التكنولوجيا كرافعة لأسواق المال

24 اغسطس 2015
التكنولوجيا تسرع تطور الأسواق المالية (Getty)
+ الخط -
تطوّرت الأسواق المالية بوتيرة متسارعة في العقود الأخيرة، حتى أنها أدخلت أدوات مالية جديدة غير معروفة سابقاً، مثل المشتقات المالية، التي تقوم، عبر مفاهيم مختلفة منبثقة من نظريات الاقتصاديين أو الجهات الرقابية، بدراسة مقترحات جديدة أو حتى تنتج تلك الأدوات المالية الجديدة.

وقد تطور وجود الأسواق المالية عبر التاريخ أيضاً عبر مختلف النظم والأشكال وطرق التعامل التي وضعت لها ترتيبات محدّدة، وفق عدد من الإجراءات التي تنظّم عملها وتنظم التعاملات التي تتم بين العملاء أو الأطراف المعنية بترتيب أركان السوق التي تحكمها آلية محددة ومنظمة تخلق حالة الثقة النظامية أو القانونية في السوق، ما يجعلها مميّزة عن الأسواق الأخرى أو الأسواق غير المالية.

اقرأ أيضا: استراتيجيات الاتصالات في أسواق المال

ولم يتم استحداث الأسواق المالية إلا بعدما كانت هناك حاجة لتداول أداة أو سلعة ما تحت قوانين منظمة تهدف إلى تعزيز السوق المعنية، لجعلها أكثر جاذبية للتدفقات المالية، وتقليل المخاطر الرقابية والقانونية التي قد تنشأ، في حال غيابها، مشاكل اجتماعية كثيرة، ناهيك عن كثرة الفساد المالي والبيئة الخصبة للكثير من أدوات الجريمة، مثل عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب وغيرها من الجرائم التي تتعلق باستخدام الأموال بطريقة غير شرعية.

وأسهم التطور التكنولوجي الهائل في تطوير أدوات عدة، مالية وغير مالية، كما سهّل التعاملات في الأسواق المالية، ما أوجد أسواقاً جديدة لم تكن موجودة من قبل، وهناك تعاملات بعملات إلكترونية، وهذا الأمر حمّل المشرّعين والقيّمين على الأجهزة الرقابية مسؤولية تحديث النظم وسبل الرقابة الفعالة لأي من الأسواق الجديدة أو أدواتها التي تشهد طفرة سريعة وغير مسبوقة.

اقرأ أيضا: إطفاء الخسائر من رأس المال

ولم يقتصر ذلك التطور على التعامل ما بين الأفراد، بل تجاوزه ليصل إلى شركات باتت تتنافس في اقتنائها لتكنولوجيا أو برامج ذاع صيتها، من أجل سهولة استخدامها في التسويق أو التجارة على مختلف أشكالها وأنماطها، التي قد تكون بين دول عبر القارات أو داخل مجتمع صغير في الدولة الواحدة. ولعلّ من أشهر تلك الصفقات عالمياً ما مرّت به شركتا "غوغل" و"فيسبوك" وغيرهما من شبكات التواصل الاجتماعي التي تبدّلت على نحو سريع في فترة زمنية قصيرة.

وأخيراً، برزت التطبيقات الخاصة بالكمبيوترات المحمولة أو أجهزة الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، والتي باتت سوقاً تتم عبرها صفقات كبيرة وذات أهمية لدول عديدة، إلا أنها لا تزال تفتقر إلى الكثير من مقومات النظم الرقابية التي تجعلها تحت سيطرة الدولة. ولعل هذا التراخي من قبل الكثير من الدول يأتي لأسباب عدة، منها عدم وجود الاستقرار السياسي أو عدم وجود بُعد نظر اقتصادي أو قانوني حتى، وهي بحاجة إلى التسريع في خطوات بدأت بها الكثير من الدول الغربية من طريق تصنيفات وتبويبات لتلك المعاملات، وأيضاً من طريق ما يسمى بالتوقيع الإلكتروني والذي تثبت به صفة الأطراف المتعاملة، ما يجعل من وجود السوق أمراً ممكناً في ظل تشريع قوانين تنظمه.

ولعل المتابع للمشاريع الصغيرة والمتوسطة سيجد أن أحد أبرز أسباب نجاح قصص معينة ومشاريع باتت منتشرة هو استخدامها لتلك التطبيقات، مثل برامج عرض الصور عبر شبكات الإنترنت، التي باتت توصل الأجهزة النقالة الحديثة والذكية، والتي انتشرت عبر شركات قطاع الاتصالات وغيرها، وهو ما سهّل عملية التسويق بجوهرها، وبعامل الكلفة المنخفضة التي يتم التعامل بها بين المستخدمين، نظراً لعدم الحاجة لدفع الكثير من التكاليف التشغيلية وعدم الحاجة للحصول على الرخص التجارية.

اقرأ أيضا: بورصة الأوراق المالية: أزمة ثقة أم سيولة؟

التحكّم بالتجارة الإلكترونية
ومن منطلق تعزيز المكاسب الوطنية في عالم الاقتصاد وتحسين بيئة الأعمال، كان يجب على الدولة أن ترعى مثل تلك التعاملات عبر التنظيم القانوني الذي يعزز من مكاسب التجارة في المجتمع، خصوصاً عبر المشاريع الصغيرة والمتوسطة، في مقابل حفظ حقوق الأطراف، الذي هو مبدأ أساسي في قيام الدولة اقتصادياً واجتماعياً وقانونياً، وليس من المفترض أن تقوم الدولة بمحاربة مثل تلك الأفكار التي أثبتت جدواها للكثير من المواطنين، سواء كمستهلك ومستخدم أو كمستفيد من عملية التجارة تلك، إذ من الضروري أن يتم إنشاء شركات تقوم بالعمل في هذا القطاع مع الاستفادة من تقليل التكاليف الخاصة بالعرض أو التخزين أو النقل أو غيرها، ما يعطي الأمل بأن نرى قطاعاً للتجارة الإلكترونية منظماً وبطابع شرقي عربي جديد.

وخطت بعض الدول الخليجية في هذا الشأن خطوات مميّزة على مستوى المجتمع الذي بادر إلى تعزيز ذلك النوع من التجارة ليكون هدفاً لشركات أجنبية، مثلما حدث لبعض مواقع شبكة الإنترنت التي قامت بالاستحواذ عليها بعد أن قامت بدراسة للجدوى الاقتصادية التي أدت في نهاية المطاف إلى أن تتم الصفقة بمبالغ طائلة وغير متوقعة تماماَ.
(خبير مالي كويتي)
دلالات
المساهمون