هل تعود الجزائر إلى الاستدانة الخارجية؟

10 يناير 2016
الاقتصاد الجزائري يترقب النفط (فايز نورالدين/ فرانس برس)
+ الخط -
بعد مفاوضات شاقة مع صندوق النقد الدولي تمكنت الجزائر سنة 2014 من التسديد المسبق لديونها المقدرة قبل هذا التاريخ بنحو 33 مليار دولار، لتتراجع إلى 3.9 مليارات دولار سنة 2014، إلى درجة أنها أقرضت البنك الدولي سنة 2012 ما قيمته خمسة مليارات دولار.
لكن أزمة التراجع الحاد أخيراً في أسعار النفط والغاز في الأسواق الدولية، وما خلفته من مشاكل مالية كبيرة بالبلاد، دفعت الحكومة إلى اتباع سياسة التقشف والتلويح بإمكانية اللجوء إلى الاستدانة الخارجية. ويأتي ذلك في ظل تآكل مخزون الجزائر من العملة الصعبة الذي تراجع من 195 مليار دولار نهاية 2013، إلى 7 .152 مليار دولار في 2015، يضاف إلى ذلك تآكل رصيد صندوق ضبط الإيرادات الذي بلغت أمواله سنة 2014 ما قيمته 77.2 مليار دولار، حيث بات مهدداً بالنضوب في حدود سنة واحدة بدل سنتين كما توقع صندوق النقد الدولي.

وأشار قانون المالية الذي أقرته الحكومة للعام 2016 إلى السماح باللجوء إلى التمويلات الخارجية اللازمة لإنجاز المشاريع الاستراتيجية التي تشرف عليها المؤسسات الخاضعة للقانون الجزائري. وهو التوجه الذي قوبل برفض كبير من المعارضة التي اعتبرته بيعا لسيادة البلاد للخارج خاصة وأن ضامن القروض هو الدولة. لكن وزير المالية أوضح أن اللجوء إلى التمويلات الخارجية إجراء موجود في قانون الاستثمار، مؤكداً أن الاستدانة الكلاسيكية من الخارج مازالت ممنوعة.
من جهته، يرى الخبير الاقتصادي محمد حشماوي في حديث لـ "العربي الجديد"، أن الجزائر تتعرض لصعوبات مالية في ظل تراجع إيرادات النفط، لافتاً إلى أن الاستدانة لا زالت بعيدة عن السياسة الاقتصادية. ويشرح أن الجزائر وفي حال عاودت أسعار النفط ارتفاعها فستكون في منأى عن الاستدانة، أما إذا واصلت الأسعار تراجعها فستبقى أمامها فرصة تنويع مصادر دخلها وتطوير اقتصادها خارج قطاع المحروقات، وإذا نجحت حينها فستكون في منأى عن الاستدانة، أما إذا فشلت في ذلك فتكون الاستدانة حتمية لا مفر منها.
أما الخبير الاقتصادي ووزير الاستشراف السابق بشير مصيطفى فيرى أن الجزائر حالياً في بداية الأزمة المالية، والحكومة تحاول الحصول على إيرادات لتحقيق التوازن المالي بعدما بلغ العجز في سنة 2015 نحو 30 مليار دولار. ومع تسجيل تراجع أكبر خلال هذه السنة يُتوقع أن يزداد العجز بنسبة أكبر، ولهذا جاء القرض الاستهلاكي ليوفر للحكومة ضريبة على القيمة المضافة التي ستقع على قطاع التجارة في 2016.

ويردف الخبير الاقتصادي مصيطفى بالقول إن هناك حلولاً أخرى لا زالت بيد الحكومة، منها العمل على خفض قيمة الدينار مرة أخرى للاستفادة من فرق الصرف في الجباية البترولية.
ويشير مصيطفى إلى أنه ولمدة عامين ونصف يمكن للحكومة اللجوء إلى احتياطي الصرف الموجود على مستوى البنك المركزي إضافة إلى صندوق ضبط الإيرادات لتغطية ميزانية عامين ونصف العام، فإذا تحركت الآلة الإنتاجية كما هو متوقع خلال هذه المدة، وحفزت القطاعات الراكدة كالفلاحة والصناعة، يمكن للجزائر أن توفر الحد الأدنى من التوازن في الميزانية، وإذا لم يتحقق ذلك فإن التمويل الخارجي سيبقى حلاً وارداً.

اقرأ أيضاً: الجزائريون يدفعون ثمن سياسة "شراء السلم الأهلي"
المساهمون