بائعو الكعك و"الآيس كريم" يحتمون بمعتصمي بيروت

08 سبتمبر 2015
خلال تحرك في وسط بيروت (عبد الرحمن عرابي)
+ الخط -
كرفانات، بائعو قهوة، بائعو مياه، سكاكر، كعك، هذا هو المشهد العام في وسط بيروت اليوم. كلّ هؤلاء وغيرهم من البائعين المتجوّلين كانوا ممنوعين من الوصول إلى وسط المدينة، بسبب تخصيص هذه المنطقة لأثرياء لبنان، حيث المكاتب الفاخرة والمقاهي والمطاعم المخملية. لكنّ التحركات الشعبية التي استقرت في منطقة وسط بيروت، حيث مركز البرلمان والحكومة، جذبت الباعة المتجولين إلى الحشود، ليصبحوا مصدر رزقهم.

كسب المال

قصدت "العربي الجديد" ساحات الاعتراض في رياض الصلح والشهداء، للبحث عن الباعة المتجوّلين. أوّل ما يجذبك هو صوت "طقطقة" فناجين القهوة، تلاحق مصدر الصوت لتجد رجلاً في العقد السادس من العمر، إنه أبو محمود الطرابلسي، سألنا الرجل الستيني عما دفعه للقدوم إلى ساحة رياض الصلح من شمال لبنان، فقال: "الدافع الرئيسي لقطع هذه المسافة هو كسب المال، ففي طرابلس يكثر الباعة والمساكين أمثالي، أما هنا فالعمل جيد ولا داعي للسير على الأقدام لمسافات طويلة". ويشير أبو محمود إلى أن وجود المتظاهرين يحميه من عناصر الشرطة التي كانت لتلاحقه. ويذكر أن حركة العمل تحسنت منذ قدومه نحو رياض الصلح فالفقير يشتري من الفقير، وأغلب المتظاهرين هم فقراء يشترون فنجان القهوة بـ 500 ليرة بينما فنجان القهوة في مقاهي الوسط التجاري لا يقلّ سعرها عن 7000 آلاف ليرة. ويختم أبو محمود أنه أصبح جزءاً من التحرك فهو يتفاعل مع شعارات المتظاهرين لأنها تعنيه، كما أنه يهرب من هراوات ومياه السلطة كما المتظاهرين، ويقول: "أنا بائع القهوة المتظاهر".


مصدر للرزق

بالقرب من أبو محمود، تسمع موسيقى "السنافر"، إنه كارافان السنافر، يبيع "الآيس كريم" و "الفريسكو". يقول وليد المناوي وهو صاحب الكرفان إنّه كان يحلم في بيع "آيس كريم" هنا، كما كان يحلم في الهجرة نحو أميركا وأوروبا "فهذه المنطقة ليست لنا نحن صغار الباعة، الدولة تمنعنا من القدوم إليها، فقط مسموح لنا بالتواجد في الأحياء الفقيرة". وعن سؤال حول امتلاكه رخصة بائع جوال، يضحك وليد ساخراً ويشير إلى أن "لا رخص تعطى لأمثالنا، فالحكومة تغضّ الطرف عنا في المناطق الفقيرة، أما هنا وفي باقي المناطق المتشابهة فتحجز الكرفان، فهي لا تعطي الرخص ولكن تحجز مصدر رزقنا". يستشهد وليد ببعض الدول التي زارها، ويعطي مثالاً عن تركيا، مشيراً إلى أنه هناك لا تلمس الفارق الطبقي في كلّ المناطق، إذ إنّ الدولة تنظّم كل شيء، فتجد بائع الكستناء وبجانبه بائع العصير وبائع الكعك، ويليهم مطاعم فاخرة، فالكل موجود في الشارع ذاته وبشكل منظم بعد منحهم رخصاً من الدولة.
وعن حركة المبيع يقول إنها أصبحت أفضل، "فالكرفان لا يتحرك وبالتالي أوفّر مصروف البنزين، وقد زاد المبيع بشكل كبير عن السابق". أما عن تفاعل المتظاهرين معه، فيشير وليد إلى أن أفكاره باتت تشبههم، إذ إنّه ناقم على النظام كما أنه يريد أن يعيش في وطن يحترم أبنائه بشكل متساوٍ. ويختم وليد حديثه بالقول، "سنغيّر اسم الكرفان من السنافر إلى كرفان الثورة".

اقرأ أيضاً:لماذا ينتفض اللبنانيون؟

كعك، كعك، يصرخ بائع الكعك العصروني أبو حمد. الأخير يتواجد في ساحات الاعتصامات للمرة الأولى، إذ لم يكن يعرف أن بإمكانه بيع كعكه هنا، ويقول "لقد أرشدني صديقي إلى وسط بيروت فأنا لم آتِ إلى هنا منذ أربعين عاماً، كنت أشاهد المباني الفاخرة عن بعد مدركاً أنها ليست لي ولأمثالي، وها أنا اليوم أبيع المعتصمين الكعك، وأسير هنا كما لو أنني في أي شارع بيروتي".
عن رأيه في التحركات يجيب أنها متأخرة، فهو لن يستفيد منها بشيء، معتبراً أن العمر قد مضى وأنه متأكد من أنّه سيموت فقيراً. تسمع النقاش مع أبو حمد متظاهرة تريد شراء الكعك، فتقول إنّ "هذا النظام لا يكتفي بقهر بائع الكعك السبعيني، ولكنه يقهر كافة اللبنانيين، حتى الذين يعتبرون أنفسهم مع النظام".
المساهمون