اتحاد مصر يصفّق للسلطة: أحبيبي يا ريّس

22 ديسمبر 2014
خلال الذكرى الأولى لثورة 25 يناير(جيف ميشال/getty)
+ الخط -
لم يهدأ عمال مصر منذ قيام ثوة 25 يناير. آلاف التحركات والاعتصامات جابت الشوارع، برغم توقيع اتحاد النقابات الرسمي وثيقة مع السلطة يتعهّد بموجبها وقف التحركات العمالية. الاتحاد، الذي من المفترض أن يمثل مصالح الشريحة الأوسع من العمال، ينحاز بمواقفه الى مصالح الدولة، وهي أكبر صاحب عمل، فكيف بموقفه من القطاع الخاص؟ وكأن شعار الاتحاد تحوّل في كل مرحلة إلى: "أحبيبي يا ريّس".
"نبايع الرئيس"
توجد في مصر ثلاث اتحادات نقابية؛ وهي: ‏اتحاد نقابات عمال مصر الرسمي الذي تم تأسيسه في العام 1957 بقرار ‏من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وبلغ عدد أعضاء الاتحاد ما ‏يقرب من 6 ملايين عامل في 2014. والثاني هو اتحاد النقابات المستقلة ‏الذي ولد من رحم ثورة 25 يناير/ كانون الثاني، وتم إعلان تأسيسه في ميدان التحرير، إضافة إلى اتحاد عمال مصر الديمقراطي الذي أسسه دار الخدمات النقابية ‏والعمالية. وكذلك، توجد مجموعة من المنشقين عن الاتحاد المستقل عام ‏‏2012‏‎.
"اتحاد نقابات عمال مصر" الرسمي يسير علي درب "نبايع مبارك... نبايع ‏مرسي... نبايع السيسي"، وفق تعبير القيادي النقابي وعضو مؤسسة الهلالي للحريات، صلاح الأنصاري، ويقول إن الثورة المصرية كشفت مدى التردي الذي يقع فيه الاتحاد ‏"ولا سيما أن هذا الاتحاد تتناغم سياساته مع ‏الحكومات المتعاقبة ومع كل سلطة منذ إنشائه".
ويتابع: "ما زال مشهد المظاهرة التى كانت تؤيد (المخلوع حسني) مبارك عندما كان الشعب ثائراً ‏ضده موجودة في الأرشيف. وقضية موقعة الجمل التي قتل ‏فيها المتظاهرون السلميون والتي اتهم فيها رئيس اتحاد نقابات عمال مصر ووزيرة القوى العاملة والهجرة لم يبت فيها حتى اليوم. وبعد خلع مبارك بأيام قليلة، كانت ‏أول صورة تتصدّر جريدة العمال، الصادرة عن اتحاد النقابات الرسمي، ‏هي صورة المشير محمد طنطاوي من أجل الاستقواء به ضد النقابات المستقلة".
ويضيف الأنصاري: "ليس غريباً على هذا الاتحاد أن يحتفل بأول عيد عمال بعد الثورة في مؤسسة تتبع الجيش وتحت رعاية وزير ‏الانتاج الحربي. ويأتي الاحتفال الثاني بحضور قيادات من المجلس ‏العسكري. أما الثالث فكان في قصر القبة أثناء حكم الإخوان، وهي سابقة ‏لم تحدث من قبل. وتكتمل الصورة بتأييد ‏السيسي من قبل الاتحاد العام، بل والاعلان عن إقامة غرف عمليات ‏تتابع الانتخابات الرئاسية".
النقابي والسياسي‏
بدوره، يؤكد منسق عمال من أجل التغيير، محمد حسن، على أن العمل النقابي في ‏مصر يعاني ويلات توريطه في العمل السياسي "خاصة إذا كان هذا ‏الاتجاه السياسي مع السلطة، مثلما هو حادث الاآن، والذي تجلى واضحاً ‏بإعلان اتحاد النقابات الرسمي تأييد المشير عبد الفتاح السيسي، والتبرع ‏بملايين الجنيهات لصالح صندوق تحيا مصر من أموال العمال ودون ‏الرجوع إليهم"‎.
وعن التعددية النقابية، يقول حسن: "العمل النقابي بدأ في مصر عام ‏‏1957 وكانت قياداته طوال هذه الفترة موالية للسلطة مهما كانت اتجاهتها، إلى أن تم تأسيس أول نقابة مستقلة في مصر في عام 2008، ومن وقتها ‏والدولة تسعى الى شيطنة النقابات المستقلة، ودسّت في صفوفها مَن هم ‏قادرون على الحد من تحركات العمال وشق صفهم". مدللاً على ذلك ‏بالانشقاقات الاخيرة التي شهدها اتحاد النقابات المستقلة، إثر إعلان ‏بعض قيادته تأييد خارطة الطريق وتأييد السيسي كمرشح للرئاسة.
إلا أن رئيس اتحاد نقابات عمال مصر، جبالي المراغي، يرى أن الانتقادات ‏التي يلقي بها البعض ضد اتحاد عمال مصر غير صحيحة ‏بتاتاً. ويقول، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك ضرورة لأن يفرّق الجميع بين العمل السياسي والعمل ‏الوطني". ويؤكد على "أن "وثيقة شرف يونيو" (التي يتعهّد فيها الاتحاد وقف الاحتجاجات)، جاءت لمصلحة العمال، فالاضرابات والاعتصامات أغلقت ما يزيد عن 6 ‏آلاف مصنع خلال الثلاث سنوات الماضية، بالاضافة إلى هروب ‏الاستثمارات". ويعتبر المراغي أن "دعم الدولة والسلطة القائمة ليس عملاً سياسياً ولا يتشابه مع ما يقوم ‏به الاسلاميون والشيوعيون من تأجيج الفتن والقضاء على العمل النقابي لصالح دكاكين خاصة".
المساهمون