"أرامكو" تبحث الاستثمار بالنفط الصخري الأميركي... أسئلة محيّرة

25 ديسمبر 2017
أرامكو بدأت مفاوضات مع العديد من منتجي النفط الصخري(Getty)
+ الخط -
تساءلت مجلة "فورتشن" الأميركية في عددها الأخير حول سر بحث شركة أرامكو السعودية عن تملك شركات نفط صخري في أميركا وشراء بعض الأراضي في مناطق النفط الصخري الأميركي
وقالت في تقريرها التلفزيوني إن احتياطي النفط السعودي ظل "صندوقاً أسود" منذ سنوات، إذ لم يتغيّر عن رقم 261 مليار برميل. وهو ما أثار تساؤل بعض الخبراء حول الحجم الحقيقي لاحتياطات أرامكو التي تتجه لبيع 5% من أسهمها في طرح عالمي خلال العام المقبل.
وحسب تقرير مجلة "فورتشن" الذي نسبت جزءاً منه إلى صحيفة "وول ستريت جورنال" فإن شركة "أرامكو" السعودية، التي تعد أكبر شركة للنفط في العالم، تسعى إلى الدخول إلى سوق النفط الصخري في الولايات المتحدة الأميركية.

ووفقاً لتقرير "وول ستريت جورنال" فإن الشركة السعودية دخلت بالفعل في مفاوضات مع العديد من منتجي النفط الصخري والغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة الأميركية، من بينهم شركة تيلوريان وشركات أخرى، كذلك تسعى الشركة إلى الحصول على أرض في حوضين أميركيين لإنتاج النفط والغاز، وهما بيرميان وإيغل فورد، وهما من الأحواض الغنية بالنفط الصخري في أميركا.
وقالت مجلة "فورتشن" إن هذه الصفقات، التي لم يتم تأكيدها بعد من الشركات المنخرطة فيها، تثير كثيراً من التساؤلات حول الأسباب الحقيقية التي تدفع أرامكو إلى الاستثمار تحديداً في النفط الصخري، إذ إن المملكة العربية السعودية، وحسب تقرير "وول ستريت جورنال"، تصدرت لعقود طويلة إنتاج النفط التقليدي في العالم، وتأثرت بشدة من ثورة النفط الصخري التي جعلت من الولايات المتحدة الأميركية دولة نفطية تنافسها على أسواق الاستهلاك في العالم.

وتسبب النفط الصخري في حدوث هزة كبيرة وتراجع في أسعار النفط، وهو ما أثر في الموازنة العامة السعودية، التي كانت تعتمد بشكل أساسي على عائدات تصدير النفط. وتحت ضغط النفط الصخري على الأسعار، وبالتالي الإيرادات، اضطرت المملكة العربية السعودية إلى المسارعة في اعتماد مصادر دخل بديلة عن النفط، لتعويض الخسارة التي لحقتها من تدني أسعاره.
واختلفت التفسيرات حول قرار أرامكو البحث عن النفط الصخري في أميركا، ففيما نسبت وكالة سبوتنيك الروسية لصحيفة "إكسبريس" الفرنسية قولها إن تقنيات التكسير الصخري المتاحة في أميركا ستوفر للشركة فرصة أكبر لتعديل الإنتاج، بما يتناسب مع العرض والطلب، قال مدير شركة بريتش بتروليوم بوب دادلي إن النفط الصخري سيكون أثره محدوداً على سوق النفط العالمية، نظراً إلى التحديات التقنية التي تقلل من قدرته على المنافسة. ويرى دادلي أن هناك قلقاً حول مدى قدرة النفط الصخري على التأثير في سوق النفط، خاصة بعد الاطلاع على مزيد من المعلومات عن السمات الجيولوجية له، بحسب ما نقلت عنه "فاينينشال تايمز" البريطانية.

من جانبه قال الخبير خالد باطرفي، أستاذ الإعلام في جامعة جدة، إن السياسة الجديدة في المملكة العربية السعودية تضع ضمن أولوياتها تنويع مصادر الدخل، وعدم الاعتماد على مصدر واحد، وبالنسبة إلى النفط فإن هناك سياسة تنتهجها المملكة منذ فترة، ولكنها أصبحت ممنهجة أكثر في تلك المرحلة، وهي "ألا نستثمر في مواردنا النفطية فقط، بل في موارد الآخرين النفطية".
وأضاف باطرفي، في اتصال هاتفي مع وكالة سبوتنيك، يوم السبت، أن المملكة لها مشاريع في الوقت الراهن للاستثمار في روسيا وفي الولايات المتحدة، وشركة "أرامكو" تملك مصافي ضخمة في الولايات المتحدة الأميركية وفي الصين وكوريا الجنوبية وشرق آسيا وفي مناطق أخرى من العالم، ويقول فهي بالتالي حريصة على أن تؤمن لتلك المصافي مصادر الطاقة من أقرب المناطق نظراً للتكاليف الضخمة لعمليات الشحن، وإن كانت الشركة قد دخلت في مشاريع بالولايات المتحدة بالقرب من مناطقها، فهذا بالنسبة إليها عمل اقتصادي جيد.

ويشير باطرفي في تفسيراته قرار أرامكو إلى "أن هذا الأمر ليس بالمفاجئ بالنسبة للسياسة الجديدة التي تنتهجها المملكة".
وتابع باطرفي في تعليقاته للوكالة الروسية "أن تكون للمملكة العربية السعودية حقول نفطية في الولايات المتحدة الأميركية أو في أي من الكيانات الاقتصادية العالمية، فهذه فرصة جيدة، وقد كنا في السابق نركز على المصافي وشبكات البنزين، والآن نضيف إلى ذلك آبار النفط والغاز، والآبار الجديدة "الصخرية" ليست كالآبار التقليدية التي تعودنا عليها، نظراً لمرونتها في عملية الإنتاج وفق العرض والطلب".

وحول طموح أرامكو السعودية للوصول بالنفط إلى مستوى مقبول من الأسعار، قال باطرفي إن أرامكو تتحول الآن إلى شركة عالمية للطاقة ليست مملوكة فقط للملكة العربية السعودية كبقية الشركات العالمية العابرة للحدود، وبهذا لم تعد مصلحة المملكة فقط هي التي تعنيها، بل أصبحت شركة طاقة تشتري شركات أخرى وحقولاً نفطية حول العالم، فتوجهاتها أصبحت دولية أكثر مما هي وطنية أو إقليمية، فالمنظور والهدف أصبحا أوسع وأكبر بكثير، وهناك شراكات روسية أيضاً مع أرامكو قبل وبعد زيارة الملك سلمان إلى موسكو.

ولفت باطرفي إلى أن طرح أسهم أرامكو للاكتتاب حول العالم ليس هو الهدف البعيد لعملية تدويل الشركة وتحصيل 100 أو 150 مليار دولار، وإنما لتصبح شركة طاقة عالمية.
المساهمون