التقشف يضرب تطعيمات الأطفال في ليبيا

30 سبتمبر 2015
غياب الأدوية من مستشفيات ليبيا(عبد الله دوما/ فرانس برس)
+ الخط -
تعاني ليبيا منذ أكثر من شهر ونصف الشهر من نقص كبير في الأدوية. وبدأت تغيب عن السوق لقاحات الأطفال، مهددة المئات منهم بالإصابة بأمراض خطيرة. تعود مشكلة نقص الأدوية في ليبيا إلى سياسات التقشف المتبعة في أكثر من قطاع، بسبب غياب السيولة. وقد ساهم أيضاً، الانفلات الأمني في منع وصول العديد من الشحنات، الأمر الذي جعل المواطنين يلجأون إلى الأدوية المزورة تارة والمهربة طوراً.


وبحسب بيانات وزارة الصحة الليبية، فإن النقص الحاد الذي تعاني منه ليبيا لتأمين الأدوية، يعود سببه، بالدرجة الأولى، إلى غياب السيولة، وعدم فتح الاعتمادات المطلوبة. وبحسب بيان صادر عن مركز مكافحة الأمراض، حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، فإن غياب الاعتمادات اللازمة لتأمين الأدوية، حال دون وصول شحنات أدوية جرى الإنفاق على استيرادها وفقاً للمعايير المتفق عليها سابقاً. وأوضح البيان أن هناك كميات غير كافية من اللقاح "السداسي" ولقاح "الالتهاب الرئوي".

وشرح أمين لجنة إدارة جهاز الإمداد الطبي خالد اشتيوي أن "إحدى المشكلات التي تواجهنا، تكمن في عدم وجود عطاء عام للدولة الليبية، لتوفير الأدوية والمستلزمات والمعدات الطبية، كما هو معروف عالمياً".

اقرأ أيضا: القدرة الشرائية في ليبيا تشهد نزيفاً حاداً

وأوضح "هناك أصنافٌ من الأدوية القائمة النمطية كالسكر والأورام واللقاحات، لم يستطع الجهاز توفيرها، في حين هناك شركات قطاع خاص تقوم بتوريدها".

وتأسس جهاز الإمداد الطبي عام 2009 من قبل اللجنة الشعبية العامة آنذاك، لتوفير الأدوية والمعدات الطبية للمستشفيات العامة.

وتشير البيانات الرسمية إلى أن ميزانية جهاز الإمداد الطبي المسؤول عن استيراد الأدوية للمستشفيات العامة فقط، تبلغ سنوياً نحو 700 مليون دينار ليبي (507.2 ملايين دولار). في حين تصرف ليبيا ما يقرب من مليار دينار سنوياً لدعم الدواء.

وذكر وزير الصحة في الحكومة المؤقتة، المُعترف بها دولياً، رضا العوكلي، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي أن "مصرف ليبيا المركزي يماطل بشأن فتح اعتمادات مستندية لشراء الدواء واللقاح، وأن هناك جمعيات خيرية تحاول أن تتكفل بشراء التطعيمات الأساسية للأطفال".

إلى ذلك، بلغت الديون المستحقة على جهاز الإمداد الطبي للشركات الخاصة الموردة للأدوية نحو 1.4 مليار دينار (1.02 مليار دولار) العام الماضي فقط، بحسب ديوان المحاسبة.

اقرأ أيضا: الليبيون تحت مقصلة رفع دعم السلع

تجارة مربحة
كذلك تسبب النقص الحاد في الأدوية المدعومة بمختلف أنواعها في المستشفيات العامة في ليبيا، في إنعاش نشاط الصيدليات الخاصة، بعد اضطرار الكثير من المرضى إلى اللجوء إلى الصيدليات الخاصة لشراء العقاقير، في ظل تقليص الإنفاق الحكومي على مخصصات العلاج.
وفي هذا الإطار أيضاً، أوقف مسؤولون في جهاز الإمداد الطبي، للتحقيق معهم بشأن توريد أدوية منتهية الصلاحية خلال الفترة الماضية من قبل النيابة العامة.

وكان رئيس قسم التحقيقات في مكتب النائب العام الصديق الصور، قد أوضح في تصريحات إلى "العربي الجديد" أن عشرة مُتهمين من جهاز الإمداد الطبي موجودون في السجن الاحتياطي منذ أسابيع على ذمة تحقيقات في جريمة توريد أدوية مُنتهية الصلاحية، تصل قيمتها إلى ملايين الدولارات، فضلاً عن أدوية لا تحتاجها المستشفيات العامة في ليبيا.

وكان ديوان المحاسبة قد ذكر في تقريره السنوي خلال العام الماضي أن ليبيا صرفت خلال ثلاث سنوات مضت 2.3 مليار دينار (1.67 مليار دولار) على الأدوية والمستلزمات الطبية.

وأوقفت هيئة الرقابة الإدارية عقداً لوزارة الصحة بقيمة مليار دينار لتوريد الأدوية مطلع العام الماضي، لوجود فساد إداري ومالي في طريقة التعاقد.

كذلك أحالت هيئة الرقابة الإدارية، نهاية عام 2013، نحو 659 قضية تتعلق بالفساد الإداري والمالي في البلاد، إلى النائب العام.
المساهمون