"استشراف": مستقبل الطاقة وحروبها

13 أكتوبر 2018
أرمان/ الولايات المتّحدة
+ الخط -

منذ ظهور الدراسات المستقبلية كمجال بحثيٍّ مستقلّ في الأكاديميات الغربية في ستينيات القرن الماضي، جرت مراكمة كمّ معرفي هائل يمكن البناء عليه، إضافةً إلى محاولات التقعيد العلمي وفق تعريف أساسي يرى بأنها تنبّؤٌ مشروط من منظور احتمالي وعلمي نسبي.

ورغم الجهود الفردية التي يبذلها عدد من الباحثين، إلّا أن مكانة هذه الدراسات ودورَها في العالم العربي لا يزالان محدودَين وخارج اهتمامات المؤسّسة الرسمية، يُضاف إلى ذلك الصعوبات التي تواجه المشتغلين بها، من حيث عدم القدرة على الوصول إلى كثير من المعلومات بسبب حجبها أو منع تداولها، أو لغيابها أحياناً في بعض المجالات.

من أبرز المشاريع العربية في هذا السياق مجلة "استشراف" الدورية السنوية التي يُصدرها "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في الدوحة، بهدف "استئناف الزخم العربي المهمّ الذي برز خلال العقود الثلاثة الماضية على المستوى البحثي، وإعادة طرح قضاياه وأسئلته من جديد، لتكريس مدرك المستقبل في جهاز مفاهيم الباحثين والمخطّطين والإستراتيجيّين ومنتِجي الرؤى والأفكار".

يسعى المشروع، بحسب "المركز"، إلى تكوين نخبة علمية فاعلة في المجال البحثي الاستشرافي؛ بحيث يتكامل جهد استشراف مع إدماج العديد من الأقسام العلمية في الجامعات العربية اليوم اختصاصَ الدراسات المستقبلية في مناهجها.

قبل أيّام، صدر العدد الثالث من المجلة، والذي ركّز، كسابقَيه، على الجوانب المنهجية والإبستيمولوجية للاستشراف، والإسهام في تعريب المفاهيم والأبحاث والمناهج والتقنيات الاستشرافية وتبيئتها في الوطن العربي، من خلال ترجمة عدد من البحوث والدراسات والتقارير من اللغات الأجنبية إلى العربية، ومن خلال مراجعات كتبٍ تهمّ حقل الدراسات المستقبلية.

خُصّص العدد لموضوع "استشراف مستقبل الطاقة"، لما تكتسيه هذه المسألة من أهمية مركزية في العالم العربي، إذ تُثار تساؤلات جديّة بشأن إدارة فترة ما بعد ذروة النفط وذروة الغاز، إضافةً إلى أسئلة الاستهلاك الطاقي والنجاعة الطاقية والتنمية المستدامة.

ضمّ العدد ثلاثة أقسام هي: "دراسات"، و"ترجمات"، و"مراجعات". تضمّن الأول عشر دراسات تناولت بالبحث والتحليل إشكاليات مصادر الطاقة في العالم العربي، ومستقبل الطاقة في العالم وتحوّلاته التكنولوجية. بينما ركّز الثاني على الطاقة النظيفة والمتجدّدة ودورها في مستقبل سوق الطاقة. أما الثالث، فتناول عروضاً ومناقشاتٍ لأبرز الكتب الصادرة حديثاً في هذا المجال.

يُفتَتح باب "دراسات" بمقال يحمل عنوان "خرافة عصر ما بعد النفط"، لخبير اقتصاديات الطاقة ممدوح سلامة، والذي وضع بحوثاً عدّة تستند إلى فرضية أن النفط هو محرّك حروب القرن الحادي والعشرين من أجل فرض مزيد من الهيمنة السياسية والاقتصادية، وسيظلّ المحرّك الأساسي للاقتصاد العالمي لأكثر من خمسين سنة مقبلة.

في دراسته "اكتشافات الغاز الطبيعي شرق المتوسّط: استشراف الفرص والتحدّيات الجيوسياسية"، يستكشف الباحث مروان قبلان الرهانات الجيوسياسية لهذه الاكتشافات الموزَّعة بين مصر وقبرص وفلسطين المحتلة وتركيا ولبنان وسورية، والتي تزداد حدّتها نتيجة حالة عدم الاستقرار وضعف إمكانات التعاون بين تلك البلدان، في ظلّ الصراعات المزمنة أو حديثة النشأة في المنطقة.

نقرأ، أيضاً، في "ترجمات" مقالاً بعنوان "طاقة المستقبل من دون نفط أو وقود أحفوري" لـ جون لوري، و"أسعار الطاقة غداً: تحليل للنظام الطاقي، والجهات الفاعلة، وعوامل التطوّر". ويضمّ "مراجعات" قراءات في كتب مثل: "ديمقراطية الكربون: السلطة السياسية في عصر النفط" لـ تيموثي ميتشيل، و"حروب الطاقة الجديدة" لـ جين- ماري تشفالير وباتريك غيوفرون.

المساهمون