تطالب حركة "مجتمع السلم"، التي تمثل الذراع السياسية لجماعة "الإخوان المسلمين"، في الجزائر، الحزب الإسلامي الأكبر في البلاد، بحلّ الحكومة وتشكيل حكومة توافقيّة وتنظيم انتخابات رئاسيّة مسبقة، بسبب الوضع الصحي للرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، ولإنقاذ البلاد من تداعيات ومخاطر أزمة انهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية.
وتطرح الحركة في ورقة سياسيّة صادرة عنها، ما وصفته بـ "خطوات إصلاح الوضع السياسي والاقتصادي في البلاد، لتجاوز الأزمة الراهنة ومخاطرها". ويقول الأمين الوطني للشؤون السياسية والاقتصادية في الحركة، فاروق طيفور، لـ "العربي الجديد"، إنّ "هذه الرؤية السياسيّة تندرج في إطار تكريس هدنة سياسيّة بين السلطة والمعارضة، تجنّباً لمخاطر انزلاقات قد تحدثها تداعيات الأزمة النفطيّة، وسياسات التقشّف التي أقدمت عليها الحكومة".
ويعتبر طيفور أنّ "تجاوز هذه المخاطر يتطلب إعلان هدنة سياسيّة لحماية البلاد، يرعى خلالها الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة مسار الانتقال الديمقراطي، المتفق على محاوره، وينتهي بتنظيم رئاسيات مسبقة". لكنه يؤكد أنّ "هذه الهدنة لن تنجح ما لم يتم حلّ الحكومة الحالية التي فشلت في تحقيق أي انجازات اقتصاديّة أو اجتماعية، وتشكيل حكومة توافقيّة تكون مهمتها الإعلان عن مسار انتخابي جديد من خلال تعديل قانون الانتخابات وتأسيس هيئة وطنيّة مستقلّة للإشراف على تنظيم الانتخابات بدل وزارة الداخلية، كما هو موجود في أكثر من 70 دولة".
ويطالب الحزب العضو في تنسيقية "التغيير والانتقال الديمقراطي"، وهي تسمية تكتّل المعارضة الجزائريّة، بتنظيم حوار سياسي واقتصادي واجتماعي، يشارك فيه كافة الشركاء، من سلطة ومعارضة، على أن يناقش الأوضاع الحالية ويبحث عن الخطة الممكنة لإخراج البلاد من هذه الأزمة، ويصيغ رؤية تنموية للسنوات العشرين المقبلة". ويقترح تشكيل "حكومة توافقيّة تعمل على تنفيذ هذه الخطة وتجتمع على هدف كبير، هو حماية البلد من الانهيارات المحتملة، ورفض التدخّل الأجنبي".
وتعتبر الوثيقة أن "الوضع السياسي والاقتصادي الجزائري، بعد انخفاض أسعار البترول وقرار الحكومة بشطب بعض المشاريع، والإعلان عن مرحلة شدّ الحزام وتحميل المواطن عجز السلطة عن تحقيق التنمية، يتطلّب قرارات شجاعة".
وتتهم الوثيقة الحكومة "بالعجز عن توقّع الأزمات ووضع تدابير وقائيّة إزاءها"، مذكّرة بأنّ "الحكومة لا تملك جهازاً لتوقّع المخاطر أو تدسّ رأسها في التراب عن الحقائق، إذ أعلنت قبل شهرين رصد مبلغ 262 مليار دولار للبرنامج الخماسي 2015-2019، ثمّ بعد شهر فقط، تراجع بعض المشاريع والقرارات، وتعلن أنّها لا تستطيع تنفيذ كل البرامج". وتعتبر الوثيقة أنّه "لا يمكن توقع شيء من حكومة تسيّر يوميات، وليس لها استراتيجيات، مع وصول سعر البرميل إلى 146 دولارا من دون تحقيق أي انجاز". ويرى أنّ "القضية ليست قضيّة ارتفاع أو انخفاض أسعار النفط، لكنها قضيّة عجز عن صياغة رؤية اقتصاديّة مستقبليّة تعتمد على ريوع المحروقات لتحقيق التنمية الاقتصاديّة الحقيقيّة في قطاعات الصناعة والفلاحة والسياحة والخدمات".
وفي سياق متصل، يقول طيفور إنّ "الحكومة فشلت في إعلان الحرب على الفساد، وفي استعادة الأموال المنهوبة التي حُوّلت إلى الخارج"، مشيراً إلى أنّ "السلطة تسارع إلى خطاب تخوين أحزاب المعارضة، كلما طالبت الأخيرة بإصلاح الأوضاع الاجتماعيّة والاقتصاديّة أو طالبت بالتغيير". ويدعو إلى "وقف خطاب التخوين والتخويف الذي تستخدمه بعض أحزاب الموالاة باسم السلطة، لضمان بقائها في المناصب الزائلة، على حساب مصلحة البلاد العليا وخدمة لمصالح حزبيّة ضيّقة".
ويبدو أنّ أزمات الجزائر مرشّحة للتفاقم، من أزمة مرض الرئيس بوتفليقة وغموض تسيير السلطة واتخاذ القرار، إلى أزمة انهيار أسعار النفط، التي بدأت تلقي بظلالها على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي في الجزائر، خصوصاً بعد قرارات التقشّف التي أعلنتها الحكومة، وهو ما أعاد إلى الذاكرة الجزائريّة، الأزمة الاقتصاديّة والسياسيّة التي أفرزت انتفاضة أكتوبر/تشرين الأول 1988.