"التحرير" المصرية: حجب الموقع "شمّاعة" التصفية

30 يونيو 2019
"التحرير" أُسست في أعقاب ثورة يناير (محمد عبد/فرانس برس)
+ الخط -
تحججت "التحرير" بحجب موقعها الإلكتروني في بيانها حول أزمتها، لكن ما لم تعلنه جاء على لسان عدد من صحافييها الذين فضلوا عدم ذكر أسمائهم، وقالوا إن المؤسسة المصرية تواجه الخنق في مجالات حرية الصحافة والإعلام في البلاد، إضافة إلى رغبة مالكها في تصفيتها منذ سنوات.

وكانت المؤسسة التي يصدر عنها موقع وصحيفة "التحرير" نشرت بياناً في الرابع والعشرين من يونيو/ حزيران الحالي موجهاً للصحافيين والعاملين فيها، وأشارت إلى أنها ستصرف مرتباتهم لشهرين إضافيين فقط إذا لم ترفع الحكومة قرار حجب الموقع الذي اتخذته منتصف مايو/ أيار الماضي.

وأعلنت في بيانها المذكور أن قرار غلق المؤسسة مرهون بحجب موقعها، لافتة إلى أن "قرار الغلق جاء بعد مخاطبة الجهات المعنية بالصحافة والجهات المختصة بالاتصالات، للاستفسار عن سبب الحجب ومعرفة الجهة التي تقف وراءه"، مشيرة إلى أنه "مع عدم تلقي أي إشعار يفيد وقوع مخالفات استوجبت الحجب، قُرر إغلاق الصحيفة لعدم القدرة على الوفاء بالتزاماتها تجاه العاملين بعد شهرين من الآن".

لكن أحد الصحافيين العاملين في "التحرير" قال لـ "العربي الجديد" إن "مالك المؤسسة النائب البرلماني السابق ورئيس (حزب المحافظين) أكرم قرطام يرغب في تصفيتها منذ فترة طويلة، ووجد أزمة الموقع فرصة سانحة"، لافتاً إلى أن "الحجب مؤقت، وتعرضت له مؤسسات صحافية أخرى لم تلجأ لقرار الغلق".

ورداً على تلميح البعض في الوسط الصحافي إلى أن الحجب عقاب على موقف مالك المؤسسة الرافض للتعديلات الدستورية التي تتيح للرئيس عبد الفتاح السيسي البقاء في الحكم إلى عام 2030، قال صحافي آخر لـ "العربي الجديد" إن "التحرير لا تحسب صحيفة معارضة، ونعلم بشأن موالاة أكرم قرطام للنظام الحالي واختياره لأداء دور المعارضة الصورية في بعض المواقف".

وأضاف الصحافي نفسه: "أكرم قرطام تسلم المؤسسة حين كانت متعثرة وتعاني من أزمة مالية حادّة أطاحت حينها بعدد كبير من الصحافيين، وأدت للاستغناء عن طباعة العدد اليومي والاكتفاء بعدد أسبوعي إلى جانب الموقع الإلكتروني، والسيناريو نفسه يتكرر الآن".
وركز على النقطة نفسها أحد زملائه الذي اعتبر أن "أكرم قرطام له سوابق كثيرة في فصل وتشريد الصحافيين"، قائلاً إن "صحافيين اتهموه في بيانات وسمية وخطابات مثبتة في محاضر لدى نقابة الصحافيين بممارسة سياسة التحايل والنصب على النقابة و(المجلس الأعلى للصحافة)".

وتابع: "أجرى قرطام تلك اللعبة عندما أصدر العدد الأخير من صحيفة (التحرير) في 31 أغسطس/ آب عام 2015، بعد اتخاذ قراره بغلقها بسبب الخسائر المالية. وصدر العدد المذكور من دون أخبار أو تقارير، مقتصراً على مقالات صحافيين وكتّاب أعمدة تحدثوا عن التجربة والوداع، وتقرير قصير عن الخط السياسي للصحيفة منذ صدورها".
صحافي رابع استنكر ما جاء في بيان نقابة الصحافيين المصرية التي وعدت بالتدخل، مشيراً إلى أن "نقابة الصحافيين على علم بأزمة الحجب منذ يومها الأول، وكانت طرفاً أصيلاً في النزاع وعلى علم بتطورات الأوضاع، وواحدة من الأبواب المطرقة لحل الأزمة خلال الفترة الماضية، فكيف لها أن تتعامل مع الأمر بهذه المفاجأة الآن وتعرض تدخلها لدى المجلس الأعلى للإعلام لاستيضاح الأمر؟".

وكانت نقابة الصحافيين المصرية أصدرت بياناً قالت فيه: "سيخاطب النقيب فورياً رئيس (المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام) بوصفه المسؤول عن المواقع الإلكترونية في البلاد بحكم القانون، لتوضيح وتفسير الحجب الذي يتعرض له الموقع (التحرير) طوال الفترة المشار إليها، لإعلام الزملاء العاملين به وإدارته والرأي العام المصري علناً بحقيقة الأمر".

يذكر أن صحيفة "التحرير" أُسست في أعقاب ثورة 25 يناير/ كانون الثاني عام 2011، وتحديداً في 3 يوليو/ تموز من العام نفسه. وترأس تحريرها عند الإطلاق الكاتب الصحافي إبراهيم عيسى، وكانت تصدر بشكل يومي، ثم تعرضت لعثرات قوية وأغلقت لفترة. وأعاد رجل الأعمال أكمل قرطام تأسيسها في مايو/ أيار عام 2013، وتحولت من الإصدار اليومي إلى الأسبوعي فقط في سبتمبر/ أيلول عام 2015. وأطلق موقعها الإلكتروني نهاية عام 2014.

وكان أحد صحافيي "التحرير" أقدم على الانتحار بحرق نفسه على سلم النقابة، اعتراضاً على قرار غلق الصحيفة الصادر في 31 أغسطس/ آب عام 2015. كما نظم صحافيون حينها وقفة احتجاج، رددوا فيها هتافات "أكمل أكمل أكمل بيه... التحرير دي رسالة يا بيه"، و"إللي قفل الجرنال... عايز يدخل البرلمان"، و"قفل صحيفة عار وخيانة". كما تقدموا حينها بمذكرة لنقابة الصحافيين المصرية، لمطالبة مجلسها بالتدخل في حل أزمتهم.
المساهمون