فاجأت إدارة مانشستر يونايتد الإنكليزي جميع الجماهير الرياضية، قبل فترة من الزمن، يوم أعلنت قيامها بالتوقيع مع الموهبة العاجية آمادا ديالو صاحب الـ(18 عاماً)، مقابل 19 مليون جنيه إسترليني، وهو مبلغ مؤهل إلى الارتفاع في حال تقديم الشاب الأداء الكبير مع "الشياطين الحمر".
وأعادت صفقة صاحب الـ(18 عاماً) غير المعروف بشكل كبير في عالم كرة القدم، الذكريات لجماهير "الشياطين الحمر"، الذين قاموا بإبداء استغرابهم، عندما قام المدرب الأسطوري السير أليكس فيرغسون بجلب البرتغالي كريستيانو رونالدو من سبورتينغ لشبونة عام 2003، وهو الذي كان يومها لاعباً مغموراً وغير معروف على الساحة.
وبرّر السير فيرغسون حينها لجماهير مانشستر يونايتد، أن الإدارة أنفقت 12.24 مليون جنيه إسترليني، مقابل الحصول على كريستيانو رونالدو، لأنه قدّم موسماً كبيراً مع ناديه السابق في الدوري البرتغالي الممتاز.
لكن ديالو لم يلعب سوى 4 مواجهات فقط مع نادي أتلانتا في 4 مرات فقط بالدوري الإيطالي، وأحرز هدفاً رائعاً في المباراة ضد أودينيزي في شهر أكتوبر/تشرين الأول عام 2019، إلا أن المدرب جيان بييرو غاسبريني لم يقتنع به، ليقرر لاحقاً عدم منحه المزيد من الفرص.
وعلى عكس المدير الفني لنادي أتلانتا الإيطالي، بقي كشافة مانشستر يونايتد والصحافيون، يتابعون النمو الكروي للموهبة العاجية، وتابعوا تطوره بشكل مركز، حتى وصلوا لخلاصة تقول بأنهم وجدوا نجماً مستقبلياً كبيراً، لديه قدر واسع من الانضباط والإخلاص للوصول للقمة.
وأكّد الصحافي جوليو يانيز غيدوتي، الذي يعمل مراسلاً لصحيفة " ليكو دي بيرغامو" الإيطالية، والمتابع لكل مواجهات فريق الشباب في نادي أتلانتا، بأن آمادا ديالو يمتلك الحمض النووي للكرة نفسها، بحسب ما ذكرته شبكة "بي بي سي" البريطانية.
وولد آمادا ديالو في مدينة أبيدجان بساحل العاج في عام 2002، وظهرت موهبته الكروية عندما كان طفلاً، الأمر الذي دفع والديه إلى ترتيب إجراءات سفره مع شقيقه إلى إيطاليا، من أجل صقل وتنمية ما يتمتع به آمادا. وتُعد محطة ديالو الأولى في بوكا باركو الأهم في مسيرته، لأنه لعب مع نادٍ صغير للهواة في شمال إيطاليا، واستطاع لفت الأنظار إليه، ما جعل دينيس سيرليني مدرب الشباب في الفريق يعترف بقوله "لم نكتشف آمادا. لقد جاء إلينا، وما حصل لنا ضربة حظ كبيرة".
ويعود سر تألق آمادا ديالو إلى تعلمه اللغة الإيطالية بسرعة بعد عدة أشهر من قدومه للبلاد، ما جعله يُكون صداقات مع زملائه في الفريق، بالإضافة للموهبة الكروية التي يتمتع بها، وسرعته الكبيرة، وتقنية رائعة لتسديد الكرات بقوة.
تصميم ديالو جعله محط اهتمام جيوفاني غالي حارس مرمى السابق، الذي لعب في أندية فيورنتينا، وميلان، ونابولي، ونجم منتخب إيطاليا، الذي خاض معهم بطولة كأس العالم التي أقيمت في المكسيك عام 1986.
وعن سبب اهتمام جيوفاني بالموهبة العاجية، قال: "لقد طلب مني أحد الأصدقاء متابعة موهبة جديدة سيكون لها شأن في المستقبل، وبعده انتهاء التدريب طلبت من آمادا خوض تجربة الأداء مع الفريق الذي كنت أعمل فيه، وهو لوتشيز الذي كان ينافس في الدرجة الثالثة بذلك الوقت".
يعود سر تألق آمادا ديالو إلى تعلمه اللغة الإيطالية بسرعة بعد عدة أشهر من قدومه للبلاد
وتابع "لقد رأيت الجودة الكبيرة التي يمتلكها الصغير، بعد أن دفع اللاعبين الأكبر منه سناً إلى الجنون بسبب مراوغاته الرائعة، لذلك سارعت بعدها إلى التواصل مع أندية الدرجة الأولى في إيطاليا، من أجل إبلاغهم عن ما شاهدته، وأذكر بأنني تحدثت مع المدير الرياضي لفريق أتلانتا وحصلوا عليه في النهاية".
وبعد وصول الموهبة العاجية إلى أتلانتا في عام 2015، أصبح الصغير ديالو أحد النجوم البارزين في الأكاديمية، وساهم بفوز الفريق تحت 15 عاماً باللقب، رغم أنه كان يبلغ سن الـ(13)، ما جعله يصعد بسرعة للفريق تحت 19 عاماً، واستمر بتقديم أفضل ما لديه، ونجح بخطف اللقب في عام 2019.
ونتيجة للتقارير الكثيرة التي رفعها الجهاز الفني لفريق تحت 19 عاماً إلى المدرب غاسبريني، قرر الأخير رؤية ما يقوم به آمادا ديالو في أحد التدريبات للفريق الأول، وتفوق على الأكبر منه سناً مرة أخرى، حتى أن قائد أتلانتا، بابو غوميز، كشف بأنهم شعروا بالصعوبة الكبيرة في طريقة إيقاف العاجي، ما دفعهم لعرقلته بقوة، حتى يتوقف عن مراوغاته.
ومع تنامي شهرة الصغير ديالو في أتلانتا، اهتمت وسائل الإعلام الإيطالي به، وأصبحت توجه مراسليها بضرورة التوجه إلى التدريبات التي يتواجد فيها العاجي، من أجل رؤية ما يفعله، وهل يستحق المتابعة، أم أن الفريق هدفه الترويج لنجمه؟
وكشفت أندريا لوسابيو، الصحافية في "كوريري ديلو سبورت" الإيطالية، عن انطباعها الأولي عندما شاهدت آمادا ديالو بقولها "إنه مبدع ويتمتع برؤية واسعة للملعب، ولديه مهارة كبيرة في المراوغة، بالإضافة إلى عدم أنانيته وتفضيله اللعب الجماعي، ويمكنه اللعب في أي مكان عبر خط المواجهة، وشراكته مع ديجان كولوسيفسكي (لاعب يوفنتوس في الوقت الحاضر) كانت رائعة.
أما مراسل صحيفة "توتو سبورت" الإيطالية، جيوردانو سينيوريلي، فقال "ديالو هو بالتأكيد أحد أكثر لاعبي كرة القدم إثارة في عصره. لم يخف في أول ظهور له في الكالتشيو، ولعب بشكل جيد للغاية في أول ظهور له أيضاً في دوري أبطال أوروبا ضد نادي ميتييلاند". وتابع: "آمادا ديالو موهوب تقنياً للغاية، لكنه يفتقر إلى بعض الصفات الجسدية. أعتقد أنه يمكنه التغلب على هذه المشاكل إذا عمل عليها بشكل كبير، والأجهزة الفنية في مانشستر يونايتد ستكون قادرة على فعل ذلك".
ويأتي حديث أبرز الصحافيين الرياضيين في إيطاليا عن ديالو، ليؤكد أن مانشستر يونايتد استطاع إحياء ذكرى توقيعه مع رونالدو في عام 2003، رغم الشكوك الكبيرة حينها، لكن "صاروخ ماديرا" أثبت العكس، فهل يسير آمادا على نفس الطريق، ليصل إلى القمّة يوماً ما؟