"الإخفاء"... كسر الصورة النمطية للألبوم العربي

18 أكتوبر 2017
تامر أبو غزالة (Getty)
+ الخط -
لم يكن ألبوم "الإخفاء" الذي أُصدر نهاية الشهر الماضي، ألبوماً نمطياً، فجميع العناصر الفنية المرتبطة بالألبوم والمتفرعة عنه، تضافرت لإنتاج صورة غير تقليدية عن الألبومات الغنائية في الوطن العربي، فالشكل الموسيقي الفريد، وتباين أساليب الأداء وعدم اتساقها، والكلمات التي تبدو كأنها هلوسات غير قادرة على تشكيل المعنى، والصور والرسوم المرفقة بالألبوم، وحتى عنوان الألبوم؛ تبدو جميع هذه العناصر كأنها جمعت ببوتقة واحدة، وتهدف لكسر نمطية الألبومات الغنائية العربية.

تشارك في ألبوم "الإخفاء" ثلاثة موسيقيين عرب، لهم باع طويل في الموسيقى العربية البديلة، وهم المغنية المصرية مريم صالح، وزوجها الفلسطيني تامر أبو غزالة، بالإضافة للموسيقي المصري موريس لوقا. وبحسب التعريف الذي أرفقه فريق العمل بأغاني الألبوم على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن العمل على الألبوم استغرق ثلاثة أعوام، وأنجز في أربع إقامات إبداعية، وأنتجت الألبوم شركة "مستقل" الفنية، بدعم من الصندوق العربي للثقافة والفنون "آفاق". ويتضمن كلمات للشاعر المصري العامي ميدو زهير. ويضم الألبوم اثنتي عشرة أغنية، وهي: "إيقاع مكسور" و"نفسي ف عقلي" و"ماكونش وأكون" و"عايز أوصل" و"متحف فنون الغش" و"وشوش الليل" و"مزيكا وخوف" و"كنت رايح" و"تسكر تبكي" و"الشهوة والسعار".

يبدو للوهلة الأولى أن الألبوم يفتقر إلى تيمة تجمع أغاني الألبوم، وأن كلمة "الإخفاء" تم اختيارها بشكل عشوائي لتكون عنواناً للألبوم، ولكن ورود عبارات ذات إيحاءات وجودية في العديد من أغاني الألبوم، وتكرار بعض الكلمات والأفكار الوجودية في عبارات تفتقد السياق الحواري أو السردي، كالموت والجنون والحضور والغياب، تعطي مفتاحاً لقراءة الألبوم بسياق متصل؛ فكلمات الألبوم تبدو أشبه بهلوسة، فاللغة غير مترابطة، وتفتقد لأحرف الجر، وذلك ما يجعل الأغاني تبدو للحظات تفتقر إلى أي مضمون، وتبدو كأنها استعراض للمهارات الموسيقية ليس إلا؛ ولا تكسر ذلك الانطباع سوى بعض الصور الشعرية المحملة بالأسئلة الوجودية، والتي تمر مروراً عابراً بين جمل متناثرة تفتقد المعنى الواضح، والتي كتبت بطريقة التداعي الحر.

ومن ناحية أخرى، فإن الألبوم يبدو تجربة فريدة، ومحاولة جادة لمزج الأنماط الموسيقية والابتكار؛ فالموسيقى تبدو ارتجالية وتنتقل بسلاسة بين أنماط موسيقية متباعدة، كـ"الإليكتريك بوب" والموسيقى الشرقية وموسيقى المهرجانات المصرية. ولكن ما يعيب معظم الأغنيات هو التفاوت الكبير بين أداء مريم صالح، والتي تمزج الكلمات بإحساسها وعاطفتها، وتتمتع بإمكانات صوتية كبيرة، وأداء تامر أبو غزالة، والذي يتخذ من التهكم أسلوباً للغناء، فيكسر الحالة الشعورية التي تبنيها صالح في كل أغنية؛ إلا أن ذلك يبدو نتيجة طبيعية لمزج ثلاث تجارب فنية مختلفة بقالب واحد.
وجدير بالذكر أن أبو غزالة وصالح ولوقا، قد مروا من قبل بتجارب موسيقية مختلفة، وحاولوا أن يخلقوا حوارات موسيقية مع العديد من الفنانين العرب المستقلين، لا سيما تامر أبو غزالة، والذي سبق أن عاش تجارب موسيقية مختلفة، وأسس العديد من الفرق، والتي لم تعش طويلاً، ومنها فرقة "الألف" التي تشارك فيها مع موريس لوقا واللامي سنة 2012؛ فهناك عشرات الأعمال التي جمعت فناني الموسيقى البديلة من قبل تحت اسم فرقة موسيقية، ولكن هذه المرة الأولى التي يجتمع بها ثلاثة منهم لإنتاج ألبوم، من دون أن يعلنوا تأسيس فرقة جديدة.

دلالات
المساهمون