المغرب يحوّل السفر إلى تجارة مربحة

13 يوليو 2015
إطلاق القطار فائق السرعة في 2017 (فرانس برس)
+ الخط -
بلغ عدد المغاربة الذين اختاروا السفر عبر القطارات خلال العام 2014 حوالى 40 مليون مسافر، حسب الحصيلة المالية للمكتب الوطني للسكك الحديد بالمغرب، محققاً بذلك نمواً بحدود 4 في المائة مقارنة بعام 2013. هذا النمو المطّرد لعدد المسافرين عبر القطارات المغربية، جعل المغرب يطلق مشاريع استثمارية ضخمة لتحويل محطات القطار وباحات الاستراحة في الطريق السريع، إلى مراكز ترفيهية وتجارية يجد فيها المسافر كل ما يلبي حاجاته التسويقية.

ولعل التصور الجديد لمحطات القطار في المغرب والقائم على جعلها مراكز تجارية، بالإضافة إلى دورها في نقل المسافرين، انطلق مع تطوير محطة القطار في مدينة مراكش قبل أكثر من أربع سنوات، ذلك أن المحطة التي تستقبل حالياً أكثر من 10 ملايين مسافر سنوياً، تم تطويرها لتتحول إلى مركز تجاري يمتد على مساحة 25 ألف متر مربع، وبغلاف مالي قيمته 12 مليون دولار، لتتحول إلى مركز تجاري مكون من طابقين، تنتشر فيه محلات لبيع سلع أبرز العلامات التجارية العالمية، والمطاعم والمقاهي، بالإضافة إلى باحة للمسافرين مساحتها 1250 متراً مربعاً.


كل هذه التغييرات التي طالت محطة مدينة مراكش جعلت المسافرين الوافدين على المحطة ينتقلون من 4,1 ملايين مسافر إلى 10 ملايين مسافر خلال العام الحالي، حسب الأرقام التي عرضها المكتب الوطني للسكك الحديد خلال تقديمه لحصيلة منجزاته خلال الفترة الممتدة بين 2010 و2015.

وبإلقاء نظرة على المحطات السككية الكبرى في المغرب، يتضح أن هذه المحطات ستعرف استثمارات كبيرة خلال السنوات الأربع المقبلة، خصوصاً في المحور الرابط بين مدينة طنجة شمال المغرب والعاصمة الرباط ومدينة الدار البيضاء، هذه الأخيرة أصبحت تتوفر على أكبر محطة سككية في القارة الإفريقية وهي محطة الدار البيضاء -الميناء، التي تطلب إنجاز استثمارها 50 مليون دولار، وتتوفر على أكثر من 50 محلاً تجارياً، مقسّمة بين محلات للألبسة والمنتجات الاستهلاكية والمطاعم والمقاهي.

وأكد المدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديد ربيع لخليع أن "المحطة الآن ستضم مجموعة من الفنادق موزعة بين فنادق مصنّفة ثلاث نجوم وأربع نجوم". وأشار إلى أن المركز التجاري لمحطة الدار البيضاء -الميناء موجه إلى شريحة واسعة من المغاربة، وليست مركزاً موجهاً للفئات الغنية، لهذا تم الحرص على أن تكون الأسعار في متناول الطبقة المتوسطة المغربية.

اقرأ أيضا: المغرب يستعد لاستثمارات فندقية نوعيّة

لخليع كشف خلال تقديمه لحصيلة مكتبه خلال السنة الماضية، أن المكتب الوطني سيطلق طلبات عروض لتطوير المحطات السككية في ست مدن مغربية لتحويل هذه المحطات إلى مراكز تجارية، مشيراً إلى أن الاستراتيجية الجديدة للمغرب في مجال المحطات تتمثل بالخروج من الصورة النمطية لمحطات القطار إلى مراكز تجارية تضج بالحياة وتوفر للمسافر الكثير من الخدمات فلا تجعله في حاجة لأي شيء من مستلزمات سفره.


بدوره، أكّد الخبير في التجهيز والبنى التحتية عبد الرزاق التويمي أن محطات القطار ومحطات الاستراحة في الطرق السريعة بالمغرب أصبحت تعرف تحولاً كبيراً لإعطائها طابعاً تجارياً. فـ"المسافر سواء عبر الطريق السريع أو عبر القطار أصبحت لديه حاجات استهلاكية ولم يعد يرى في محطات القطار مجرد مكان لركوب القطار"، مضيفاً أن هذا التحول أصبحت له فوائد اقتصادية على خزينة الدولة، "لأنه رفع من مداخيل محطات القطار بفضل تحصيل أموال استغلال المحلات التجارية في محطات القطار، كما أن إقبال المسافرين على محطات الاستراحة جعل من الحصول على رخص استغلال محطات الاستراحة في الطرق السريعة أمراً مطلوباً، ما يرفع من مداخيل الطرق السريعة التي تشرف عليها الدولة".

ولفت التويمي إلى عاملين أساسيين جعلا الدولة تفكر في توفير مراكز تجارية، سواء على مستوى الطرق السريعة والمحطات السككية، أولهما مشروع القطار الفائق السرعة، الذي يعتبر المغرب أول بلد إفريقي يستقبله، وخصّص له غلافاً مالياً في حدود 2 مليار دولار، "فهذا المشروع المتوقع إطلاقه في سنة 2017 سيرسخ ثقافة جديدة في المغرب، وهي تحويل السفر إلى فعل ترفيهي وجعل محطات القطار محطات ترفيهية، لأن المواطن المغربي أصبحت لديه عادات استهلاكية جديدة في السفر وبالتالي يجب توفير محطات تلبي حاجاته التسويقية".

أمّا العامل الثاني فهو الارتفاع الحاصل في عدد السيارات التي تجوب طرق المغرب، "والتي بلغت 3 ملايين و400 ألف سيارة خلال السنة الماضية، ومازال عدد السيارات يرتفع بشكل كبير، وتالياً، أمام هذا الرقم الكبير من السيارات يمكن أن نقول إن الملايين من المغاربة يحتاجون إلى مراكز تجارية على الطرق السريعة التي يستعملونها"، ونبه التويمي إلى أن "تطوير المراكز التجارية على الطرق السريعة يسير بإيقاع أبطأ من ذلك المحقق في السكك الحديد.
المساهمون