الفقر "أُمُّ الأزمات" في مصر ولو بعد عشر سنوات

17 يونيو 2015
لا نمو سياحيّاً بلا استقرار (Getty)
+ الخط -
تفاقم في معدلات البطالة؛ ارتفاع متواصل في الأسعار؛ انقطاع مُتكرر في التيار الكهربائي؛ نقص إمدادات الطاقة للمصانع؛ تآكل الرقعة الزراعية؛ زيادة الاعتماد على الخارج في تأمين الحاجات الغذائية؛ تراجع مصادر النقد من العُملات الأجنبية؛ اضطراب مُعدلات النمو الاقتصادي... كُلها قضايا تشغل بال أية إدارة في مصر عند التفكير في مُستقبل البلاد الاقتصادي.

فكيف يمكن تصوّر مُستقبل مصر الاقتصادي خلال السنوات العشر المقبلة؟ في قراءة للمؤشرات العامة، لا يبدو أن الكثير من التغييرات سيطال البنية الاقتصادية والمجتمعية في مصر.


من بين الأزمات العديدة التي تعيشُها مصر، يُلقب الفقر بأُمِّ الأزمات، إذ تُقدر بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء نسبة المواطنين الذين يعيشون أسفل معدل الفقر بنسبة 26%، في حين أكدت تقارير صادرة عن الأُمم المُتحدة أن مُعدلات الفقر تتجاوز 40%. "مُعدلات الفقرِ مُرشحة للتزايد خلال السنوات العشر المُقبلة"، يقول الخبير الاقتصادي، محمد رأفت، الذي يردّ هذه التوقعات إلى الزيادة المُستمرة في الأسعار، الأمر الذي يعكسه مؤشر التضخم. فالمؤشر ارتفع إلى 11.8% نتيجة تحرير أسعار الطاقة والكهرباء ومن ثم ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمواصلات وتكاليف النقل.

في المقابل، يضيف رأفت، لا تشهد الرواتب تطوراً مُماثلاً في النمو، بل يقبع الحد الأدنى للأجور عند 157 دولاراً أميركياً، وهو الحد الذي يعيش عنده ملايين العُمال والموظفين بمصر.

اقرأ أيضا: مخصصات المسؤولين كفيلة بإنهاء الفقر في مصر

وبناءً على هذه المُعطيات، من المُرجح تجاوز مُعدلات الفقر 30% في 2025 في حال التسليم بالإحصاءات الرسمية.

و"إذا تمت مكافحة الفساد وتشجيع الاستثمار، سيحقّق الاقتصاد نمواً تدريجياً خلال السنوات المُقبلة، يصل إلى 6%"، وفقاً لرأفت، مما يمكن أن يخلق فرص عمل للخريجين الجُدد. ولكن رأفت يرى أن الأمر ليس باليسير، فهذا النمو يتطلب جذب استثمارات أجنبية سنوية لا تقل عن 10 مليارات دولار، في حين أنها لم تتخطّ 4.1 مليارات دولار خلال عام 2013-2014.
وفي ظل استقبال سوق العمل 750 ألف خريج سنوياً، تبقى أزمة البطالة الصداع المزمن في رأسِ الشباب المصري اليوم، وكذا الأجيال المقبلة. تقول الباحثة في شؤون الاقتصاد الكُلي، مريم كامل، إن "معدل البطالة ارتفع بوتيرة مُتسارعة خلال 5 سنوات حتى قفز من 8% في 2011 إلى 13.4% مطلع العام الحالي". لكنها مع ذلك تتوقع انخفاضاً في معدلات البطالة في حال دخول استثمارات جديدة للبلاد.


في المقابل، تفرض التقلبات التي تطرأ على المشهد سطوع نجوم قطاعات اقتصادية، وتضاؤل مُساهمة قطاعات أخرى في الناتج المحلي الإجمالي، أو ما يتم إنتاجه داخل حدود الدولة.

يقول الخبير الاستثماري، أيمن إسماعيل، إن مشاريع الطاقة وكل قطاع يعتمد على الاستهلاك المُباشر سيتمتع بفُرص نمو نظراً للزيادة السكانية السريعة، مثل الصناعات الغذائية والملابس، إلى جانب القطاعات الخدمية. إلا أن الصناعات الثقيلة مثل الحديد والإسمنت وكذلك الاتصالات لن تشهد طفرة بسبب تشبّع السوق.

"لا توجد مؤشرات واضحة على نمو مُساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي بسبب تآكل الرقعة الزراعية، وتباطؤ خطة استصلاح المليون فدان"، يقول إسماعيل، مشيراً إلى أن الرؤية الضبابية تُسيطر أيضاً على مُستقبل السياحة التي تتطلب استقراراً للأوضاع الأمنية والسياسية. ولم تتخطّ إيرادات السياحة 7.5 مليارات دولار خلال العام الماضي، مع توقعات باستمرار تراجعها في السنوات المقبلة.
المساهمون