سوق الخوف اللبنانية: أدوية أعصاب وشركات أمنية

24 نوفمبر 2014
خطط فردية لتأمين الحماية من الانفجارات(جوزيف عيد/فرنس برس/getty)
+ الخط -
عاش اللبنانيون تاريخاً حافلاً من الحروب والتوتر الأمني والسياسي. غياب الأمن والاستقرار، لم ينعكس سلباً على الاقتصاد فحسب، بل أثر بشكل واضح على المواطن الذي وصل إلى فترات يخاف خلالها الخروج من منزله. وهو خوف استباقي تحسباً لوقوع أي انفجار أو خضة أمنية مفاجئة.

تدمير وأكثر
بحسب دكتور الأنثروبولوجيا الاقتصادية، سعيد عيسى، فإن الخوف لدى المواطنين أدى إلى إعاقة عملية التنمية في لبنان خلال السنوات الماضية. ويقول عيسى لـ"العربي الجديد": "من عاش الحرب الأهلية، والاعتداءات الإسرائيلية، ومسلسل التفجيرات، لم يعد قادرا على الإنتاج والعمل بشكل طبيعي".
ويضيف: "للحروب أثمان باهظة، لا تتعلق بالتدمير فحسب، بل تطال عملية التنمية حتى بعد انتهاء الحرب. وقد أثبتت التجارب أن من عايش الحرب الأهلية، لم يبد أي رغبة للعمل في قطاعات منتجة، بل اكتفى بتأمين لقمة عيشه بأبسط الطرق".

تجارة أدوية الأعصاب
يشرح عيسى، أن غياب الرغبة في العمل كان وليد الشعور بالخوف والذعر. وبالتالي لا يمكن للتنمية الاقتصادية أن تتحقق في ظل شكوك المواطنين وقلقهم المستمر على حياتهم. كما يساهم الخوف، وفق عيسى، في توليد آفات اجتماعية لا يمكن للدولة تحملها، "أبرزها انتشار الجريمة، وازدهار تجارة المخدرات، وعمل المافيات، الأمر الذي يؤدي إلى هدم الاقتصاد بكافة قطاعاته".
في ظل هذه البيئة، نمت أعمال جديدة، منها تجارة أدوية الأعصاب. وبحسب دراسة قامت بها جمعية "غالوب" الأميركية، حل لبنان في المركز العاشر عالمياً في عدد حالات الاكتئاب. وأفادت أن اللبنانيين اشتروا 13 مليوناً و600 ألف علبة مهدئة خلال عام 2013، وأن 47% من اللبنانيين يعانون حالات اكتئاب عصبي.
وبعملية حسابية بسيطة، فإن متوسط سعر الأقراص المهدئة التي لا تحتاج إلى وصفة طبيب هو 18 دولاراً. وفي عام واحد، تم شراء 13 مليوناً و600 ألف علبة مهدئة، بحسب الدراسة أعلاه. ما يعني أن ما تم إنفاقه وصل إلى 244 مليون دولار أميركي.
في هذا الإطار، تشير المعالجة النفسية، سمر حنا، إلى أن الضغوطات المعيشية، والأوضاع السياسية، ساهمتا في زيادة معدلات الاكتئاب. وتقول لـ"العربي الجديد": "منذ سنوات، ازدادت حالة التوتر والاكتئاب. كما أن غياب الأمن، أفقد المواطن الرغبة في الحياة، وإقامة أي نشاط عملي".
من جهته يشير نقيب الصيادلة ربيع حسونة لـ"العربي الجديد" إلى أن نسبة شراء المهدئات في لبنان ترتفع من عام إلى آخر، بسبب الضغوطات المتزايدة على المواطنين.

انتشار شركات الأمن
كذلك، ساهم الخوف لدى اللبنانيين في انتشار أنواع مختلفة من الأعمال التي لم تكن لتولد لولا الأزمات الأمنية. شركات الأمن الخاصة باتت منتشرة بكثرة. حراس المصارف، المنازل، المحال التجارية، مجموعات من الشباب تتولى الأمن الذاتي في الأحياء مقابل بدلات مادية. ونما سوق كاميرات المراقبة وأجهزة الرصد والكشف عن المتفجرات.
يؤكد المدير التنفيذي لشركة أمنية لبنانية، إيلي جرجوري، أن الظروف السياسية والاضطرابات المستمرة رفعت الحاجة إلى شركات الأمن في لبنان بشكل ملحوظ.
ويوضح أن ظاهرة الشركات الأمنية بدأت في الانتشار منذ الحرب الأهلية. ومع انتهاء الحرب، وعودة مسلسل الاغتيالات والتفجيرات، بات موضوع الأمن هاجسا لدى اللبنانيين. ويلفت إلى أن شركات الأمن باتت مولعة، كذلك، بتركيب كاميرات المراقبة في المنازل والمحال التجارية والشركات. وبلغ عدد الشركات، بحسب مصادر لـ"العربي الجديد"، نحو 45 شركة خاصة، بينها نحو 25 شركة كبيرة تضم كل واحدة منها حوالى ألف عنصر أمن. في حين تصل كلفة التعاقد مع شركة أمنية بين 350 دولاراً وألف دولار عن كل حارس، إضافة إلى تكاليف وضع الكاميرات وأجهزة الرصد والكشف.
دلالات
المساهمون