"ألبوم العائلة".. توثيق للنكبة بعدسات فلسطينية

الأناضول

avata
الأناضول
11 مايو 2015
D25CDE5B-C943-44CE-9466-B8643C5ED3AF
+ الخط -
تجوب الفتاة حنين صالح، مدن وبلدات الضفة الغربية، منذ نحو 4 أشهر، تجمع صورًا وشهادات فلسطينية؛ لتوثيقها ضمن مشروع "ألبوم العائلة"، الذي يقوم عليه المتحف الفلسطيني؛ لجمع صور من الذاكرة الفلسطينية توثّق محطات هامة من حياة الفلسطينيين قبل وخلال النكبة عام 1948.

وصالح التي تعمل منسقة إعلامية وباحثة ميدانية في المتحف الفلسطيني (غير حكومي) تقول: "نعمل بأسلوب علمي وبحثي دقيق، نجمع الصور العائلية من العائلات الفلسطينية، نرفقها بمقابلات مطولة مسجلة صوتيًا، حول الصور ومكانها ومناسبتها وأسماء من يظهرون فيها ومصوريها".

وتضيف الفتاة بينما تتفقد ألبومًا لعائلة فلسطينية مقدسية يعود تاريخها إلى زمن الحقبة العثمانية في فلسطين (1516 - 1914): "لقد طرقنا بابًا مميزًا، وجدنا كنوزًا مخبئة لدى العائلات الفلسطينية، وثّقت حقباً مهمة في حياة الشعب الفلسطيني، منها سياسية وأخرى اجتماعية وحتى رياضية". وتتابع: "جمعت مئات الصور، ولا يزال العمل متواصلاً، وباتت في ذاكرتي آلاف القصص إلى جانب زملاء آخرين يعملون في مواقع مختلفة من فلسطين التاريخية". وتشير الفتاة صالح إلى صور تمسكها بيديها قائلة: "هذه الصور تم توثيقها من سيدة عجوز تسكن في رام الله (وسط الضفة الغربية)، بعد أن هجّرت عائلتها من عكا (شمال إسرائيل)".

وتحكي قصة الصورة التي تُظهر زوجين في يوم زفافهما: "السيدة تقول إن الصورة لجدها وجدتها، وكان يعمل جدها تاجر برتقال، وقد اشترى فستان زفاف عروسه من باريس". ومن بين صور المتحف صورة للشهيد عبد السلام البرقاوي الذي تم اغتياله من قبل قوات الانتداب البريطاني خلال ثورة عام 1936 (التي استمرت حتى إخمادها 1939 بين مقاتلين فلسطينيين والجيش البريطاني ومسلحين يهود)، بحسب صالح.

واستطاع الباحثون في المتحف جمع نحو 3500 صورة قديمة، تم تحويلها إلى صور رقمية، بحسب رنا العناني، مديرة العلاقات العامة والإعلام في المتحف الفلسطيني.

وتحتفظ بعض المتاحف الفلسطينية بمقتنيات ووثائق فلسطينية لما قبل النكبة الفلسطينية، فيما لا يتوفر لدى السلطة الفلسطينية أرشيف خاص بالنكبة وحياة الفلسطينيين خلالها، بحسب العناني.

وتقول عناني: "الأرشيف الفلسطيني ضاع، بين الحروب والتنقل، ولذلك ارتأينا البحث في أرشيف العائلة الفلسطينية، وتحويله صوراً رقمية لعرضها عبر موقع إلكتروني مختص، سيكون متاحًا خلال مدة لا تتجاوز شهرين، لتصبح في متناول الزوار حول العالم". وتضيف: "فكرة المشروع مهمة، ولم نكن نتصور أن نحصل على هذا الكم من الصور، وعلى شخصيات وأحداث ووقائع لم تذكر، ولم يعرفها أحد مسبقًا".

وتوضح: "بات لدينا صور لقادة وسياسيين واجتماعات للقيادة العربية في فلسطين قبل النكبة، وصور لضباط فلسطينيين في الجيش العثماني، وصور من الحياة اليومية، والعمل التطوعي، وتطور الجامعات الفلسطينية والحركة الطلابية". وتلفت إلى أنه "ما يميّز الصور أنها برؤية فلسطينية مجردة حقيقية لا تحمل التحريف".  ويعد المشروع، بحسب عناني، مهمًا؛ لأنه "يكتشف كنوزًا من الصور والمعلومات المتعلقة بفلسطين وخاصة القديمة قبل 1948، ومراحل مهمة وأحداث تاريخية".

وبدأ المتحف الفلسطيني بتوثيق وجمع الصور وتحويلها إلى رقمية في رام الله والقدس، ثم انطلق إلى باقي محافظات الضفة الغربية، ومنذ أسابيع بدأ في الأراضي المحتلة عام 1948، بحسب عناني.

وتضم عملية جمع الصور خمسة باحثين موزعين على المحافظات الفلسطينية فضلا عن ثلاثة موظفين تقنيين للتعامل مع الصور إلكترونيًا. وتقول عناني: "المشروع يشمل قطاع غزة، والشتات الفلسطيني، وخاصة الأردن ولبنان"، مشيرة إلى "استثناء مخيمات سورية لما تمر به من حالة اقتتال داخلي". وفي ظل زخم الصور التي تتدفق على المتحف الفلسطيني، تنهمك نتالي المصري في إدخال الصور عبر الماسح الضوئي لتحويلها إلى صور رقمية، وسط حالة ذهول يومي، بحسب قولها.

تقول الفتاة: "قرأت عن النكبة وحياة شعبنا قبل النكبة وبعدها، لم أتخيّل أننا كنا نعيش بهذا الشكل الذي تظهره الصور، كنا نعيش حياة مليئة بالفرح، وحتى الترف، أسواق، ونوادٍ رياضية، وحياة اجتماعية مميزة". وتشير إلى أنها تعمل على إدخال الصور بجودة عالية، لتبقى بجودة مرتفعة لكي ترفع عبر موقع إلكتروني خاص بدقة عالية أمام الجمهور حول العالم، مرفقة بشروحات عن كل واحدة منها. وتوضح عناني أن "الصور ملك للعائلات الفلسطينية التي تحرص عليها، حيث يتم تحويلها إلى صور رقمية، وإعادتها لأصحابها"، مشيرة إلى أن "بعض العائلات تتبرع بالصور للمتحف الفلسطيني نهائيًا".

والمتحف الفلسطيني غير حكومي مدعوم من مؤسسة "التعاون" وهي مؤسسة فلسطينية تأسست عام 1983 من فلسطينيين في الشتات، مسجلة في جنيف ومكتبها الرئيسي في رام الله، ويتخذ المتحف مبنى متواضعًا في مدينة رام الله للشؤون الإدارية، على أن يتم افتتاح مبناه بشقيه الإداري والمتحف بالقرب من جامعة "بيرزيت" إلى الشمال من رام الله منتصف العام القادم 2016. والنكبة، مصطلح يطلقه الفلسطينيون على استيلاء المجموعات اليهودية المسلحة على أراضٍ فلسطينية وتهجير أهلها عام 1948، لإقامة دولة إسرائيل، وعلى إثر ذلك هُجّر الآلاف من الفلسطينيين من أراضيهم وفقدوا مساكنهم، وتوزعوا على بقاع مختلفة من أنحاء العالم.

ويُحيي الفلسطينيون ذكرى النكبة في 15 من مايو/أيار كل عام (وهي توافق ذكرى قيام دولة إسرائيل)، بمسيرات احتجاجية، وإقامة معارض تراثية تؤكد حق العودة، وارتباطهم بأرضهم التي رحل عنها آباؤهم وأجدادهم عام 1948.

إقرأ أيضاً:
فرقة "نوى".. نافذة فلسطين قبل النكبة
عين حوض.. شاهدة على مأساة النكبة
"النكبة" محظورة

ذات صلة

الصورة
جنود الاحتلال قرب مقر أونروا في غزة بعد إخلائه، 8 فبراير 2024 (فرانس برس)

سياسة

أقر الكنيست الإسرائيلي، مساء اليوم الاثنين، تشريعاً يحظر عمر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) داخل الأراضي المحتلة.
الصورة
آلية عسكرية إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة، 6 أكتوبر 2024 (ميناحيم كاهانا/فرانس برس)

سياسة

شهر أكتوبر الحالي هو الأصعب على إسرائيل منذ بداية العام 2024، إذ قُتل فيه 64 إسرائيلياً على الأقل، معظمهم جنود، خلال عمليات الاحتلال في غزة ولبنان والضفة.
الصورة
عماد أبو طعيمة لاعب فلسطيني استشهد في غزة 15/10/2024 (إكس)

رياضة

استشهد لاعب نادي اتحاد خانيونس، عماد أبو طعيمة (21 عاماً)، أفضل لاعب فلسطيني شاب في بطولة فلسطين للشباب 2022، وذلك في قصف إسرائيلي جنوبي قطاع غزة.

الصورة
تأثر بشار الشوبكي نجم منتخب فلسطين بتوقف الدوري المحلي (العربي الجديد/Getty)

رياضة

أسفر توقف المنافسات الكروية المحلية على أرض فلسطين المحتلة، عن آثار متفاوتة، خصّت أكثر من ستة آلاف لاعب كرة قدم يمارسون اللعبة في البلاد مع فرقهم.

المساهمون