مصر "مكهربة": العتمة أو الفواتير المضخّمة

09 مارس 2015
الظلام في مصر أزمة يومية (الأناضول)
+ الخط -
أشهر قليلة وستعود أزمة التيار الكهربائي إلى مصر من جديد. المشكلة التي بدأت بالتقنين الكهربائي ستتحول إلى ارتفاع في الفواتير الشهرية، بعدما تم إقرار خفض دعم هذه الخدمة تمهيداً للخصخصة، وبعدما تم الإعلان أن آلية الجباية ستساوي الفقير بالغني. السيناريو ذاته يتكرر كما في بلدان أخرى، حرمان المواطن لتسويق فكرة بيع مرافق الدولة. 

"الخصخصة هي الحل"
إذ تطرح الحكومة، التي تدعي بأنها رشيدة، حلولاً للأزمة الكهربائية التي طالما حمّلت المواطنين مسؤوليتها، رافعة شعار: "الخصخصة هي الحل". وكانت حكومة إبراهيم محلب قد أصدرت عبر اللجنة التشريعية، قانوناً جديداً للكهرباء، يفتح الباب أمام القطاع الخاص لضخ أموال في القطاع. كما أعلنت الحكومة عن زيادة في أسعار الكهرباء بدءاً من شهر مايو/ أيار المقبل، وذلك من خلال خفض الدعم عن الطاقة من 3.5 إلى 2.7 مليار دولار...

وبعد أيام قليلة من الإعلان عن مشروع القانون، أعلن رجل الأعمال المصنّف من أغنى أغنياء العالم، نجيب ساويرس، عن بدء الاستثمار بـ131 مليون دولار في بناء وحدات توليد طاقة كهربائية.

معاناة بسب الظلام
وتقول الموظفة في مصرف حكومي، هدى محمد، في حديث مع "العربي الجديد"، إن الحصول على خدمة الكهرباء، يعد من أسوأ الازمات التي يمر بها المواطن المصري، والمرشحة إلى التصاعد مع الإعلان عن رفع قيمة الفواتير.
وتقول بأنها تعاني هي وأسرتها من الانقطاع المتواصل للكهرباء، وهو الأمر الذي يكلفها المزيد من الأموال، نتيجة تعرض الأجهزة إلى الأعطال وعدم قدرتها على تموين الطعام.
ويقول الطالب في كلية هندسة الميكانيك، أحمد بحراوي، بأن الدولة تتحدث دائماً عن رفع المعاناة عن المواطنين، وعلى الرغم من ذلك فإن كل خطواتها تؤكد على أن لا شيء سيتغيّر. ويضيف: "الدولة تطبّق سياسات مبارك نفسها وبشكل أسوأ، ولا يتضرر منها سوى الفقراء". ويتحدث بحراوي عن أن المدينة الجامعيةُ تحولت إلى جحيمٍ لا يُطاق. ويؤكد بحراوي بأن فاتورة الكهرباء في شقة يسكنها ثلاثة شبان لا يستخدمون أجهزة كهربائية ولا يمكثون في الشقة طويلاً تصل إلى 33 دولاراً. في المقابل، يؤكد أحمد أنه ينفق "ما يزيد عن 26 دولاراً شهرياً على الأقل من أجل شراء الشمع".

"خيار كارثة"
بدوره، يلفت المتحدث باسم حزب التيار الشعبي، أحمد البحيري، إلى أن قانون الكهرباء الجديد كارثة، بالمعنى الحرفي للكلمة، وذلك بما يتضمنه من نصوص في غاية الخطورة، تنسحب بموجبها الدولة من إدارة هذا القطاع الحيوي، تاركة إياه لشركة مستقلة يجري حالياً إعادة تقييم أصولها وديونها بالتعاون مع مكتب استشاري عالمي.

ويشير البحيري إلى أن تلك النوعية من القوانين تؤكد على أن التغيير الذي ينشده المصريون لم يتحقق بعد، مؤكداً أن هذه القوانين هي قوانين مبارك نفسها، والتي من شأنها إهدار أي جهود جدية في مجال التنمية المستقلة. وتزيد هذه القوانين من الأعباء علي كاهل معظم المصريين، وترفع من حدة التفاوت الاجتماعي.
إلا أن مستشار وزارة الكهرباء وخبير الطاقه الذرية، الدكتور ماهر عزيز، يشرح أن حل أزمة الكهرباء يحتاج إلى ما يزيد عن 17 مليار دولار، وهو ما يجعل مصر مضطرة للجوء للقطاع الخاص. ويعدد الدكتور عزيز، لـ"العربي الجديد"، مزايا الاعتماد على القطاع الخاص في توفير الكهرباء، وذلك في قدرته على توفير التمويل الذي تعجز الدولة عن توفيره خلال المرحلة الدقيقة التي تمر بها مصر الآن، كما أن من شأنه أن يكسر الاحتكار ويفتح باب التنافسية بين العديد من الشركات. ويشدد عزيز على أن قانون الكهرباء كان مُعداً منذ عام 2008، إلا أنه قد تم تأجيله نظراً للظروف السياسية.
وعن أسباب عدم تطبيق الشريحة التصاعدية على المواطنين، والتي سبق أن أعلنت عنها
الدولة، قال مستشار وزير الكهرباء بأن الدولة بالفعل طبقت تلك الآلية، لكنها لم تنجح بشكل كبير، وخاصة أن أزمات الكهرباء ليست في توزيع الخدمة، بقدر ما ترتبط بانهيار البنية التحتية.

مرحلة جديدة
يقول الباحث في معهد كارينجي، الدكتور عمرو عدلي، إن مصر مقبلة على مرحلة جديدة، ستشهد خصخصة المرافق العامة. ويشير إلى أن تلك النوعية من المشاريع سيكون لها تأثيرات اجتماعية على المواطنين، وخاصة على الطبقة الفقيرة. وتجربة خصخصة المرافق في العديد من الدول، أدت إلى تردّ واضح في الخدمة، وارتفاع غير مسبوق في الأسعار.

إقرأ أيضاً: ياسمينة طاية: العادات الاجتماعيّة تكبّل عمل المرأة
المساهمون