عبد المؤمن... كيف جعلته أمه عالماً صغيراً؟

27 ديسمبر 2015
يمارس عبدالمؤمن القيام بالتجارب العلمية منذ عمر 3سنوات (Getty)
+ الخط -
منذ عدة أيام اشتريت لطفلي عبدالمؤمن نظارة لتحمي عينيه يرتديها من يقومون بالتجارب العلمية في المعمل لحماية عيونهم من التفاعلات.. ارتداها وقال: "أنا من العلماء".
نظرت إليه واستعدت ذكرياتي مع هذا العالم الصغير ذي الخمسة أعوام، كيف بدأت رحلتنا وكيف اكتشف نفسه وكيف تميز.

العروض التقديمية
مع بداية الإجازة الصيفية وقبل أن يتم عبدالمؤمن عامه الثالث بعدة أيام ابتكر زوجي فكرة نشاط العروض التقديمية المنزلية وكان المستهدف منها إخوته الأكبر سناً (7 و9 سنوات) حيث قدم لهم زوجي مجموعة من الكتب وطلب من كل واحد منهما أن يختار موضوعاً يقرأه ثم يقوم بعمل عرض تقديمي عنه في مدة لا تزيد عن دقيقتين.
شاهد عبدالمؤمن إخوته يعرضون فطلب أن يقوم بعمل عرض تقديمي مثلهم فعرضت عليه أن يحدثنا عن الأشكال الهندسية والألوان وكانت هذه هي البداية التي منها اكتشفت عبدالمؤمن ومواهبه.

اقرأ أيضا:علًّمْ ابنك كيف يفكر؟

فكرة العروض التقديمية وأهدافها أثبتت نجاحها عن جدارة، فقد كان من أهم شروطها أنه بعد أن ينتهي المقدم من عرض موضوعه يقوم كل منا بذكر إيجابيات تعلمها من الموضوع وميزة جديدة أضيفت إليه بعد أن استمع للعرض التقديمي وشاركنا عبدالمؤمن وهو يقول "تعلمت – استفدت – أعجبني...".
وكنا نسمعه نفس الكلمات عندما ينتهي من عرضه التقديمي، فكان يشعر بالفخر بنفسه والثقة بذاته. ومن أكبر محظورات العروض التقديمية الانتقاد أو الحديث بسلبية عن العارض أو المحتوى الذي قدمه.

في الأيام التي تلت ذلك بدأت في الاهتمام به ومساعدته في تحضير عروضه التقديمية ببطاقات عن الآداب والسلوكيات ثم انتقلنا إلى تجهيز بعض التجارب العلمية البسيطة التي يسهل عليه عملها وتقديمها في وقت قصير.

كانت الخطة التالية هي تصوير الفيديوهات وبداية سلسلة تجارب "عبدالمؤمن يعلمني" والتي تم نشرها على اليوتيوب بنفس الاسم، أصبح عبدالمؤمن يقدم التجارب وهو في الرابعة من عمره. أحياناً تنجح التجربة فنعرضها وأحياناً تفشل فنقوم باختيار تجربة أخرى.

تعلم عبدالمؤمن أن إضافة المكونات يؤدي للتفاعل ويبتهج لإضافة الألوان ومشاهدتها تتفاعل، تعلم الثقة بنفسه وابتكار حركات مضحكة خلال التصوير، تعلم أن النجاح والفشل جزء من حياتنا لا يعيبنا في شيء وإنما قد تكون إحدى الخطوات تسببت في فشل التجربة فعلينا أن نتعلم من ذلك.

كيف يستفيد؟
تسألني كثير من الأمهات عن استفادة عبدالمؤمن من التجارب وهل يفهم المحتوى العلمي أم هو فقط يقوم بالحركات المطلوبة؟
لم يكن الهدف من التجارب العلمية هو الهدف المباشر (تعلم المحتوى العلمي فقط) ولكن كان هناك الكثير من المهارات التي اكتسبها:

1- مهارة الإلقاء وعدم الخوف أو الرهبة أو الخجل من أن يعرض محتوى يعرفه.

2- تجمعني أنا وهو أوقات نتشارك فيها سوياً مشاهدة الكثير من التجارب حتى وإن كان يصعب أن نطبقها بسبب صعوبة توفر المكونات أو الخامات المطلوبة، فإننا نتناقش أنا وهو كيف حدثت التفاعلات.

3- عندما نختار تجربة فإننا نقوم بتجربتها سوياً وأحياناً تنجح وأحياناً تفشل فتعلم أنه ليس دائماً ينجح ولكن أحياناً نفعل كل ما هو مطلوب لكن لا ننجح.

4- من أجمل ما تعلمه عبدالمؤمن هو واجبه تجاه الأطفال الصغار مثله فهو يعلمهم ما تعلمه وهم ينتظرون تجاربه ليتعلموها خاصة عندما ترسل لي إحدى الأمهات تصويراً لتطبيق ابنها أو أولادها لإحدى التجارب التي شاهدوا عبدالمؤمن يقوم بها فيسعد عبدالمؤمن بأنه قد علّم غيره، وأصبح يسأل هل قام أحد بعمل التجربة؟

5- عند القيام بالتجربة يقوم عبدالمؤمن بالخطوات بنفسه مما يعزز ثقته بنفسه كما أنه يتعلم مهارات أخرى كصب السوائل أو دمج المكونات لمشاهدتها تتفاعل.

من الابتكارات الرائعة التي قام زوجي بعملها مع أولادنا وأخص بالذكر عبدالمؤمن هو أنه جلس معه منفردين وهو ذو ثلاثة أعوام وسأله ماذا تود أن تفعل في مستقبلك، ثم قام بتسجيل أمنيات عبدالمؤمن وخططه وأحلامه، ثم قام بتصميم كتيب الأحلام له وقام بطباعته وأعطاه له ففرح عبدالمؤمن به جداً وقال: هذه أحلامي سأقوم بتحقيقها عندما أكبر إن شاء الله.

اقرأ أيضا:تعليم العقل... اليد... والروح

ما بعد القراءة
للقراءة أهمية في تميز عبدالمؤمن واكتشافه، فلقد اعتدنا منذ أن كان رضيعاً أن نقرأ له خاصة قبل النوم مما جعله يرتبط بالكتاب والقصص ويميزها، ولاحظت أنه يحاول تطبيق ما نقرأه في الكتب. ففي يوم قرأنا قصة الفتى الذي صنع قارباً من قطعة الصابون وورقة الشجر وفوجئت بعبد المؤمن في اليوم التالي يقوم بصنع قارب يشبه القارب الذي كان موجوداً في القصة، فبدأنا مرحلة جديدة وهي تمثيل القصص وتحويلها لواقع.

قمنا بتمثيل قصة الحمار الكسلان الذي يلقي بنفسه في البحيرة ليتخلص من الملح الذي يثقل ظهره وعندما اكتشف صاحبه ما يفعله أبدل كيس الملح بكيس إسفنج فقمنا بعمل كيس من الملح وكيس من الإسفنج ومثلنا القصة وتابعنا كيف أن الملح ذاب في الماء وثقل الإسفنج بامتصاصه للماء.

وبعد أن قرأنا قصة "رحلة إلى سطح القمر" صنعنا صاروخاً من صندوق ورق وذهبنا به للفضاء وزرنا القمر والتقطنا الصور بكاميرتنا البلاستيكية وجمعنا الصخور من سطح القمر وجمعنا المعلومات عن القمر. وفي كل مرة يلعب عبدالمؤمن دور رائد الفضاء، أحرص على أن أعطيه الكاميرا ليلتقط الصور وأضع له الصخور على الأرض حتى يجمعها أثناء زيارته للقمر.

حالياً عبدالمؤمن عندما أقول له إني أحبه وإنه شخصية جميلة يقوم بعمل الكثير من الأشياء الجميلة فيوافقني الرأي ويقول نعم أنا أقوم أيضاً بتصميم الألعاب.

اقرأ في الملف:
28 فكرة لخلق بيئة ابتكار في المنزل
كيف تجهز ابنك لعصر الابتكار؟

المساهمون