"الآلهة المصرية القديمة": صمت الفراعنة في غرونوبل

23 ديسمبر 2018
من المعرض
+ الخط -

شهدت الشهور الأخيرة صعود جدل حول الآثار الأفريقية التي تعرضها متاحف مختلفة في العواصم الأوروبية والتي امتنعت لعقود طويلة عن إعادة هذه الآثار إلى أصحابها بتعلات شتّى، منها عدم توفّر أماكن عرض وظروف صيانة، وصولاً إلى القول بأنها ملكيات خاصة لا تقدر حتى الدول على استرجاعها من أصحابها. بلدان مثل السينغال وبينين والكونغو تبدو اليوم مصمّمة على الذهاب بالمعركة إلى أقصى ممكناتها مستغلة فيها وسائل مختلفة، بين الضعط الرسمي والإعلامي والاعتماد على خبراء الآثار.

ضمن هذا السياق، يقام هذه الأيام في "متحف غرونوبل" (جنوب شرق فرنسا) معرض بعنوان "خدمة الآلهة المصرية القديمة" يتواصل حتى 27 من كانون الثاني/ يناير 2019، غير أنه يبدو في منأى عن أي صدى لهذه السجالات.

يقدَّم المعرض في الصحافة الثقافية الفرنسية كأحد أهم فعاليات نهاية السنة، خصوصاً وأنه يأتي بزاوية رؤية مختلفة عن الحضارة المصرية القديمة، إذ يشير تقديم المعرض إلى أنه يهتم بالجانب الروحاني من هذه الحضارة ويمزجه بالحياة اليومية، فقد صُمّم المعرض كي يشعر الزائر بأنه يتجوّل في أماكن العبادة في مدينة طيبة القديمة.

يركّز المعرض من جانب آخر على فترة بعينها من التاريخ المصري القديم، تعود إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد، وهي فترة ازدهار اقتصادي انعكس في بناء المعابد، وأهمها معبد الكرنك، والذي يجسّد لوحده تطوّر التديّن في مصر القديمة بما أن بناءه ظل خاضعاً للتجديد والإضافة على مدى 2000 سنة، ويكشف ذلك عن تغيّرات في فهم وظيفة الدين الاجتماعية والسياسية، إضافة إلى إضاءة تحوّلات في ممارسات شتى مثل الدفن وعلاقة الشعب بالفرعون.

لم تكن إقامة هذا المعرض ممكنة لولا استعارة مجموعة هامة من القطع الأثرية من متحف اللوفر في باريس. مجموعة الفرعونيات المعروضة اليوم في "متحف غرونوبل" أو تلك المقدّمة في جناح المصريات في متحف اللوفر كيف لا تعيدنا إلى سياق المطالبات الأفريقية بالآثار المنهوبة؟ أليست مصر (القديمة والحديثة) جزءاً من القارة؟ ثم، أليست الفرصة سانحة للدولة المصرية للمطالبة جدّياً بآثار سُرقت بشكل ممنهج منذ وصول الأوروبيين بمدافعهم مع حملة نابليون في نهاية القرن الثامن عشر؟

المساهمون