كليات القمة تؤدي إلى القاع.. هل توافق؟

04 اغسطس 2015
لا تجعل الحصول على "الدرجات" هم ابنك الأكبر(Getty)
+ الخط -

 

 بالرغم من أنها الأجازة، إلا أن الأهل لا ينسون العام الدراسي الجديد، يفكرون فيه منذ الآن، بأي كلية سيلتحق ابنهم صاحب الدرجات المتعوب عليها كثيرا جهدا وعرقا وسهرا والمدفوع فيها أكثر من أموالهم القليلة، أما الأخ الثاني فيفكرون مع أي مدرس خصوصي سيدرس هذا العام ومتى سيبدأ معه وكيف سنجد له مكانا مع هذا المدرس الذي يصفه الجميع بالممتاز، فلابد أن يحصل الإبن على درجات "الفول مارك" ليلتحق بالكلية التي يريدها ولا يتحكم به وبأسرته وبمستقبله مكتب التنسيق ونتائجه المرعبة.


ولكن مهلا.. ولنجب على هذا السؤال قبلا.. لماذا هذا الإجهاد كله.. لماذا كل هذه الدرجات التي يسعى الجميع إليها.. هل سيحدث شىء إن لم يدرك الإبن كل هذه الدرجات التي لابد أن يدخل بعدها إلى كلية تم وصفها قبلا بكلية القمة.. في وصف عنصري يقلل من شأن باقي الكليات جميعا.

مش لازم الفول مارك

"مش لازم الفول مارك".. هي إحدى الإجابات على هذا السؤال، والتي تدعو إليها "نهى داوود" على صفحتها على الفيسبوك، حيث تقول في معرض حديثها: "قابلت شابا خريج كلية علمية مرموقة وبيشتغل في مجاله.. هو مش بيحب دراسته ولا شغله.. بس مش عارف بيحب ايه! فكر يحضر كورس كتابة يمكن يطلع موهوب في الكتابة!!".


ثم تخاطب الآباء قائلة: "دي مسئوليتنا كأولياء أمور.. نتيح أكبر عدد من الفرص والمسارات والمجالات المختلفة لأولادنا يستكشفوها ويجربوها.. حرام يبقى شاب اتخرج والمفروض يبدأ حياته العملية ولسه مش عارف هو عايز ايه!"


تستجدي نهى الآباء بعد ذلك قائلة: "الدراسة على الأبواب.. رجااااااااء انحازوا لأولادكم.. ولا تستسلموا لوحش التعليم الكاسر.. مش لازم فول مارك.. ونقفل المعاصر وسلاح التلميذ! المهم يبقى عنده وقت وفرص يستكشف مسارات تانية.. موسيقى.. رسم.. شطرنج.. كتابة قصص.. تمثيل". وتختم نهى دعوتها قائلة:  "يللا ساعدوا أولادكم يكتشفوا موهبتهم، ودورهم كترس في ماكينة الإعمار العظيمة وبعدين يؤدوه بحب ونجاح".

أوائل الثانوية

قد يسعدك كلام نهى ودعوتها لعدم التمسك بالـ" full mark " ومحاولة معرفة ميول الأبناء، ولكن حينما تسمع خبر أن أوائل الثانوية العامة لهذا العام يرفضون المنح الخاصة، لتظل رغباتهم الأولى هي كليات الطب والصيدلة والهندسة". تعرف أن ثقافة المجتمع العربي فيما يتعلق بالتعليم في حاجة إلى مراجعة وإعادة تغيير.



ليصل بك هذا إلى التسليم أو الموافقة على رأي أحدهم حينما يلخص ماهية التعليم في دول العالم الثالث فيقول: النظام التعليمي في دول العالم الثالث يؤدي إلى مفارقات مدهشة في الخريجين، فطلاب الدرجة الأولى من الأذكياء يذهبون إلى كليات الطب والهندسة، وطلاب الدرجة الثانية يذهبون إلى كليات الآداب والقانون وبذلك يديرون شئون خريجي الدورة الأولى، وخريجو الدرجة الثالثة يصبحون ساسة البلاد ويتحكمون في الساسة، يطيحون بهم من مواقعهم أو يقتلونهم إن أرادوا.. أما المدهش حقا فهو أن الذين لم يدخلوا المدارس أصلا يصبحون شيوخا يأتمر الجميع بأمرهم..!!


يتم تداول المقولة الأخيرة على صفحات الفيسبوك في موافقة ضمنية على ما جاء فيها، فقد نقلها أكثر من 2000 شخص على صفحاتهم وعلق عليها ما يقرب من الـ500 شخص، وتأتي جٌل التعليقات تأكيدا على ما جاء فيها متأسفة على ما وصلنا إليه.

الهرم المقلوب

يقولون في تعليقاتهم: " هذا قانون الهرم المقلوب"، وأن "القاع يحكم القمة"، و "بكل اختصار هذا الداء فينا"، و "يااسفاه"، و "هذا هو الواقع والحاصل"، و "صحيح"، و "الحقيقة المرة" ، و حقيقة 100%، و "واقعنا العربي المرير" ، وأخيرا: "للأسف صحيح.. خطأ كبير في التوجيه بعد الثانوية العامة، الأصل أن يوزع اصحاب المعدلات العالية على كل التخصصات وأوجه العلم".


وأنت عزيزي الأب وعزيزتي الأم.. هل توافق من حيث المبدأ على ألا يلتحق ابنك صاحب الدرجات العلا "الفول المارك" بالكليات المشهورة بالقمة، وهل توافق من حيث المبدأ أن تترك لإبنك فرصة اختيار دراسة ما يحب وأن يعمل في المجال الذي يبرع فيه.. وقبل ذلك هل أهلته لفكرة الاختيار وعرضت عليه فرصا مختلفة يرى من خلالها ما يبرع فيه ويميل إليه قلبه حقا؟


اقرأ أيضا: طلبة الصين.. لا "اختبارات" بعد اليوم

المساهمون