حلم الثروة: المواطنون يلاحقون ألعاب الحظ والشركات تحقق المليارات

02 مارس 2015
اليانصيب والمسابقات التلفزيونية تزيد انتشاراً (فرانس برس)
+ الخط -
يبدأ الحلم بالثروة عند بعضهم بإرسال رسالة نصية قصيرة. ويضع بعضهم الآخر الآمال على كرات صغيرة، لعلها تأتي بأرقام الحظ، أو بورقة يانصيب اشتراها بثمن قليل، لكن يعقد عليها آمالا كبيرة مرتبطة بتحصيل الثراء السريع. فيما يعول آخرون على كلب أو حصان وسط حلبات السباق. هكذا أصبحت سوق ألعاب الحظ ومسابقاته بمختلف أشكالها تنمو بقوة داخل العديد من الدول العربية، وتحقق أرباحاً خيالية للشركات المحتكرة وللحكومات كذلك. 

أرباح مهمة
ففي الأردن أصدر وزير المالية أمية طوقان، بداية السنة الحالية، تعليماته برفع الضريبة على أرباح الجوائز العينية والنقدية وأرباح اليانصيب إلى 15%، من قيمة الجائزة التي تتجاوز ألف دينار أردني (1411 دولاراً)، وفسر المحللون هذا القرار، باتساع دائرة ألعاب الحظ وعدد المشاركين فيها، مما يوفر مداخيل إضافية للدولة.
ويبلغ مجموع أرباح اليانصيب الوطني في لبنان، بحسب معطيات رسمية، نحو 60 مليار ليرة سنوياً (نحو 39.9 مليون دولار)، فيما ينفق اللبنانيون نحو 240 مليار ليرة (159.6 مليون دولار) خلال الفترة ذاتها على مسابقات "اليانصيب واللوتو".
وتستحوذ ألعاب المراهنة على سباقات الخيول وصيد الحمام على حصة الأسد من عائدات ضرائب ألعاب الحظ واليانصيب في مصر. ووصل حجم إنفاق المغاربة على ألعاب الحظ إلى ثمانية مليارات درهم (نحو 840.8 مليون دولار) حسب آخر المعطيات الرسمية الصادرة منتصف الشهر الماضي. وتشير المعطيات ذاتها، إلى أن سوق الرهانات عرفت تطوراً في المغرب مقارنة ببداية السنة الماضية بلغت نسبته 6.5%، وتشكل فيها نسبة رهانات الخيول 74%، ورهانات مباريات الكرة الـ20%. أما عدد المشاركين في "اليانصيب الوطني" فوصل عددهم خلال نفس الفترة إلى 70 ألف مغربي يومياً.
وحتى في سورية التي مزقتها الحرب، أعلنت "المؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية" عن إيرادات وصلت مع دخول سنة 2015 إلى 1.3 مليار ليرة (نحو 6.9 مليون دولار) محصلة من بيع أوراق اليناصيب.

فقدان الثقة في الكفاءة والجهد
ويفسر خبير الأبحاث الاجتماعية في "مركز مدى للدراسات والأبحاث الإنسانية" المغربي زكرياء أكضيض، تزايد إقبال المواطنين العرب على ألعاب الحظ، بطبيعة الاقتصاد القائمة في مجموعة من الدول، والتي تتقاسم نفس النمط "القائم على الريع، وتحصيل الثروة عبر منح امتيازات استثنائية للشرائح المحظوظة".
ويضيف أكضيض في تصريحه لـ "العربي الجديد"، أن المواطن العربي أصبح يبحث عن الرقي الاجتماعي دون جهد.
وليست وحدها ألعاب اليانصيب ورهانات الخيول ومباريات كرة القدم ما يستحوذ على اهتمام الباحثين عن الثروة. فلقد انتشرت في السنوات الأخيرة برامج مسابقات، ووصلات إعلانية تدعوا الجمهور إلى بعث رسائل نصية قصيرة للفوز بسيارات فارهة أو منازل وكذا مبالغ مالية خيالية. وأشارت دراسة لـ "مركز الرصد الإعلامي" أن متوسط الربح في بعض القنوات العربية، من خلال مسابقات تتم عبر الرسائل النصية (sms) يصل إلى ملياري دولار سنوياً.
ويعتبر الخبير الاقتصادي والاستثماري التونسي الأسعد الذوادي، أن مسابقات الرسائل النصية القصيرة بدورها تعتبر ألعاب حظ، وتدخل في خانة الألعاب التي تعتمد على الصدفة في الربح. 
ويعطي الأسعد المثال عن تونس، التي يضرب فيها المرسوم (عدد 20 لسنة 1973) الخاص بالألعاب التجارية طوقا محكماً على نشاط الأخيرة، لكن تستطيع الألعاب والمسابقات التي تبثها مختلف القنوات النفاذ بسهولة إلى المواطن التونسي.
ويتقاسم أكضيض نفس وجهة النظر مع الخبير التونسي الأسعد. ويشرح لـ "العربي الجديد" أسلوب بث العديد من الوصلات الإعلانية الخاصة بمسابقات الربح التلفزيونية، حيث يقول "إن الذين يشرفون على إعداد الوصلات، يلعبون بحرفية عالية على الواقع الاجتماعي والاقتصادي للمواطن العربي. ويستعملون كلمات دلالية قوية، مرتبطة بشكل مباشر بحاجياته، وأحلام الرقي الاجتماعي، خاصة علاقته بمصاريف الأسرة وتأمين الحصول على بيت أو سيارة".
وتحمل مشاهد الجري وراء الثروة بضربة حظ والمشاركة في المسابقات التلفزيونية مشاهد مثيرة. ففي مضمار سباق "فيلة دو روم" في الدار البيضاء المغربية، ينادي المراهنون على كلاب السباق بعبارة "ولدي". وفي دبي تم الإعلان أخيراً أن فتاة دفعت في شهر واحد فاتورة هاتف قيمتها 90 ألف درهم (قرابة 25 ألف دولار) بسبب إدمانها على بعث الرسائل النصية للقنوات الفضائية.
غراف 




إقرأ أيضاً: نار الإشاعات تحرق الاقتصادات العربية


المساهمون