الليبيون: فقر وتشرد وأسعار جنونية

03 يونيو 2015
الفقر في ليبيا يدفع المواطنين إلى الاستدانة المتواصلة (Getty)
+ الخط -
يقف عبدالله محمد صالح، الموظف في إحدى المؤسسات الحكومية الليبية، أمام فرع مصرف الجمهورية في منطقة الظهرة وسط العاصمة الليبية طرابلس منذ حوالي أسبوعين، من أجل الحصول على معاشه، وذلك بعد تأخر صرف راتبه لمدة ثلاثة أشهر. ويقول عبدالله، البالغ من العمر أربعين عاماً ويعيل أسرة مكونة من خمسة أبناء، إنه يعيش في ظروف اقتصادية صعبة، في ظل ارتفاع أسعار الإيجارات والتي تصل إلى 500 دينار للاستوديو الصغير، بينما سعرها في الأوقات العادية في حدود 300 دينار.

ويشير صالح إلى أن الأسعار ارتفعت بشكل جنوني، ولا سيما أسعار السلع الأساسية والتي لم توزع عبر الجمعيات الاستهلاكية مند مطلع العام، ومن ثم رفع عنها الدعم بشكل مفاجئ. وحول تدبير شؤونه المالية، يقول صالح إنه أسس مع مجموعة من الموظفين ما يسمى محلياً بالجمعية، حيث يدفع كل شخص مبلغا ماليا معينا، ثم يعطى المبلغ الإجمالي لشخص واحد، بحسب الاتفاق فيما بينهم، كل شهر. ويعلل سبب ذلك لتوقف منح السلف المالية من المصارف منذ العام الماضي، حيث لم يعد يوجد خيارات للمواطن، سوى تكوين جمعيات، والشراء بالدين من المحلات التجارية.

اقرأ أيضا: الليبيون يعودون إلى الزمن الغابر

وفي جولة ميدانية على مختلف المحلات التجارية في طرابلس، تلحظ "العربي الجديد"، أن غالبية هذه المحلات تتعامل بالدين مع المستهلكين، وذلك بسبب ضعف القدرة الشرائية للمواطنين.


ويقول علي حمودة، وهو مورد سلع وصاحب سوق سراج للتسوق، إن الحركة التجارية ضعيفة جداً بسبب الأوضاع الاقتصادية في البلاد. ويشير إلى أنه كان يستورد حاوية للسلع الغذائية أسبوعياً، وحالياً يستورد حاوية واحدة على مدى شهر كامل، كما أن المصرف المركزي لا يطرح الدولار في السوق مند مطلع العام الحالي، وغالبية الموردين يشترون الدولار من السوق السوداء بدينارين لكل دولار واحد.

كما يؤكد أن غالبية المُشترين عبارة عن جمعيات خيرية تقوم بإعطاء السلع الغذائية للأسر النازحة، ولا سيما حليب الأطفال الذي ارتفع سعره إلى الضعف من 7 دنانير إلى 14 ديناراً للعبوة الواحدة.

ويقول نائب رئيس الغرفة التجارية في طرابلس، سالم القروي، إن هناك كسادا اقتصاديا في البلاد، والحركة التجارية ضعيفة جداً. وبحسب آخر دراسات للمجلس الوطني للتطوير الاقتصادي، وصل خط الاحتياج إلى نحو 500 دينار ليبي للشخص الواحد شهرياً، بينما كان 350 ديناراً، أما معدل الفقر فتخطى 30%.

اقرأ أيضا: الإنفاق غير المتوازن في ليبيا يهدد استقرار المالية 

ورفع نظام القذافي معدلات الأجور إلى 450 ديناراً ودعم 12 سلعة، في محاولة منه لإخماد التظاهرات الشعبية في البلاد في فبراير/شباط 2011، ولا تزال الأجور عند ذات السقف، ولم ترتفع بعد أربع سنوات من الثورة الليبية، نتيجة الأوضاع الأمنية التي تشهدها البلاد، وتراجع إيرادات النفط التي تشكل 98% من الموازنة العامة.


وتفاقمت الأوضاع المعيشية حالياً، بحيث يقف المواطن في طوابير طويلة للحصول على رغيف الخبز المدعوم وأسطوانة الغاز والوقود، إضافة إلى انتشار ظاهرة الطوابير أمام المصارف. ويتزامن ذلك مع نزوح أكثر من نصف مليون شخص من منازلهم، بحسب جمعية الهلال الأحمر الليبية من مناطقهم منذ مايو/أيار من العام الماضي.

وتقول هيئة الرقابة الإدارية التابعة للمؤتمر الوطني العام، إن هناك 15173 أسرة ليبية في مناطق الاشتباكات غرب ليبيا لا تتوافر على سكن ملائم ولا الحد الأدنى لمتطلبات العيش الكريم، مع عزوف أبناء النازحين عن الالتحاق بالدراسة بسبب الأوضاع المعيشية. وتشير إلى تشرد 160 عائلة ليبية، حيث تقطن عند حطام باب العزيزية بلا مأوى.

وتتوقع أغلب التقارير الدولية، انكماش الاقتصاد الليبي بنسبة تتجاوز 20% خلال العام الحالي. وكان مصرف ليبيا المركزي أعلن في يناير/كانون الثاني الماضي، عن إجراءات تقشفية، خشية حصول عجز حاد في موازنة 2015، داعياً إلى محاربة الفساد، وإعادة النظر في سياسة الدعم.
المساهمون