الإدارات العربية الإلكترونية: تجارب نجاح

31 ديسمبر 2014
التوجه نحو الحكومات الإلكترونية ضرورة أساسية(أصف حسن/ فرانس برس)
+ الخط -
تعتبر الإدارة الإلكترونية لبنة أساسية في صرح الحكومة الإلكترونية، حيث تمثل تكنولوجيا المعلومات والاتصال رافعة ‏أساسية لتحديث القطاع العام. أمام بيئة معقدة تعرف تحولات متواصلة وإكراهات مختلفة، تجد الإدارة نفسها مدعوة إلى ‏التلاؤم مع هذا السياق وإلى تبسيط الإجراءات لإنجاح مشروع التغيير الذي تحدثه الوسائل التكنولوجية في أفق إقرار إدارة ‏إلكترونية فعالة.‏
ومما يجب التوقف عنده أن الإدارة الإلكترونية، كأي مشروع تحتاج إلى توفير عناصر أساسية تشكل نواة عملها وفحوى ‏وجودها. حيث يتعلق الأمر ببنية تحتية رصينة من حيث الشبكة والمعدات التي تتطلب رصد موارد مالية كبيرة لاقتنائها، ثم ‏مسألة تكوين الكادر العملي كأحد أعمدة الإصلاح الإداري فيصبح الموظف واعياً بقضية تحديث الإدارة، وقادراً على مواكبة ‏تكتولوجيا المعلومات والاتصال و مبادراً في السياق عينه للتصدي لكافة تحديات الخدمية التي ترمي إلى إرضاء المواطن. ‏ 

علاج للبيروقراطية
على هذا النحو، تساهم الإدارة الإلكترونية في القضاء على التضخم البيروقراطي للقطاع العام بإجراءات تدعم الشفافية، و‏تحد من أسس الهرم الإداري والتراتبية داخل الإدارات. كما تسهل سرعة التواصل الاجتماعي خلال تطبيقات إلكترونية ‏متعددة.‏
على المستوى العربي، فقد سارعت عدة دول عربية إلى إقامة إدارة إلكترونية كنوع من التحديث الإداري، لكن تفاعل ‏المواطنين مع هذا المفهوم الجديد للإدارة لايزال محدودا في ظل غياب للتوعية وعدم نشر الثقافة الإلكترونية بالأوساط ‏المجتمعية. الأمر الذي يتطلب عناية كبيرة لإدماج الفاعل الإلكتروني بالحياة العامة وتسويق مزاياه. إذ ‏نجد أن عنصر الثقة يبقى هو الحلقة المفقودة في سلسلة الإدارة الإلكترونية. ‏
نجحت بعض الدول العربية في تطبيق هذا المفهوم. فتجربة قطر تبدو رائدة، حيث أطلقت الحكومة ‏الإلكترونية لأول مرة عام 2003 و بعد ذلك تم وضع خطة استراتيجية لبرنامج الحكومة الإلكترونية المتكاملة. ‏كما تم افتتاح البوابة الحكومية في 2008 وأطلقت نسختها الجديدة في 2010، لتوفر إمكانية الوصول على مدار الساعة إلى ‏جميع الخدمات والمعلومات الحكومية التي يحتاجها كل من يعيش أو يعمل في دولة قطر. ويعتبر التحدي الأكبر الذي واجه ‏تنفيذ برنامج الحكومة الإلكترونية توفير القدرات والمهارات المتخصصة في مجال تكنولوجيا المعلومات.

تجارب عربية وعالمية
قد سعت دولة ‏قطر عبر هذا المشروع إلى إنجاز أهدافها التنموية من خلال تحسين الخدمات الحكومية للمستخدمين عبر إجراءات فاعلة و ‏ميسرة، ثم زيادة الكفاءة الداخلية للمؤسسات الحكومية من خلال تبسيط الإجراءات الحكومية والتنسيق بين تلك الهيئات.‏
وعلى ذات المنوال، يتقدم المغرب في إرساء الإدارة الإلكترونية. إذ يحتل المرتبة 38 في تقرير الحكومة الإلكترونية والمرتبة 17 عالمياً من حيث المشاركة الإلكترونية، وهو البلد الأول أفريقياً من حيث استخدام شبكة الإنترنت. فقد وصل عدد مستخدمي الإنترنت إلى ‏حوالي 16 مليون مغربي خلال سنة 2013. و قد مكنت الجهود المبذولة في إطار برنامج الإدارة ‏الإلكترونية من وضع 35 خدمة عمومية إلكترونية رهن إشارة المواطنين والمنشآت، كما يتم تخصيص جوائز وطنية لتكريم المؤسسات التي استطاعت التميز في مجال الخدمات الإلكترونية.‏
وعند الغوص في التجارب العالمية، نجد تفوق الإدارة الأميركية واضحاً. فقد تم وضع استراتيجية في العام 1991 لجعل ‏الحكومة أكثر فاعلة وأقل تكلفة. وتم اعتماد الأسس القانونية والبنية التحتية اللازمة لإقامة إدارة إلكترونية ناجحة. كما تم تطبيق ‏القوانين الخاصة بها بشكل فعلي منذ العام 2002 في جميع الوكالات والوزارات أو الهيئات العامة بالتزامن مع وضع ‏سياسة استخدام تكنولوجيا المعلومات تحت سلطة مدير ادارة نظم المعلومات. وقد سنت الولايات المتحدة الأميركية ‏قانونين ملزمين يفرضان استخدام الحكومة الإلكترونية هما: قانون التخلص من الأعمال الورقية وقانون الشفافية ونشر ‏المعلومة المتعلق بوضع الخدمات للمواطنين والقطاع الخاص على شبكة الإنترنت مع التركيز بشكل كبير على استخلاص ‏النتائج المترتبة على استثماراتها في مجال تقنية المعلومات. وتتبنى هذه الاستراتيجية محاور هادفة ترمي إلى تبسيط وتوزيع ‏الخدمات إلى المواطنين بسرعة.
(كاتب وأكاديمي مغربي)
دلالات
المساهمون