رواتب مسؤولي العراق أكثر من موازنة الأردن

10 يونيو 2015
هوّة بين الإنفاق على النازحين ومخصصات المسؤولين(صباح آرار/فرانس برس)
+ الخط -
ألغت المحكمة الاتحادية العراقية العليا قانوناً شرّعه مجلس النواب في بدايات عام 2013، بتخفيض رواتب الرئاسات الثلاث للجمهورية والحكومة والبرلمان إضافة إلى رواتب الوزراء والنواب بنسب تراوح ما بين 25% و30% واعتبرته غير دستوري، وذلك بضغط وتأثير من رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي.

واستمر الأمر في عام 2014 في ظل غياب موازنة سنوية مصادق عليها من قبل البرلمان، ولكن موازنة هذا العام أقرت تخفيضاً في رواتب الرئاسات الثلاث، اختلف الخبراء حول ماهيته وطبيعة تطبيقه، ولكن كان بينهم شبه اتفاق على قلة جدواه، في ظل الفساد المستشري في كل مفاصل الدولة العراقية. فالأمر، برأي هؤلاء الخبراء، يتعدى رواتب كبار مسؤولي الدولة إلى المخصصات والنثريات والوظائف الوهمية والعقود الخاصة لأقرباء هؤلاء المسؤولين وغير ذلك.

اقرأ أيضا: "الفضائيون": موظفون أشباح تركة الاحتلال يرثها العراقيون

وتشير تقارير إلى خسارة العراق مليارات الدولارات بسبب الفساد، لافتة إلى أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أعلن، في بداية تسلّمه مهامه، عن فضيحة وجود أكثر من 50 ألف جندي وهمي، ومع ذلك فما زالت هذه الظاهرة موجودة بشكل لافت للنظر، ولم تتم معالجتها ولا متابعتها دستورياً وقضائياً.


ويقدّر مراقبون من ذوي الاختصاص أن الرئاسات الثلاث كلّفت خزينة الدولة العراقية مبلغاً يتجاوز الـ15 مليار دولار سنوياً، خلال السنوات الثلاث الماضية، وهو ما يتجاوز ميزانيات سنوية كاملة لدول مجاورة، كالأردن (11 مليار دولار) مثلاً، ويؤكدون أن ذلك يأتي في ظل انخفاض الأجور في الوظائف العامة عموماً، وارتفاع نسبة البطالة بين القادرين على العمل، وتدهور كبير في قطاع الخدمات.

ولا يزال العراقيون يتندّرون على المبالغ الكبيرة التي تم صرفها خلال السنوات الأخيرة، وأعلن عنها في تقارير رسمية وبرلمانية، بعضها يتعلّق بعمليات تجميلية لبرلمانيات أو تقويم أسنان لبرلمانيين، وكانت أغربها عملية استئصال التهاب البواسير لأحد النواب، حيث كلّفت ميزانية الدولة 60 ألف دولار تقريباً.

يرى مدير مركز بغداد لحقوق الإنسان، مهند العيساوي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "حجم ما يتم إنفاقه في العراق على الرئاسات الثلاث وأعضاء مجلسي الوزراء والنواب يمثل العبء الأكبر الذي أثقل كاهل ميزانية الدولة منذ 2003".
 
ويضيف العيساوي: "لو قارنّا بين الإنفاق الحكومي على المعونات الاجتماعية وملف النازحين من جهة، وبين الإنفاق على السلطات الثلاث من جهة أخرى، لوجدنا أن الفارق كبير، وكبير جداً، وذلك بسبب اهتمام الطبقة السياسية بميّزاتها المالية وعدم اكتراثها لمعاناة الشعب الذي يعاني من الفقر والبطالة".

من جانبه، يعزو الدكتور عبد الناصر المهداوي، وهو مسؤول عراقي سابق ومدير مركز الناصر للبحوث والدراسات، ذلك الهدر إلى "وجود تشكيلات أمنية غير دستورية ظهرت في ظل الحكومة السابقة، لها ميزانيات مهولة ولا عمل لها سوى تنفيذ أجندة سياسية خاصة، وكذلك يوجد هدر حقيقي في قضايا التسليح الفاسد وصفقات شراء أجهزة الكشف عن المتفجرات وقضايا أخرى مبهمة".


ويضيف المهداوي في اتصال مع "العربي الجديد"، أن بعض أسباب تلك الظاهرة "ترتبط بالصلاحيات المركزية لحكومة المالكي السابقة، ومحاولات الهيمنة على البنك المركزي العراقي، وما تعلّق بذلك من ملفات كشفت ضياع مليارات الدولارات دون معرفة الكيفية والجهة التي صُرفت عليها"، ويختم المهداوي حديثه بقوله: "هناك سياسات دعم لبعض الدول الإقليمية بالعملة الصعبة على حساب المصلحة الوطنية، وهي تشكل أرقاماً مخيفة وتتعلق ببيع وتهريب هذه العملة الصعبة".

اقرأ أيضا: العراق في مواجهة زيادة الضرائب ورفع الدعم

من جانبه، يرى مقرر مجلس النواب، نيازي أوغلو، أن "تخفيض الرواتب بالنسبة للنواب هو استعراض إعلامي من نوع خاص". ويشرح، لـ"العربي الجديد"، أن "تخفيض الرواتب سيفيد خزينة الدولة لكنه غير نافع، إذ إنه إذا أرادت الحكومة دعم الاقتصاد وإنعاشه، فعليها تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث وأصحاب الدرجات الخاصة، والعمل الجدي والفعلي على مكافحة الفساد المالي والإداري في دوائر ومؤسسات الدولة، والعمل على تنفيذ إصلاحات ناجعة".
دلالات
المساهمون