وصلت الأغنية الجزائرية بمدارسها المختلفة، أندلسي، شعبي، شاوي، صحراوي، قبائلي، إلى درجة التشبّع بالنجوم والأصوات، التي ظهر بعضها قبل الاستقلال الوطني، 1962، فيما برز بعضها بعده، حين أطلقت مؤسسة التلفزيون الجزائري برنامج "ألحان وشباب" عام 1974، الذي يعدّ من أقدم البرامج المنقّبة عن المواهب الغنائية الشّابة في الوطن العربي.
لعب البرنامج دوراً حاسماً، خلال سنواته العشر الأولى، في اكتشاف أصوات جديدة ومختلفة، مثل الشاب خالد والشّاب مامي. إذ شكّل منصّة لانطلاقها نحو العالمية، وإعطاء الشّرعية لأغنية الرّاي، التي كانت ممنوعة من المرور عبر القنوات الحكومية، فلا تعلن عن نفسها إلا في علب الليل، ونخبة محدودة من الأعراس الشّعبية، والأشرطة المسجّلة المهرّبة في جيوب الشّباب.
في تسعينيات القرن العشرين، أدّت موجة العنف والإرهاب، التي شهدتها الجزائر، إلى توقّف البرنامج. ذلك أنه كان من الصّعب أن ينتقل فريقه من مدينة إلى أخرى، لاكتشاف المواهب الشابّة، خلال التصفيات الأولية في المراكز الثقافية. كما أن إقبالها على الظهور في التلفزيون تراجع بنسبة كبيرة، فقد كانت الجماعات المسلّحة تقتل كلّ من اختار طريق الفن، مثلما حدث لنجم الأغنية العاطفية الشّاب حسني عام 1994، ونجم الأغنية الأمازيغية معطوب الونّاس عام 1998.
أدّى اختفاء البرنامج، إلى فرض حقيقة جديدة، في المشهد الفنّي الجزائري، حيث إن علب الليل والكباريهات باتت هي من يصنع نجوم الأغنية الجزائرية، بعيداً عن المعايير الفنية، فهيمنت عليه الأغنية التجارية والأصوات محدودة الإمكانيات، بالموازاة مع انسحاب أو هجرة الروّاد. وبدأت المنابر المختلفة تطرح سؤال الرّداءة، التي شوّهت الذّوق الفنّي العام.
خلال عام 2012، بادر التلفزيون الجزائري، في عهد مديره ووزير الثقافة والإعلام الأسبق، حمراوي حبيب شوقي، إلى بعث برنامج "ألحان وشباب" من جديد، تحت شعار "عودة المدرسة"، بالتعاون مع شركة إنتاج خاصّة، وبإمكانيات مالية وتقنية ضخمة، وفق تصوّر جديد. ممّا وفّر له ألقاً في الأوساط الشّبابية، وجعله في صدارة البرامج الجزائرية الأكثر مشاهدة وقدرة على منافسة البرامج الشّبيهة في القنوات العربية.
بلغ عدد القوافل المنطلقة إلى المناطق الأربع للبلاد ستّ قوافل، بكل ترسانتها من التقنيين والمصوّرين والمحكّمين، الذين كانوا في العادة من الوجوه المعروفة في مجال الموسيقى والغناء، ليتمّ انتقاء خمسة عشر صوتاً للمشاركة في البرايمات النّهائية.
مراعاة التوازن الجغرافي في اختيار الأصوات النهائية، فعّل الاهتمام الشّعبي بالبرنامج، من خلال التصويت عن طريق الرسائل القصيرة، إذ كان عدد المصوّتين حاسماً في بقاء المترشّح أو خروجه من البرايم، وصولاً إلى الفائز الأخير، الذي يحصل على سيارة وشقّة ومبلغ مالي في حدود خمسين ألف دولار أميركي.
يقول إبراهيم حدرباش، أحد المتخرّجين من البرنامج لـ"العربي الجديد"، إنه من المتعب والباعث على اليأس أن تجد نفسك نجمًا بين عشية وضحاها، ولو أن هذا منسجم، بحسبه، مع الإيقاع السّريع للحظة المعاصرة، ثم يراك جمهورك ومحبّوك يوميًا في المقاهي والأسواق ووسائل النقل العام، كما كنت في السّابق. يشرح: "كثيرون لا يتفهمون هذا الوضع. فالنجومية عندهم ألق وإمكانيات مالية، وقد يتحوّل إعجابهم بك إلى سخرية منك، فيتحوّل طموحك، الذي خلقه فيك البرنامج، إلى يأس".
سأل "العربي الجديد" إبراهيم حدرباش عمّا هو متاح من فرص لخريجي "ألحان وشباب"، بعد تخرّجهم، فقال إن الفرصتين الوحيدتين هما دعوات متقطّعة من "الدّيوان الوطني للثقافة والإعلام" للمشاركة في بعض مهرجاناته وقوافله الفنية، ودعوات بعض المؤسسات الثقافية والعائلات الثرية للمشاركة في سهراتها وأعراسها. يضيف: "قد توفّر لك هذه الفرص دخلاً مالياً يضمن لك أن تعيش، لكننا نبحث عن فرص حقيقية لإيصال مشاريعنا الفنية للجمهور الواسع".
اقــرأ أيضاً
لعب البرنامج دوراً حاسماً، خلال سنواته العشر الأولى، في اكتشاف أصوات جديدة ومختلفة، مثل الشاب خالد والشّاب مامي. إذ شكّل منصّة لانطلاقها نحو العالمية، وإعطاء الشّرعية لأغنية الرّاي، التي كانت ممنوعة من المرور عبر القنوات الحكومية، فلا تعلن عن نفسها إلا في علب الليل، ونخبة محدودة من الأعراس الشّعبية، والأشرطة المسجّلة المهرّبة في جيوب الشّباب.
في تسعينيات القرن العشرين، أدّت موجة العنف والإرهاب، التي شهدتها الجزائر، إلى توقّف البرنامج. ذلك أنه كان من الصّعب أن ينتقل فريقه من مدينة إلى أخرى، لاكتشاف المواهب الشابّة، خلال التصفيات الأولية في المراكز الثقافية. كما أن إقبالها على الظهور في التلفزيون تراجع بنسبة كبيرة، فقد كانت الجماعات المسلّحة تقتل كلّ من اختار طريق الفن، مثلما حدث لنجم الأغنية العاطفية الشّاب حسني عام 1994، ونجم الأغنية الأمازيغية معطوب الونّاس عام 1998.
أدّى اختفاء البرنامج، إلى فرض حقيقة جديدة، في المشهد الفنّي الجزائري، حيث إن علب الليل والكباريهات باتت هي من يصنع نجوم الأغنية الجزائرية، بعيداً عن المعايير الفنية، فهيمنت عليه الأغنية التجارية والأصوات محدودة الإمكانيات، بالموازاة مع انسحاب أو هجرة الروّاد. وبدأت المنابر المختلفة تطرح سؤال الرّداءة، التي شوّهت الذّوق الفنّي العام.
خلال عام 2012، بادر التلفزيون الجزائري، في عهد مديره ووزير الثقافة والإعلام الأسبق، حمراوي حبيب شوقي، إلى بعث برنامج "ألحان وشباب" من جديد، تحت شعار "عودة المدرسة"، بالتعاون مع شركة إنتاج خاصّة، وبإمكانيات مالية وتقنية ضخمة، وفق تصوّر جديد. ممّا وفّر له ألقاً في الأوساط الشّبابية، وجعله في صدارة البرامج الجزائرية الأكثر مشاهدة وقدرة على منافسة البرامج الشّبيهة في القنوات العربية.
بلغ عدد القوافل المنطلقة إلى المناطق الأربع للبلاد ستّ قوافل، بكل ترسانتها من التقنيين والمصوّرين والمحكّمين، الذين كانوا في العادة من الوجوه المعروفة في مجال الموسيقى والغناء، ليتمّ انتقاء خمسة عشر صوتاً للمشاركة في البرايمات النّهائية.
مراعاة التوازن الجغرافي في اختيار الأصوات النهائية، فعّل الاهتمام الشّعبي بالبرنامج، من خلال التصويت عن طريق الرسائل القصيرة، إذ كان عدد المصوّتين حاسماً في بقاء المترشّح أو خروجه من البرايم، وصولاً إلى الفائز الأخير، الذي يحصل على سيارة وشقّة ومبلغ مالي في حدود خمسين ألف دولار أميركي.
يقول إبراهيم حدرباش، أحد المتخرّجين من البرنامج لـ"العربي الجديد"، إنه من المتعب والباعث على اليأس أن تجد نفسك نجمًا بين عشية وضحاها، ولو أن هذا منسجم، بحسبه، مع الإيقاع السّريع للحظة المعاصرة، ثم يراك جمهورك ومحبّوك يوميًا في المقاهي والأسواق ووسائل النقل العام، كما كنت في السّابق. يشرح: "كثيرون لا يتفهمون هذا الوضع. فالنجومية عندهم ألق وإمكانيات مالية، وقد يتحوّل إعجابهم بك إلى سخرية منك، فيتحوّل طموحك، الذي خلقه فيك البرنامج، إلى يأس".
سأل "العربي الجديد" إبراهيم حدرباش عمّا هو متاح من فرص لخريجي "ألحان وشباب"، بعد تخرّجهم، فقال إن الفرصتين الوحيدتين هما دعوات متقطّعة من "الدّيوان الوطني للثقافة والإعلام" للمشاركة في بعض مهرجاناته وقوافله الفنية، ودعوات بعض المؤسسات الثقافية والعائلات الثرية للمشاركة في سهراتها وأعراسها. يضيف: "قد توفّر لك هذه الفرص دخلاً مالياً يضمن لك أن تعيش، لكننا نبحث عن فرص حقيقية لإيصال مشاريعنا الفنية للجمهور الواسع".