كيفية مساعدة الطفل اللاجئ.. نفسياً

27 يناير 2015
الهرب من الموت في مناطق النزاع (GETTY)
+ الخط -


التعرض لمشاهد القتل والدمار، وفقد الأمان، وفقد الأحبة، وفقدان الاحتياجات الأساسية، والتعرض للاعتداءات المختلفة، ومنها الاعتداءات الجنسية، بالإضافة إلى الإصابات المختلفة وفقد بعض أجزاء الجسم. كل هذه المؤثرات تؤدي إلى معاناة نفسية شديدة لكل من يتعرض لها، وجميعها أو بعضها قد تعرض لها اللاجئين في كل مكان مما يضاعف من آلامهم النفسية.

ومن المعروف- على الأقل في أوساط المتخصصين- أن التعرض للأزمات والكوارث يؤدي إلى "كرب الصدمة الحاد"، والذي قد يتطور ليصبح "متلازمة كرب ما بعد الصدمة المزمن (PTSD)"، الذي يصيب حوالى 25% من البالغين بعد الكوارث. وتختلف النسب والأعراض والتأثيرات في الأطفال وفقا لمرونتهم وحساسيتهم؛ والعوامل التي تحدد درجة التأثر، ومنها طبيعة الحدث الصادم وشدته وتكراريته، وسن وجنس ودرجة حساسية الطفل، وردود أفعال المحيطين. 

أعراض ما بعد الصدمة
لنبدأ أولا بالتعرف على أعراض "كرب ما بعد الصدمة"، حيث يعاني الطفل من واحد أو أكثر من الأعراض التالية والتي تستمر لمدة أكثر من شهر: 

1.الإعادة المستمرة للخبرة الصادمة (إعادة سردها أو رؤيتها بصورة مستمرة). 
2.تجنب المثيرات المرتبطة بالحدث الصادم مع هبوط عام في معدل الاستجابة (مثل الصور والأصوات، أو التواجد في نفس الأماكن). 
3.زيادة الإثارة وفرط اليقظة والذهول. 

ويصعب التشخيص في الأطفال الصغار جدا، ويمكن أن نلاحظ مخاوف متزايدة وسلوكيات عنيفة، أما الأطفال الأكبر سنا، فيعانون من أحلام مزعجة وكوابيس مستمرة، مع تكرار الحدث الصادم من خلال اللعب، وأعراض جسمانية مثل الصداع ووجع المعدة. ومن المهم جدا التفرقة بين المصابين وبين من يعانون من الحزن العميق والقلق والتوتر والمخاوف؛ لأن التدخل العلاجي ضروري جدا في حالة كرب ما بعد الصدمة. أما القلق والتوتر والحزن العميق فيمكن لغير المتخصصين أن يتعاملوا معه، والمناظرة الإكلينيكية للحالات ضرورية للتشخيص، وفي الحالتين يوجد حزن عميق وأفكار متكررة عن الحدث الصادم لدى الطفل. 

أما في حالات "كرب ما بعد الصدمة" يحدث تعطل دائم ومستمر للوظيفة، ويمر المصاب بعدة مراحل بعد التعرض للأحداث الصادمة. في المرحلة الأولى بعد الصدمة مباشرة يعاني الطفل من رعب وعدم تصديق وإنكار وحزن عميق. 

وعلى البالغين المحيطين بالطفل دور أساسي في مساعدته على تجاوز أزمته. وأول خطوة هي التفرقة بين من يحتاج إلى دعم من متخصص ومن لا يحتاج. وهذا لن يتم إلا بالملاحظة الدقيقة وعرض الأمر على المتخصصين، وذلك لأن الأطفال غالبا لا يمكنهم التعبير عن قلقهم ومخاوفهم، فبعضهم يجد صعوبة في التعبير عن مشاعره، أو أنه يعبر عنها من خلال الصراخ، أما البعض الآخر فيظهر عليه التشاؤم والأفكار السلبية وتضخيم سلبياتهم، أو لوم الذات والشعور المستمر بالذنب، أو الغضب والعنف والعدوانية والأرق والتهيج ونوبات الغضب، أو البكاء المستمر ومشكلات جسدية وصعوبات في النوم والكمالية والمثالية أو المماطلة وضعف الذاكرة، والانسحاب من الأنشطة والتفاعلات الأسرية، واضطرابات الأكل. 

دور الآباء
هناك الكثير من الأمور التي يمكن للآباء والأمهات القيام بها لمساعدة أبنائهم في تجاوز هذه المرحلة الصعبة، وسوف نعرض لبعض هذه الأمور التطبيقية البسيطة: 

- الحرص قدر المستطاع على العودة إلى نظام الحياة السابق، فهو سيعطيهم الإحساس بالأمان. 
- توفير الاحتياجات الأساسية قدر المستطاع. 
- ممارسة تمارين رياضية، وفقا للظروف، ولما هو متاح. 
- مساعدتهم في التعرف على مشاعرهم، وتشجيعهم على التعبير بالكلام وبلغة الجسد. 
- تشجيعهم على التعبير عن مشاعرهم، سواء بالكلام، أو من خلال الرسم واللعب والحكي، وإشعارهم بتقبلنا لها. 
- استخدام استراتيجيات للتهدئة، حتى يصل لهم أنهم محبوبون وآمنون، ويمكن توصيل هذه الرسائل من خلال التواصل اللفظي وغير اللفظي. 
- من الضروري احترام مخاوفهم. 
- أن نكون قدوة لأطفالنا، يحميهم من القلق المبالغ فيه الذي قد ينتقل إليهم، وهذا يدفعنا إلى ضرورة تعلم كيفية السيطرة على قلقنا ومخاوفنا، ونتفهمها، ونعبر عنها. 
- تعليم الأطفال تقنيات تساعدهم على الاسترخاء (التنفس بعمق- قبض العضلات وبسطها). 
- تشجيعهم على ممارسة أنشطة محببة إليهم، مثل اللعب والقراءة والرسم والغناء والحكي. 
- تدريب الأطفال الأكبر على استراتيجيات حل المشكلات "حتى لو كانت مشكلات بسيطة"، المهم أن يتعلموا تحديد المشكلة بأنفسهم، وكيفية إيجاد حلول ممكنة لها، وأن يختاروا أيضا أفضل الحلول. 

- مساعدتهم في تغيير الأفكار السلبية؛ وبدلا من قول: "أنا مش هاقدر- أنا عاجز"، نستبدل هذه الأفكار بأفكار أكثر إيجابية: "أنا بحاول - أنا هابقى أفضل - حتى لو عملت أخطاء - أنا بتعلم وسأفعل الأفضل في المرات المقبلة".

المساهمون