سريع مع القيادات العسكرية الروسية في سورية، لتفادي أي أخطاء محتملة قد تؤدي إلى مواجهات غير مرغوب بها في السماء السورية بين الأميركيين والروس.
ولكن بقاء بنود مذكرة التفاهم المُشَار إليها سرية، لا يتيح المجال أمام معرفة ما إذا كان اتفاق التفاهم يسمح بإقامة مناطق حظر جوي أم لا، وما إذا كان هناك استعداد من الجانب الروسي لاحترام منطقة حظر كهذه. ولا يرى البيت الأبيض في مذكرة التفاهم الروسية الأميركية، تقارباً سياسياً بشأن الأزمة السورية ذاتها، بل مجرد إجراء احترازي لتنظيم حركة الطائرات، تجنّباً للحوادث أو تفادياً لحدوث اشتباكات جوية بين الطائرات الأميركية والروسية، وفقاً لما شدد عليه المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست، في إيجاز صحافي الأسبوع الماضي. وسبق لكيري أن حذّر في السابق، من أن "عدم تنظيم التحليق في الأجواء السورية، عقب التدخل الروسي هناك، قد يؤدي إلى نشوب أزمة دولية يجب تلافيها قبل وقوع أي حادث".
وكان رئيس أركان القوات المسلّحة الأميركية السابق، الجنرال مارتن ديمبسي، قد قدّر تكاليف إقامة منطقة "حظر جوي" في الأجواء السورية بأكثر من مليار دولار شهرياً، في حال تمّ استخدام القوات الأميركية البرية لمساندة القوات الجوية، وذلك في عام 2013. ودعا ديمبسي في ذلك الوقت أوباما لـ"الموافقة على إرسال قوات برية كافية لفرض المنطقة الآمنة، بما يضمن القدرة على تنفيذ خطط رادعة لأي تحدٍّ لمنطقة الحظر الأميركية".
اقرأ أيضاً: لقاء فيينا السوري اليوم... والتفاهمات يحسمها "شيطان التفاصيل"