تصادف سنة 2017، عودة نشاط مكتبة "معهد العالم العربي" بعد توقّف نشاطها لثلاث سنوات من أجل إعادة تهيئتها. المكتبة الجديدة تبدو مثل تعبير عن تطوّرات تشهدها اللغة العربية سواء على مستوى تهيئتها أو من خلال ما تنظّمه من فعاليات من بينها معرض حول علاقة الشعر العربي بالتصوير، يجمع أعمال لـ أدونيس وفينوس خوري، والتشكيلي العراقي حيدر، بالإضافة إلى ندوة تنظّم السبت المقبل بعنوان "الثورات العربية: ثورة 2.0" يشارك فيها المستعرب الفرنسي إيف غونساليس-كيخانو، والناشط المدني التونسي سامي بن غربية.
لكن ثمة مستوى آخر يبرز في مكتبة "معهد العالم العربي" خلال هذه المناسبة السنوية، وهو ما توضّحه مديرتها، التونسية جليلة بوحلفاية، في حديث لـ "العربي الجديد". تقول: "ثمة في السنوات الأخيرة اهتمام بالعالم العربي في الغرب عموماً وفي فرنسا بوجه أخص، وتمثّل مكتبة معهد العالم وجهة أساسية لجميع من يريد التعرّف على العالم أو التعمّق في معرفته، لذا فقد كانت تهيئة المبنى الجديد منطلقة من هذا المنظور".
تضيف "التجديد تم على ثلاثة مستويات؛ أولاً المنظومة الرقمية والتي باتت تتيح إظهار كل محتويات المكتبة على الإنترنت، وثانياً تجديد مجموعة الكتب التي تصل إلى 70 ألف، وإنشاء توازن بين تلك المكتوبة بالعربية والمكتوبة باللغات الغربية، وأخيراُ، وهو الجانب المرئي من كل ذلك والمتعلّق بالتجديد المعماري، حيث أصبحت المكتبة تتألف من ثلاثة طوابق يربط بينها "برج الكتب" وهو معلم في حدّ ذاته ضمن مبنى "معهد العالم العربي"، وقد خصّص لمجموعة الكتب الأدبية (18 ألف عنوان)، فيما خصّص طابقان للدارسين المتخصّصين، والطابق السفلي إلى جمهور أقل تخصصاً يبحث عن التعرّف على العالم العربي، ونحاول توفير ذلك بكل المحامل من الصحافة إلى الأفلام وغيرها".
ترى بوحلفاية أن المكتبة الجديدة تعبّر عن "مواكبة لتطوّر اللغة العربية ومحاولة تثمينها، وهي مسؤولية بما أن العربية بحسب "اليونسكو" هي خامس لغات العالم، وينبغي أن تكون المؤسسات التي تمثّلها على درجة من هذه المسؤولية".
قد يصح القول إن "اليوم العالمي للغة العربية" فرصة أتاحتها "اليونسكو" من أجل إضاءة واقع الضاد والتعريف بها، بكن من الضرورة الانتباه إلى أن العربية تظلّ في حاجة إلى عمل على مدار السنة، خصوصاً من أجل تخليصها من الصور الجاهزة التي ترتبط بها.