مسلسل "أهل الغرام 3" يفتقد لمدينة دمشق

30 يونيو 2017
يشارك جمال سليمان في بطولة المسلسل (Getty)
+ الخط -
منذ ما يقارب عشرة أعوام، أنتِج الجزء الأول من مسلسل "أهل الغرام". ومنذ اللحظة الأولى لعرضه تميز المسلسل بأسلوبه في الطرح، إذ ركَّز فقط على الدراما العاطفية والرومانسية من خلال قصص حب بسيطة، تبدأ وتنتهي خلال حلقة أو اثنتين، ويجسِّدها أبطالٌ ونجوم مختلفون، يعيشون ضمن إطار اجتماعي سوري.

واستطاع المسلسل حصد قاعدة شعبيّةٍ كبيرة، على الرغم من أن التيمة التي جمعت قصصه هي تيمة حزينة، فجميع قصص الحب تنتهي بالفشل لأسباب وعوائق تعكس الواقع السوري. إلا أن المسلسل لامس قلوب المشاهدين ببساطته وعفويته بالطرح، وأثّر نجاحه والشعبية التي حصدها، لإنتاج الجزء الثاني منه عام 2008.

وبالتزامن مع عرضه على القنوات حينها، أعلن القائمون على المسلسل عن استقبال قصص من المشاهدين الذين يودون طرح قصتهم العاطفية الفاشلة، وتجسيدها بشكل درامي من خلال مسلسل "أهل الغرام"، على أن يتم اختيار بعض القصص المرسلة ليتم تصويرها وطرحها ضمن الجزء الثالث، مع الاحتفاظ بسرية أسماء أصحاب القصص الحقيقية.

ومع مرور الوقت، وتوقف الأخبار حول إنتاج أجزاء أخرى من العمل، لم يعد الناس ينتظرون عرض قصصهم على شاشات التلفزيون، وتحول المسلسل إلى عمل يذكرهم فقط بالفترة الذهبية للدراما السورية قبيل الثورة السورية، ويؤكد على تدهور الدراما عاماً بعد عام. فشكَّل خبر إنتاج الجزء الثالث منه، بُشْرَى سارة لعشاق الدراما السورية، وخاصةً أن عودته بدت كمناسبة فنية تجمع نجوماً وأسماءً كبيرة من السوريين المعارضين، أمثال جمال سليمان ومكسيم خليل وكندة علوش، مع فنانين ممن بقوا في كنف النظام، مثل باسم ياخور وكندة حنا.

إلا أن الجزء الثالث جاء مخيباً للآمال لعدة أسباب، بدايةً بسبب غياب البيئة المكانية للمسلسل، وهي دمشق، والتي ارتبطت عاطفياً بالجزأين السابقين من المسلسل، والاستعانة عوضاً عنها بمدينة بيروت. وخصوصاً أنه نجم عن ذلك إقحام تبريرات درامية في المسلسل تحيلنا لظروف الحرب والنزوح واللجوء وتداعيات المدينة الغائبة، وتلك المبررات الدرامية لا تبدو أصلاً متناسبة مع سياق القصة الأصلية. ففي خماسية "الحب المستحيل" تموت البطلة إثر عودتها لدمشق وسقوط قذيفة من الهاون على منزلها.

ومع غياب المدينة، غابت البساطة، ولا سيما أن الشخصيات المختارة غريبة ومنفصلة عن واقع اللاجئين السوريين في لبنان، ومتعالية عليهم، فالشخصيات المختارة لا يمكن وصفهم باللاجئين، فهم أغنياء لا يعانون من أي مشكلة تتعلق بالإقامة أو العنصرية أو تدهور الأوضاع الاقتصادية، بل هم على العكس من ذلك، يتمتعون بثراء فاحش، ويعيشون في قصورهم مرفهين بعيدين عن أعين اللاجئين، الذين يظهرون في مشاهد ثانوية، ويلعبون شخصيات على الهامش كناطور البناء أو الخادمة وأولاد اللاجئين في المخيمات.

إضافةً إلى ذلك، فإن تحويل القصص من حلقات منفردة إلى خماسيات، تسبب بتكريس أزمات المكان وانعكاسات واقع الغربة، فقصص الحب البسيطة، والتي تصل إلى حد السذاجة أحياناً، لا تتطلب كل تلك المماطلة، فالحب يتم من نظرة واحدة، والشخصيات منعزلة عن تاريخها، والحكايات الهامشية تبقى في الهامش، لتسير قصة الحب وحيدة ببطء نحو مصيرها المشؤوم.



المساهمون