قانون اللعب المالي النظيف... بين الرقابة والعقوبات

02 اغسطس 2017
راتب نيمار ضخم مع النادي "الباريسي" (Getty)
+ الخط -

تحدثت الصحف الرياضية العالمية في صفقة انتقال البرازيلي نيمار إلى فريق باريس سان جيرمان الفرنسي عن القيمة المالية الضخمة وقانون اللعب المالي النظيف الذي ينصُ عليه الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، ما هو هذا القانون وكيف يعمل ويُطبق في كرة القدم الأوروبية.

وضع الاتحاد الأوروبي قانون اللعب المالي النظيف لكي يُنظم العلاقة بين الأندية على الصعيد المالي من أجل تطوير كرة القدم وتطوير الأندية الصغيرة قبل الكبيرة، ومنحها فرصة للمنافسة عبر شراء لاعبين وعدم السماح للأندية الكبيرة بحصد كل شيء في السوق.

بداية القانون
وافق الاتحاد الأوروبي لكرة القدم على قانون اللعب المالي النظيف في عام 2010 وبدأ تطبيقه بشكل رسمي في عام 2011. ومنذ ذلك الحين أصبحت مسؤولية الأندية الأوروبية في البطولات القارية كبيرة لجهة التعاقدات والصرف والأرباح في كل موسم كروي، ومن أبرز سمات القانون هو مراقبة الأندية وكيفية دفع المستحقات وكيف تُحقق الأرباح المالية من دون تهرب منعاً للفساد.

ومنذ عام 2013 أصبحت الأندية الأوروبية مجبرة على خلق توازن بين المصاريف والأرباح، وبالتالي منعت الأندية من السقوط في الديون. وأعلنت هيئة الرقابة المالية للأندية آنذاك عن منح سنة لكل فريق لتسوية أوضاعه المالية، وسيجري في كل عام دراسة مالية لكل نادٍ وإصدار تقرير خاص يكشف الواردات والصادرات وغيرها.

وبحسب القانون يحقُ لكل نادٍ أن يخسر نحو خمسة ملايين يورو سنوياً كحد أقصى على مدى ثلاث سنوات، ويجب تغطية هذا المبلغ بعد نهاية فترة السماح (ثلاث سنوات) من رئيس النادي أو مجلس الإدارة، وذلك منعاً لتراكم المبلغ ودخول النادي في أزمة مالية ترفع من حجم ديونه. في المقابل اعتبر الاتحاد الأوروبي أن الترويج والاستثمار في الملعب وملاعب التدريبات، بالإضافة إلى برامج تطوير الفئات العمرية، لا تدخل في حسابات اللعب المالي النظيف.

وفي حال خرق نادي كرة قدم القوانين فإن الاتحاد الأوروبي لا يقصيه من المنافسة فوراً بشكل مفاجئ، لكن تتم دراسة وضع الفريق من الألف إلى الياء وذلك لمعرفة أسباب خروجه عن القانون والأسباب التي أدت إلى وقوعه في الديون، وهناك كثير من العقوبات التي نص عليها القانون: إنذار، غرامات مالية، خصم للنقاط، حجز على الإيرادات، حظر على عدد اللاعبين الذين يمكن تسجيلهم في موسم واحد، إقصاء من المسابقات الأوروبية، تجريده من الألقاب.

الإيرادات والتسجيل الرسمي
في حال قرر رئيس النادي إدخال الأموال إلى فريقه عبر شركة دعائية يمتلكها، فإن الاتحاد الأوروبي يُحقق في الأمر، وإذا لزم الأمر يطلب كشفاً مالياً مفصلاً من النادي لمعرفة القيمة الحقيقة للصفقة والأموال التي ستدُرها هذه الشركة للفريق المُحدد. وينصُ القانون على أن أي شركة دعائية يمتلكها رئيس النادي تُمثل نحو 30% من قيمة أرباح الفريق السنوية، لأنها تعتبر شركة فاعلة ومُمولة للنادي.

في المقابل كل فريق يُشارك في بطولة دوري أبطال أوروبا أو الدوري الأوروبي يحتاج إلى تصريح رسمي من الاتحاد الأوروبي، وهذا التصريح يشمل تقريراً مالياً مُفصلاً متعلقاً بقانون اللعب المالي النظيف، إذ يقدم كل فريق كل الأوراق والمستندات الرسمية.

وبحسب القانون فإن أي فريق يعاني من مشكلة الديون، يجب عليه أن يستوفي الشروط المطلوبة وحل مشكلة الديون سريعاً، لكيلا يجد نفسه خارج المسابقات الأوروبية، وهناك سقف مُحدد لكل فريق بحسب قوته المالية في السوق.

ولا يهدف هذا القانون لمنح الأندية الصغيرة فرصة للتفوق على الأندية الكبيرة، وذلك لأن السوق مختلف وكل فريق له خصائص مُحددة لا يمكن تغييرها. بل يهدف القانون لخلق توازن في القوى ومنح الأندية الصغيرة لتطوير العمل والإدارة وعدم التفكير في موسم واحد فقط، بل العمل على المدى الطويل والاستثمار من أجل منافسة الكبار في المستقبل.

الصفقات وتسجيل اللاعبين
يضع الاتحاد الأوروبي رقابة كبيرة على قيمة الصفقات واللاعبين المُسجلين في كل نادٍ قبل كل موسم، إذ يعتمد "التشكيلة أ"، والتي يوجد فيها جميع اللاعبين الذين سيشاركون في البطولات الأوروبية لهذا الموسم، ويجب ألا تكسر هذه التشكيلة قانون اللعب المالي النظيف وفقاً لسعر كل لاعب موجود في التشكيلة بحسب قيمة الصفقة التي دفعها الفريق.

وينصّ قانون اللعب المالي النظيف على ألا يجري الفريق صفقة بقيمة 200 مليون مثلاً وأرباحه لا تتخطى الـ 200 مليون، فهذا الأمر يُحدث خللاً كبيراً في سوق الانتقالات وتحقق الأندية الكبيرة ما تريد بسبب امتلاكها المال الوفير وعدم اكتراثها للقيمة التي ستدفعها في السوق.

مثلاً فريق حقق أرباحاً مالية في عام 2017 بنحو 500 مليون دولار أميركي، وعليه أن يدفع مصاريف لاعبين ومصاريف نادٍ وغيرها بنحو 350 مليون يورو، فإن الربح الصافي يكون نحو 150 مليون يورو، لا يمكن لهذا النادي التعاقد مع لاعبين بقيمة تتجاوز الـ 150 أو الـ 180 كحد أقصى (تُحدد قيمة الديون بحسب كل دوري وحسب كل نادٍ وقوته المالية في السوق)، وذلك لأنه في حال قرر شراء لاعبين بقيمة 200 مليون سيدخل في عجز بقيمة نحو 50 مليون يورو.

وفي هذا الإطار حقق باريس سان جيرمان في عام 2016، 578 مليون دولار أرباحاً بحسب مجلة "فوربس" الاقتصادية"، وسيدفع الآن نحو 222 مليون يورو لصفقة نيمار من دون احتساب الراتب السنوي والمنتفعات وغيرها، هذا عدا عن مصاريف الفريق ورواتب اللاعبين الآخرين، وهو الأمر المستحيل تحقيقه في ظل سقف يصل إلى 578 مليون فقط.

دلالات
المساهمون