قبل فترة من الزمن، أعلن عن المرشحين الثلاثين لجائزة الكرة الذهبية، وبدأ كلّ طرف يشد للاعب الذي يراه مناسباً. اليوم نستعرض حظوظ كلّ لاعب في حصد هذه الجائزة الفردية، في سلسلة تحاكي الأسباب التي تعطي كلّ لاعب بعض الحظوظ، على أن تبقى ضمن أبرز المرشحين لذلك.
عندما تم الكشف عن القائمة المختصرة لمرشحي الكرة الذهبية هذا العام، أصيب العديد من المتابعين بالصدمة والذهول، لم يكن فيديريكو كييزا حتى بينهم، تم استبعاده بشكلٍ غريب، مع ذلك حتى لو تم إدراج جناح يوفنتوس وإيطاليا في القائمة المكونة من 30 لاعباً، فإنه لا يزال بعيدًا عن استحقاق التواجد في المراكز الثلاثة الأولى، لكن هل يشكك أحد أن زميله في منتخب إيطاليا جورجينيو، لاعب تشلسي الإنكليزي، ليس جديراً بذلك؟ هنا بعض الأسباب التي تجعل متوسط نابولي السابق مرشحاً حقيقياً.
الطريق مع تشلسي في الأبطال
لم يبدأ جورجينيو 12 مباراة فقط من أصل 13 لقاء مع تشلسي، في طريقه لتحقيق لقب دوري أبطال أوروبا على حساب مانشستر سيتي الموسم الماضي، لكن كان في العديد من المناسبات سبباً في حصول البلوز على اللقب الثاني في تاريخه.
ربما لو لم يتم إيقاف جورجينيو في إياب دور الـ16 ضد أتلتيكو مدريد بسبب تراكم البطاقات الصفراء، لأتم جميع المباريات من دون عناء.
لكن بصرف النظر عن تلك المباراة، لم يفوت أبدًا أي بداية لقاء، ولم يلعب أقل من 65 دقيقة في أي مواجهة. في الواقع، لعب 90 دقيقة كاملة في جميع مباريات خروج المغلوب التي بدأها، وتم استبداله في وقت متأخر ثلاث مرات في مرحلة المجموعات. لم يخض أي لاعب آخر في تشلسي عدد دقائقٍ أكثر من المايسترو الإيطالي المولود في البرازيل، بطبيعة الحال كان الحارس إدواردو ميندي أكثر منه، لكن كلاهما تجاوز حاجز الـ1000 دقيقة.
إيطاليا بدونه لن تفوز
يتكرر نفس الحديث، عند النظر إلى أهمية جورجينيو بالنسبة لإيطاليا والمدرب روبرتو مانشيني، بعدما حقق الأزوري لقب يورو 2020 الصيف الماضي. كان جورجينيو مرة أخرى صاحب أكبر عدد من الدقائق على أرض الملعب في المسابقة بأكملها، حيث بدأ جميع مباريات إيطاليا السبع، وخرج مرة واحدة فقط بعد 75 دقيقة ضد ويلز في المباراة الثالثة بمرحلة المجموعات التي لم تكن ذات أهمية.
كانت خطة التناوب بين جميع اللاعبين قائمة وحاضرة في تشكيلة المدرب مانشيني، باستثناء الحارس جيانلويجي دوناروما وجورجينيو، الذي قطع أكبر مسافة (ركضاً) بين جميع اللاعبين في بطولة أمم أوروبا 2020، بما في ذلك الإنكليزي كالفين فيليبس الذي جاء في المركز الثاني. ووصل لاعب خط وسط هيلاس فيرونا السابق إلى دقة تمرير مذهلة بلغت 93%، وأكمل 497 تمريرة طوال البطولة، وهو أكبر عدد من تمريرات بين لاعبي خط الوسط، كما يحتلّ المركز الثاني في الترتيب العام بعد المدافع الإسباني لابورت.
إنهاء التحيّز لخاطفي الأضواء
بطبيعة الحال، يقيس عدد هائل من الجماهير تألق اللاعب بعدد أهدافه، ومن الطبيعي أن تقلّ الأضواء حول اللاعب الذي تنخفض نسبته في هذه الناحية. بعد لاعبي الهجوم، يركز أحياناً المناصرون اهتمامهم إلى حراس المرمى ومن ثم المدافعين، لكن ينبغي أن يشمل الاهتمام لاعبي الوسط، الذين ربما لا يسجلون الأهداف، لكنهم يساعدون في تقديم الإضافة أيضاً، مثل جورجينيو، الذي يثبت جودة لا تقدر بثمن وتؤدي بشكلٍ مباشر إلى الألقاب.
جورجينيو هو العقل المدبر والمخطط الذي يقف وراء بناء العديد من الهجمات، الذي يجيد حتمًا خلق المساحات وقراءة حركات اللاعبين، ويقودهم للتمركز الصحيح، مما يؤدي إلى التمريرات والأهداف بعدها. يمكن اعتبار جورجينيو القلب النابض الذي يقدم الإيقاع المطلوب، هو صاحب الفضل في هيمنة الفريق في الوسط على خصمه. دفاعياً، يعتبر رجل تشلسي نقطة مرجعية لزملائه في الفريق، وهذا الأمر كان واضحاً مع المدرب الألماني توماس توخيل ومنطقة إيطاليا، كما تراه دائماً يستلم الكرة ليكون المبادر.
إيطاليا تستحق على مستوى خط الوسط
لم يفز أي لاعب وسط إيطالي بجائزة الكرة الذهبية منذ جياني ريفيرا في عام 1969، حتى حين توج بها روبرتو باجيو عام 1993، كان يلعب في مركز متقدم هجومياً، لذا هو لا يعتبر لاعب وسط كجورجينيو. عام 1969 منحت الكرة الذهبية لجياني ريفيرا بفضل أدائه المتميز وقيادة ميلان للقب دوري أبطال أوروبا. وفي عام 2006 حظي المدافع فابيو كانافارو بالمجد الذهبي الفردي، حين حقق منتخب الأزوري لقب كأس العالم في عام 2006 على حساب فرنسا.
صحيح أن إنجاز كانافارو كان مهماً، لكن أمثال فرانكو باريزي أو جيجي بوفون أو باولو مالديني أو أليساندرو ديل بييرو أو بيرلو أو فرانشيسكو توتي لم يحققوا ذلك. في عام 2021 كان جورجينيو اللاعب الأكثر أهمية لإيطاليا وتشلسي عندما فاز بيورو 2020 ودوري أبطال أوروبا على التوالي، معادلاً إنجازات العديد من الأساطير، صحيحٌ أنه ليس أفضل من باجيو أو ريفيرا، لكن الإنجازات تخوله ليكون معهما في نفس المسار.
لا أحد أفضل منه؟
أثارت قصة جورجينيو على مواقع التواصل الاجتماعي بين الجماهير انقساماً كبيراً، خاصة مع محبي الأرجنتيني ليونيل ميسي. المشكلة في الكرة الذهبية أنها بدون معايير، البعض يرى أن الإنجاز الفردي بدون ألقاب للاعب أو بطولة يتيمة كافية لتتويجه، فيما يرشّح آخرون اللاعب المتألق ضمن المعقول مع إنجازات وبطولات أكثر كحال جورجينيو المجتهد.
يدافع محبو جورجينيو عنه، باعتبار أن ميسي حقق لقب كوبا أميركا مع وصول 8 من أصل 10 منتخبات إلى ربع النهائي من دور المجموعات، فيما لم يظفر بأي شيء مع النادي، واحتل المركز الثالث في الدوري الإسباني.