الرعاية الصحية: إهمال فمرض.. وموت

24 يونيو 2015
ارتفاع تكاليف الاستشفاء في الدول العربية(Getty)
+ الخط -
أظهر تقرير مشترك لمنظمة الصحة العالمية ومجموعة البنك الدولي صدر الأسبوع الماضي، افتقار 400 مليون شخص للخدمات الصحية الأساسية. وأوضح التقرير معاناة ستة في المائة من سكان البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل من الفقر المدقع، بسبب نفقات الرعاية الصحية.
 
ويعد الإنفاق على الرعاية الصحية في الدول العربية من الأمور الأساسية والهامة في حياة المواطنين، خاصة أن العديد من الدول العربية لا يقدم الرعاية الصحية المجانية، الأمر الذي يدفع العديد من المواطنين إلى تسديد الفواتير الصحية من نفقاتهم الخاصة. والأهم من هذا، أن الإنفاق على الرعاية الصحية يعد مكلفاً جداً في الكثير من الدول، كلبنان على سبيل المثال.

وبالعودة إلى التقرير، فإن ما يعادل ستة في المائة من السكان عبر 37 بلدا، يعانون من الفقر المدقع يعيشون على أقل من دولارين يوميا وتحديداً (1.25 دولار في اليوم) لأنهم اضطروا إلى دفع ثمن الخدمات الصحية من جيوبهم الخاصة. وعندما رفع مقياس الفقر إلى دولارين في يوم، ارتفعت نسبة الفقراء أو الذين يعانون من الفقر المدقع بسبب نفقات الرعاية الصحية إلى 17 في المائة، وهو ما يعد إنذارا لدق ناقوس الخطر.

اقرأ أيضا: الموت على أبواب المستشفيات في الدول العربية (ملف)

إنفاق مرتفع 
في الدول العربية، وبحسب بيانات البنك الدولي، فإن الإنفاق على الرعاية الصحية يعد مرتفعاً كثيراً، فقد تبين أن نصيب الفرد من الإنفاق على الرعاية الصحية من إجمالي الإنفاق في العديد من الدول لا يتعدى 200 دولار سنوياً. وطبقاً لأرقام البنك الدولي للعام 2013، فقد سجل نصيب الفرد من الإنفاق على الرعاية الصحية في مصر 151 دولارا. في الأردن يصل نصيب الفرد إلى 336 دولارا، يرتفع في ليبيا إلى 433 دولارا، أما في العراق الدولة النفطية، فيصل نصيب الفرد إلى 305 دولارات فقط، ويرتفع في لبنان إلى 663 دولارا. واللافت أن دول أخرى مثل سورية، اليمن لا يصل نصيب الفرد إلى أكثر من 100 دولار، ففي سورية يبلغ نصيب الفرد 43 دولارا، وفي اليمن يصل إلى 74 دولارا.

أما بالنسبة إلى دول الخليج، فإن نصيب الفرد من الإنفاق على الرعاية الصحية، يعد مرتفعاً مقارنة مع بقية الدول العربية، ففي قطر يصل نصيب الفرد إلى 2.043 دولار، في الإمارات العربية المتحدة يصل إلى 1.569 دولار، في البحرين يصل إلى 1.067 دولار.

اقرأ أيضا: تسليع الأرواح: سوق الصحة العبثية في مصر

بحسب الخبير الاقتصادي باسم جميل أنطوان فإن التفاوت في حجم الإنفاق الصحي في الدول العربية، خاصة بين دول الخليج وباقي الدول العربية، يعود بالدرجة الأولى إلى الإنفاق الحكومي على هذا القطاع، حيث تصل ميزانية وزارة الصحة في الدول الخليجية خاصة في قطر والسعودية إلى مليارات الريالات، ويعود ذلك بحسب أنطوان إلى العائدات المالية الضخمة التي تتمتع بها هذه الدول مقارنة مع دول أخرى، مثل سورية أو اليمن، وحتى لبنان.

أما بالنسبة إلى العراق والجزائر، وباعتبار أن هاتين الدولتين من الدول النفطية إلا أن نصيب الفرد من الإنفاق الصحي لا يتعدى 400 دولار، فيعود السبب في ذلك إلى أن الحكومات المتعاقبة لا تعير أي اهتمام إلى الرعاية الصحية الخاصة بمواطنيها. ويشير أنطوان في هذا الصدد إلى أن العراق على سبيل المثال، يحتاج إلى رفع الميزانية الخاصة بالإنفاق الصحي لأسباب عديدة، أهمها ارتفاع حدة الفقر بين المواطنين، وارتفاع نسبة الأمراض التي يعاني منها المواطن العراقي، خاصة أن هناك أمراضا تتطلب وجود كادر صحي ومستوى من الطبابة عالي الجودة.

اقرأ أيضا: 70 مليار دولار لا تزيل الرعب من مستشفيات الجزائر

إلى ذلك، يبين الخبير الأردني محمد الربضي أن الدول العربية، خاصة الدول غير النفطية، تعاني من وجود فروقات كبيرة في ميزانيتها ويعود السبب في ذلك إلى أن هذه الدول تعيش في عجز مستمر، وتحاول دوماً تأمين النفقات الخاصة بالدفاع والأمن على حساب النفقات الخاصة بالرعاية الصحية والاجتماعية، ولذلك نلاحظ مدى التفاوت بين هذه الدول والدول الخليجية، حيث ترتفع العائدات المالية الضخمة بسبب وجود النفط، ناهيك عن الاستثمارات الأجنبية، وبالتالي يمكن للمواطن أن يحصل على أفضل الخدمات الصحية، بسبب اهتمام الدول وزيادة الإنفاق على هذا البند. ويبين لـ "العربي الجديد": أن زيادة الإنفاق على الرعاية الصحية يعد مؤشر إيجابياً لسمعة الدولة في المجتمع الدولي، ولذا يتطلب من الدول العربية توجه الاستثمارات إلى القطاع الصحي والاستفادة منه لخدمة المواطن.

اقرأ أيضا: الفساد ينهش القطاع الصحي الليبي
المساهمون