الخروج من دوامة الاعتذار.. خطوة أولى

01 فبراير 2015
+ الخط -
ينتبه الكثيرون في الجاليات العربية والإسلامية إلى مسألة أساسية في يومياتهم، فكلما ارتكب أحد ما فعلة شنيعة باسم الإسلام يصبحون في الواجهة: مطلوب منهم أن يعتذروا... بحسب ما يذهب بعض العقل الغربي الاستعلائي في الجزم بأن الفعلة من لبنة أفكار طالب ثانوي وعامل ومهندس وطبيب وربة منزل إلخ، من مسلمي الغرب.
وبالرغم من أنه لا منطق حقيقياً في طلب الاعتذار، إلا أن المسألة تتكرر كل مرة، سواء على لسان ساسة أم صحافيين أو حتى مواطنين متأثرين بما يجري.
قبل الفعلة يكون المسلمون والعرب في الغرب أفراداً تحت سقف بنية وتركيبة المجتمعات ودولها، لكن فجأة يصبحون جسماً مستقلاً، أو هكذا يوحي من يطالبهم بالاعتذار.
وفي السياق إياه، اندفع البعض مكرراً مطالب حركة عنصرية كبيغيدا (وطنيون أوروبيون لوقف أسلمة الغرب) وإن بربطة عنق ومسميات سياسية، بإغلاق هذا المسجد وذاك، بانسجام عجيب مع دعوات بيغيدا.
هؤلاء الذين نفذوا، أو ينفذون، بعض الأفعال الشنيعة باسم جماعة أو دين ليسوا في الواقع سوى مواطنين في تلك الدول. هم ولدوا وكبروا فيها، وتشربوا ثقافتها والتزموا بقوانينها أسوة ببقية مواطنيها. هؤلاء ليسوا مواطنين في جماعة بعينها حتى يصبح على تلك الجماعة واجب الاعتذار.
دوامة الاعتذار إن فُتحت فلن يكون ميزانها في مصلحة الداعي إليه، وعلى الأمور أن تذهب في اتجاه صيرورتها الاجتماعية التي تلغي التطرف من قواميسها، لتفسح المجال للتسامح الإنساني بمعناه الواسع.
حدث أن ارتكب مجرمون وارهابيون غربيون وإسرائيليون قتلاً باسم الحفاظ على "قيم محددة"، ومنها جريمة أوسلو على يد أندرس بريفيك، ومثله تاريخ أسود للموساد بأعمال إرهابية ومثلها أعمال كلوكوس كلان في أميركا وعشرات ومئات الهجمات باسم قيم الغرب والدفاع عنه، حيث ذهب المئات والآلاف ضحايا تلك الأفعال الشنيعة. فهل طولب الغرب بالاعتذار؟ بل هل اعتذر بدون أن يطالبه أحد، كون "قيمته أرفع" من الآخرين؟
المساهمون